جدة، إندونيسيا اليوم — بعد عامين من إعلان بيل غيتس، مؤسس شركة “مايكروسوفت” والذي يكرّس وقته الآن للعمل الخيري، في مدينة جدة عن تأسيس صندوق ضخم جديد لمكافحة الفقر والأمراض المعدية في العالم الإسلامي، تم اليوم الإعلان الرسمي عن انطلاق “صندوق العيش والمعيشة” المبتكر، والذي جاء ثمرة عامين من التعاون المكثف بين كل من البنك الإسلامي للتنمية، وصندوق التضامن الإسلامي للتنمية، ودولة قطر، والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة.
ويعتبـر الصندوق الجديد المبادرة التنموية الأكبر من نوعها في منطقة الشـرق الأوسط، وقد تـم إطلاقه اليوم رسمياً خلال الاجتماع الأول لمجلسه التنفيذي، والذي أقر تمويل مشاريع بقيمة 363 مليون دولار أمريكي للعام الأول من الأعوام الخمسة التي سيعمل الصندوق خلالها. وسوف تتوزع هذه الدفعة الأولى من المشاريع على بلدان الشرق الأوسط وعدد من الدول الإسلامية والأفريقية، حيث سيتم استخدام أموال الصندوق لحماية المجتمعات من مخاطر الإصابة بمرض الملاريا وفيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، وتوفير المياه وخدمات الرعاية الصحية الأساسية بشكل أفضل، وتمكين المزارعين الفقراء من زراعة المزيد من المحاصيل الغذائية من خلال تطوير البنية التحتية الضرورية لذلك.
وأشار معالي الدكتور أحمد محمد علي، رئيس البنك الإسلامي للتنمية خلال حضوره الاجتماع إلى أن الصندوق يمثل علامة فارقة في مسيرة تحسين مستوى المعيشة في البلدان الإسلامية. وعلّق الدكتور محمد على هامش الاجتماع بالقول: “إنني مسرور جداً من الجهود الدؤوبة التي بذلها جميع الشركاء والتي تكللت بالنجاح؛ فهذه المشاريع ستنقذ العديد من الأرواح، وهذا هو الهدف الأكبر الذي نصبو إليه.”
ومن المقرر لصندوق العيش والمعيشة استثمار 2,5 مليار دولار أمريكي على مدى السنوات الخمس المقبلة، وذلك لتمويل مشاريع تهدف لمساعدة المجتمعات الأكثر فقراً في 30 دولة إسلامية بما يسهم بالارتقاء بمستويات إنتاجية وصحة هؤلاء الناس. ويتشكل الصندوق، والذي يديره البنك الإسلامي للتنمية، من ملياري دولار أمريكي من رأسمال البنك و500 مليون دولار أمريكي على شكل منح من عدة مؤسسات مانحة. ونجح الصندوق حتى الآن بجمع 400 مليون دولار من المنح قدّمها كل من مؤسسة بيل ومليندا غيتس (20% من إجمالي المنح المقدمة، وبحد أقصى يبلغ 100 مليون دولار)، وصندوق التضامن الإسلامي للتنمية التابع للبنك الإسلامي للتنمية (100 مليون دولار)، وصندوق قطر للتنمية (50 مليون دولار)، ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية (100 مليون دولار)، وصندوق أبو ظبي للتنمية (50 مليون دولار).
واجتمع المجلس التنفيذي للصندوق في دورته الاولى برئاسة الأستاذ ماهر الحضراوي، المدير التنفيذي لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ورئيس المجلس التنفيذي للصندوق للدورة الحالية، والذي أعرب عن سعادته بالتقدم الكبير الذي أحرزه الصندوق منذ فكرة تأسيسه. وقال الحضراوي أن الصندوق جاء نتيجة جهود مشتركة بين الجهات المشاركة وسيكون فاعلاً ومؤثراً في تطوير سبل العيش والمعيشة في الدول المستفيدة خاصة في المناطق الريفية. وذكر أن خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله وجّه بأن تقدم المملكة العربية السعودية عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية للصندوق مبلغ 100 مليون دولار أمريكي لتعزيز مصادر الدخل وتوفير سبل العيش الكريم وتقوية البنية التحتية في 30 دولة إسلامية. ويأتي هذا الدعم من المركز امتداداً للجهود الكبيرة التي تقدمها المملكة.
وكانت دولة قطر أولى البلدان المانحة التي انضمت إلى الصندوق عبر الإعلان عن التزامها بتقديم 50 مليون دولار أمريكي، وذلك في شهر أبريل 2016م. وبهذه المناسبة، قال السيد علي بن عبدالله الدباغ، مدير إدارة التخطيط الاستراتيجي بصندوق قطر للتنمية: “نحن في صندوق قطر للتنمية فخورون بالمساهمة في هذه المبادرة غير المسبوقة في منطقة الشرق الأوسط ونحن على ثقة تامة بأن الإدارة التنفيذية لصندوق العيش والمعيشة بتعاونها الوثيق مع إدارة البنك الإسلامي للتنمية ستطلق مشاريع نوعية في قطاعات حيوية ستنعكس ايجاباً على تحسين ظروف حياة الملايين من البشر في جميع أنحاء العالم الإسلامي.”
كما انضمت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى المجلس التنفيذي كعضو مؤسس مع التزامها بتقديم مبلغ بقيمة 50 مليون دولار أمريكي. وقال سعادة محمد سيف السويدي، مدير عام “صندوق أبوظبي للتنمية”: “يمثل’ صندوق العيش والمعيشة‘ نموذجاً رائعاً للمبادرات والآليات التمويلية المبتكرة التي يمكن أن تساعد في تحقيق الأهداف العالمية للتنمية المستدامة لعام 2030. ونفخر بكوننا عضواً مؤسساً لهذه المبادرة الإقليمية المشتركة، ونتطلع إلى توظيف الإمكانات الكاملة للصندوق بأفضل وجه ممكن في سبيل تحقيق هدفنا الرامي إلى دعم ومساعدة المجتمعات الأكثر فقراً في العالم الإسلامي”.