فلوريس.. فردوس إندونيسيا السّاحر

798

جاكرتا، إندونيسيا اليوم – إذا كنت من عشاق الوجهات السياحية الفريدة، سواء كانت بحرية أم برية، وأحببت اكتشاف جزر مترامية هنا وهناك، أو كنت من هواة صعود الجبال البركانية ودخول الكهوف المحفورة فيها، فننصحك بزيارة إندونيسيا فور أن تسنح لك الفرصة.

لعل عناصر الجذب السياحي البارزة والمحيطة بإحدى أشهر جزر إندونيسيا وهي «جزيرة فلوريس»، هي ما جعلها تمثل وجهة سياحية فريدة توازي بشهرتها أهم جزر هذا البلد الجميل، مثل جزيرة «بالي» و«جاوة» في الشرق.

تعتبر الجزيرة لوحة فنية رائعة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فهي تضم العديد من المشاهد والفصول لكي ترويها للزائرين كشريط سياحي مصور مأخوذ عن فيلم خيالي.

بداية من المناظر الخلابة التي ما زالت على طبيعتها دون أن تمسها الأيدي البشرية، وحتى فرص الاستمتاع بالغوص والسباحة، إلى الاسترخاء على الشواطئ الرملية الرائعة، ومشاهدة «تنين كومودو» الشهير، وغيرها الكثير من النشاطات الترفيهية المذهلة.

يعد الشاطئ الوردي أحد الأماكن الجميلة لجزيرة فلوريس، والذي يجب أن يكون على جدول البرنامج عند التخطيط للسفر، إذ يتميز هذا الشاطئ الرملي الأقرب للخيال بلون وردي نادر يشكل انعكاساً مميزاً للألوان مع المياه اللازوردية المحيطة. فلا تتردد في قضاء يوم صيفي بامتياز على رمال هذا الشاطئ.

على الطرف الغربي وبمقربة من «فلوريس» تقع بلدة «لابوان باجو» الجميلة جداً، والمشهورة بأنشطتها في صيد الأسماك والغطس، حيث يوجد فيها أكثر من عشرين متجراً للغوص والصيد، إضافة إلى انتشار المطاعم والفنادق الجيدة.

رمز سياحي

وتعتبر هذه المدينة رمزاً سياحياً في البلاد، لا بل ونقطة عبور استراتيجية أيضاً للعديد من الأماكن والجزر والجبال المحيطة، فيستطيع كل من يرتادها، وبعد قضاء وقت قصير، الانطلاق منها إلى جزيرة فلوريس. وقد انعكس الازدهار السياحي للمدينة إيجاباً على الجزيرة نفسها، وزاد من شهرتها.

وتضم المدينة مطار «كومودو» الذي يتمتع بتصميم غريب، وتم افتتاحه عام 2013، ويقصده الوافدون إلى «لابوان باجو» من كل مكان، حيث تنتشر فيه صور ومجسمات عملاقة لتنين كومودو الشهير، فتشعر للحظة كأنك داخل فيلم «جوراسيك بارك». ويشكل وجود مرافئ ومحطات مائية في المدينة صممت خصيصاً لاستقبال المئات من اليخوت والسفن السياحية أمراً جيداً وفعالاً.

على ضفاف شاطئ «ويسيكو»، يقع منتجع «إيانا كومودو»، ذو الخمس نجوم، والذي يعد جزءاً من البنية التحتية المصممة لجعل جزيرة «فلوريس» على واجهة السياحة العالمية، حيث يطل رصيف خشبي طويل من المنتجع يمتد إلى البحر، ستشهد من هناك لوحة فنية طبيعية لأشعة الشمس لحظة الغروب، وهي تنشر خيوطها الذهبية على الرمال والجزر الصغيرة المنتشرة عبر الأفق على شكل شرائح الشوكولاتة.

يركز النشاط التجاري هناك على جزيرة «كومودو» وحديقتها الوطنية، والتي تعتبر الموطن الأصلي لتنين كومودو الأسطوري، أكبر سحلية في العالم، ونجم السياحة في «فلوريس» بلا منازع، والذي أسهم بالتأكيد في تثبيت هذا المكان على خريطة السياحة الدولية. فترى الجميع يأتون إلى تلك الحديقة لمشاهدة هذه التنانين والعديد من الحيوانات البحرية الأخرى، حيث تعد هذه الحديقة إحدى أكثر الأماكن البحرية تنوعاً على وجه الأرض، وموطناً أيضاً للسلاحف البحرية والحيتان والدلافين.

جبال بركانية

وتشتهر جزيرة «فلوريس» أيضاً بجبالها البركانية المذهلة، ومنها جبل «كيليموتو» والذي يضم في طياته، وبرسم أقرب للخيال، ثلاث بحيرات تتغير ألوان مياهها حسب النشاطات البركانية الدفينة، وتشكل هذه البحيرات مع الجبل جانباً مضيئاً آخر للمعالم السياحية البارزة في المنطقة وقوة جذب منقطعة النظير للزوار من كل مكان حول العالم.

وتعد «فلوريس» موطناً لعدد كبير من القرى القبلية التي تجسد الاهتمام بالسياحة الثقافية والعرقية. ومن خلال رحلة برية قصيرة من «لابوان» ستلاحظ انتشاراً كبيراً لهذه القرى الأصيلة مثل قرية «تولوليلا» المشهورة بأكواخها المصنوعة من القش، والتي تمثل التراث الشعبي الغني بالعادات والتقاليد وفنون النسيج الرائعة، فهذه الصناعة تتوارثها الأجيال، وتعتبر فرصة للحصول على الهدايا التذكارية. وزاد من قيمة المنطقة وأصالتها أيضاً وجود سلسلة من الكنائس والمساجد ذات طراز معماري رفيع يحاكي البيئة المتواجدة هناك.

وإذا توجهت جنوباً، فستمر بقرية «بينا»، وهي قرية تراثية محاطة بغابة كثيفة، وتتكون من صفين من المنازل التقليدية.

خلال تجوالك في هذه القرى الصغيرة سوف تنعم وتستمتع كثيراً بطعم الحياة البسيطة الهادئة، وتتذوق المأكولات المحلية التقليدية بعيداً عن صخب العالم الحديث.

ولا يزال يقطن هذه القرى سكانها المحليون الأصليون منذ مئات السنين، ومعروف عنهم اللطافة والود وحسن الضيافة، لدرجة تشعر فيها وكأنك في بلدك، وذلك من شدة المحبة والوئام والتعايش بين السكان في فلوريس والقرى المحيطة.

كهوف منبثقة

وفي الجوار، وتحديداً في منطقة «مانجاري» القريبة من مدينة «روتينج»، تنتشر العديد من الكهوف المنبثقة من الحجر الجيري، ولعل أشهرها وأكبرها هو كهف «ليانج بوا» الذي برزت شهرته الواسعة بعد اكتشاف أقدم المستحاثات البشرية فيه عام 2003، والمعروفة حالياً باسم «هومو فلوريس».

وهناك شيء آخر تتميز به مدينة «روتينج»، وهو الانتشار الكثيف لحقول الأرز الواسعة، والتي ترسم لوحة من السماء على شكل شبكة العنكبوت. فمن الجميل اصطحاب «درون» صغير خاص بك لتتمكن من التقاط صورة بانورامية لافتة للحقول لن تشاهدها في مكان آخر.

وصل البرتغاليون لأول مرة إلى «فلوريس» أوائل القرن السادس عشر، وهم من وضعوا الاسم الحالي للجزيرة، والذي يعني «الزهور» باللغة البرتغالية.

وبقي أن نشير إلى أن أفضل الأوقات لزيارة فلوريس هي من شهر إبريل /‏ نيسان إلى يونيو /‏ حزيران، ومن يوليو /‏ أيلول إلى ديسمبر /‏ كانون الأول من كل عام، حيث ستكون الأجواء جميلة ومناسبة والمناخ معتدلاً.

//إندونيسيا اليوم /متابعات//

تعليقات
Loading...