indonesiaalyoum.com
إندونيسيا اليوم

الخطاب الوسطي.. سلاح المجتمعات الإسلامية في مواجهة التحديات الفكرية

0 544

محمد أنس عبد العزيز

صحفي وباحث في شؤون الشرق الأوسط

تواجه المجتمعات الإسلامية اليوم تحديًا وجوديًا يتمثل في انتشار الخطاب المتشدد الذي يستغل الدين لتمرير أجندات هدامة. هذا الواقع يفرض حاجة ملحة لإعادة تأهيل المنظومة الدعوية وتمكينها بأدوات العصر، حتى تكون قادرة على تقديم الإسلام الصحيح، دين الوسطية والرحمة. من هنا جاءت أهمية مبادرة مثل “بناء قدرات الأئمة والدعاة” التي ينظمها التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب كاستجابة عملية لهذا التحدي، إدراكا منه أن التصدي للإرهاب لم يعد قاصرا على المواجهات العسكرية فحسب، بل اتسع ليشمل بناء مناعة فكرية لمجتمعاتنا،فجاءت مبادرة “وسطا” التي أطلقها التحالف لتكون نموذجًا متكاملًا يجمع بين: التدريب المتخصص للأئمة والدعاة على مهارات الحوار والتفكير النقدي إلى جانب التوعية المجتمعية عبر برامج ميدانية تستهدف الشباب، كذلك تعمل المبادرة على بناء القدرات المؤسسية للهيئات الدينية.

هذا النهج المتكامل يعكس إدراكًا عميقًا بأن المعركة لا تُربح بالسلاح وحده، بل بالفكر والحجة أيضًا، وقد جاء اختيار المالديف لاستضافة هذا البرنامج التدريبي، لما تمثله من نموذج للتعاون بين الحكومات من جهة والتحالف من جهة أخرى.

هذه الشراكة، حيث تدمج الجهود الرسمية مع الخبرات الدولية لبناء استراتيجيات وطنية لمكافحة التطرف، تقدم نموذجًا قابلًا للتكرار في دول أخرى، وحتى تكتمل هذه التجربة الناجحة علينا أن نتساءل كيف تتحول هذه البرامج التدريبية إلى واقع ملموس، وأتصور أن الإجابة تكمن في:

أولًا: انتشار الخطاب الوسطي في المساجد والمنصات الإعلامية.

ثانيًا: تأهيل جيل جديد من الدعاة القادرين على مخاطبة الشباب بلغة العصر.

ثالثًا: بناء شبكات وطنية للأئمة بغرض تبادل الخبرات، حتى تكون النتيجة مجتمعات أكثر وعيًا، وأقل عرضة للاستقطاب الفكري.

إن استثمار التحالف في القدرات الفكرية يمثل في تصوري رهانًا رابحًا على المستقبل، فكل إمام يتم تأهيله اليوم، هو درع واقٍ للأجيال القادمة من براثن التطرف، والمطلوب الآن توسيع نطاق هذه البرامج، وتعزيز التنسيق بين الدول الأعضاء، لأن المعركة الفكرية هي معركة مصير للأمة الإسلامية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.