التأثير العربي في الموسقي الإندونيسية (1)

0 346

مسلم بن أحمد الكثيري

باحث موسيقي ومدير الفنون وفنان وملحن من مسقط بسلطنة عُمان

التواجد العربي في إندونيسيا قديم، ولا أدري إن كان هناك من اهتم بدراسة هذا التواجد من العرب باستثناء الحضارم الذين حسب علمي أول العرب الذي استوطنوا تلك البلاد البعيدة، ونشروا فيها الثقافة العربية والموسيقى على وجه الخصوص.

الفنان والكاتب الحضرمي عمر عبدالرحمن العيدروس له كتاب مهم جدا في هذا السياق وهو بعنوان: «مقدمات في الأغنية الحضرمية».

والكتاب من إصدارات مكتب وزارة الثقافة اليمنية في محافظ حضرموت في عام 2011. والمقالات التي سأكتبها تباعا تحت العنوان أعلاه اعتمد فيها بشكل كبير على هذا الكتاب، وهي مقالات أحاول عبرها التعريف بهذا الموضوع، وتسليط الضوء على جهد الكاتب عمر العيدروس في هذا الموضوع النادر جدًا وتقديرًا لما أضافه من معلومات إلى المكتبة العربية عن الموسيقى العربية في إندونيسيا.

قد يهمك أيضا: أثر الموسيقي العربية في الموسيقي التقليدية للبتاوي

خصص الكاتب كامل القسم الثاني من كتابه للغناء الحضرمي في إندونيسيا وهو القسم الأكبر فيه، وعنوان هذا القسم: «الطرب في المهجر»، وقد احتوى على ثلاثة فصول. الأول بعنوان: «الطرب الحضرمي في إندونيسيا»، والثاني: «الفنان شيخ عبدالله البار». والثالث بعنوان: «أحفاد الحضارم والأغنية الإندونيسية».

ولأهمية الموضوع وندرته قد أتناوله في أكثر من مقال كما أشرت إن شاء الله، ذلك إن أثر العرب وخاصة الحضارم والعُمانيين في منطقة المحيط الهندي عامة شرقها وغربها آسيويا وإفريقيا لا يزال وموضوع نادر البحث.

وأتذكر في هذه المناسبة عندما كنت أعمل في مركز عُمان للموسيقى التقليدية استقبلت في مكتبي بعض الباحثين من أمريكا وبعض الدول الأوروبية كانوا مهتمين بأثر الشعوب الإفريقية والآسيوية في موسيقانا العُمانية والعربية، وقد دار بيننا نقاش مفيد بشأن أثر العرب على ثقافة شعوب المحيط الهندي وهو أثر عميق مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالثقافة الإسلامية واللغة العربية بسبب الهجرة إلى تلك البلاد والتجارة معها، وإن أثر العرب موضوع ثري يستحق الدرس وهو ناتج في معظمه عن حركة العُمانيين والحضارم في منطقة المحيط الهندي ونشاطهم التجاري القديم.

والكاتب عمر عبدالرحمن علي العيدروس موسيقي وإعلامي حضرمي بارز، يجيد اللغة الإندونيسية والإنجليزية والعربية. وهو كذلك «ناظم وملحن وعازف على عدد من الآلات الموسيقية» عاد مع جميع أفراد أسرته من إندونيسيا إلى حضرموت في عام 1959 حيث ولد في سوروبايا عام 1945.

قد يهمك أيضا: دوريات موسيقى باترول أثناء السحور في جاوى الشرقية

يُبرز الكاتب في مقدمة الفصل الأول من القسم الثاني من كتابه بشكل مختصر ومفيد واقع التواجد العربي الحضرمي في الشرق الآسيوي ودوره الثقافي والاقتصادي والسياسي هناك معتمدا على مصادر عديدة يذكرها في تلك المقدمة ومنها تجربته الشخصية.

ويشير الكاتب إلى أن مجال الغناء والإنشاد والرقص العربي الحضرمي في تلك البلاد لم يحظيا باهتمام الكتّاب مثل اهتمامهم بالأدب والشعر رغم أثر الموسيقى العميق ومساهمتها الفعالة من نشر الثقافة العربية.

ويكتب في هذا السياق إن المهاجر لم يكن مهتما بنشر الغناء أو توظيفه لأي غرض من الأغراض ولكن كان الغناء جزءًا من الحياة اليومية الدينية والتعليمية ومجالس الحضرات والعديد من المناسبات الخاصة بالمجتمع الحضرمي، وكان الإندونيسيون يستمعون إلى هذا الغناء ويشاركون فيه ويقلدونه. فقد شكل الحضارم «مجموعات في كل منطقة لأداء الأناشيد والأغاني في المناسبات الاجتماعية والدينية كالاحتفال بالمولد النبوي، وزيارة الأولياء والصالحين والترحيب بالعائدين من الحج والعمرة وغيرها من المناسبات التي يجتمع إليها الناس.

وينقل الأستاذ عمر عن الكاتب علوي شهاب الذي يصفه بأنه صحفي ومؤرخ جاكرتا «إن الطارات (آلة موسيقية إيقاعية عربية) أول ما عُرفت في جاكرتا/ بتافيا عن طريق جنود مملكة ماتارام الإسلامية، وهي أول الممالك التي اعتنقت الإسلام في إندونيسيا».

قد يهمك أيضا: تعرف على الثقافة لإندونيسية و تنوعها في دياس و بورت فيستيفال

ويضيف الكاتب عمر العيدروس العديد من المعلومات بشأن هذه الآلة الإيقاعية فيذكر مثلا: إن الإندونيسيين قد أطلقوا عليها «Rebana»، وهي لفظة «ربّنا» التي كثيرا ما ترددها فرق الطارات أثناء أدائها الأدعية الدينية الإسلامية مثل: «ربنا يا ربنا يا سامع دعانا .. وقد التصقت هذه اللفظة مع مرور الوقت بالفرق المستعملة لها وسميت فرق ربانا»، وما زالت كذلك كما يقول حتى اليوم..

وللمقال بقية.

 

مصدر عمان اليوم
تعليقات
Loading...