انتخابات جاكرتا.. تأجيل الحسم لاشتداد المنافسة
جاكرتا، إندونيسيا اليوم – أظهرت النتائج الأولية غير الرسمية لانتخابات منصب حاكم العاصمة الإندونيسية جاكرتا -التي جرت أمس الأربعاء- عدم حسم أي مرشح المعركة لصالحه، وترحيل النتيجة النهائية إلى جولة ثانية بعد نحو شهرين.
وأظهرت النتائج المعلنة تساوي عدد الأصوات التي حصل عليها كل من أنيس باسويدان (مرشح المعارضة ممثلة في حزب العدالة والرفاه وحركة إندونيسيا العظمى) وحاكم جاكرتا الحالي ومرشح الحزب الحاكم باسوكي بورناما بنسبة 40% من الأصوات لكل منهما.
كما حصل أجوس يوديونو نجل الرئيس السابق على ما دون 20% خلافا للتوقعات التي أظهرت تقدمه، وهو ما اعتبر انقساما في أصوات المعارضين والمنافسين للحزب الحاكم، مما أدى فعليا لعدم فوز المعارضين من الجولة الأولى رغم أن مجموع أصواتهم تتراوح ما بين 57% و60% وفق تقديرات أولية مختلفة.
ووفق القانون الانتخابي لجاكرتا -دون غيرها من المحافظات- فإن أي مرشح لحكم جاكرتا مطالب بالحصول على نصف أصوات الناخبين على الأقل للفوز بالمنصب المؤثر سياسيا وماليا، وإلا فإن المعركة النهائية ترحل إلى جولة ثانية بين أعلى مرشحيْن.
انتخابات رئاسية
وبدت المنافسة في انتخابات حكم جاكرتا وكأنها انتخابات رئاسة، فحاكم العاصمة الحالي بورناما المعروف باسم أهوك والمرشح عن الحزب الحاكم بدا في مواجهة مع المعارضة ممثلة في حزب العدالة والرفاه وحركة إندونيسيا العظمى، وهما الحزبان اللذان واجها الرئيس جوكوي ويدودو وحزبه في انتخابات الرئاسة قبل عامين بل وطعنا حينها في نتائج الانتخابات.
وتقدم الحزبان بمرشح قوي لحكم العاصمة هو باسويدان وزير التعلم الأسبق. ولعلاقة الرئيس الجيدة بحاكم جاكرتا الحالي ونائبه السابق بالعاصمة، فإن انتخابات جاكرتا -في نظر الساسة وعامة الناس- منافسة بين القوى السياسية الرئيسية، واختبار لشعبية كل تيار قبل نحو عامين من انتخابات الرئاسة المقبلة، وهي اختبار غير مباشر لشعبية الحزب الحاكم ورئيس البلاد.
وقد لقي أهوك منذ أن صار حاكما للعاصمة دعما إعلاميا وتأييدا من أوساط معينة رأت فيه كما يرى هو نفسه مرشحا لمنصب أعلى على المستوى الوطني، بل تحدث في أكثر مناسبة عن طموحه للوصول إلى قصر الرئاسة.
وتحدثت بعض وسائل الإعلام الداعمة له عن إمكانية ترشيحه -رغم كونه من الأقلية المسيحية ذات الأصول الصينية- لمنصب نائب الرئيس على الأقل، بينما يظل المرشح للرئيس من جزيرة جاوا.
ومنذ أن تسلم حكم جاكرتا عام 2014، بدأت عدة منظمات إسلامية تنشغل بتنظيم مظاهرات ضده وضد أسلوبه في الحكم والخطاب السياسي، وضد العديد من القرارات التي اعتبروها مضرة بـ الأغلبية المسلمة.
لكن أسلوبه الإداري جذب إليه مؤيدين من الأقلية غير المسلمة والتيار العلماني والليبرالي، كما صنع له معارضين، خصوصا فيما يتعلق بإزالة الأحياء القديمة، وهو ما تحدثت عنه منظمات حقوقية محلية، ومشروع إنشاء جزر صناعية في شمال جاكرتا وما شاب ذلك من تساؤلات مالية وقضايا بيئية.
تراجع الشعبية
ثم جاء تعليقه على آية كريمة في سورة المائدة، كرر فيها كلاما سابقا له يمتعض فيه من الاهتداء بالدين في الحياة السياسية، وهو ما أشعل نار غضب ضده، وتشكلت حركة “الدفاع عن الإسلام” بقيادة الحبيب رزق شهاب وبختيار ناصر ومحمد زيتون وغيرهم من العلماء والمثقفين الإسلاميين الشباب، وهو حراك نظم مظاهرات مليونية حاشدة منذ أكتوبر تشرين الأول الماضي بصورة غير مسبوقة.
وأثبتت نتائج الانتخابات أن هذه المظاهرات أدت فعلا إلى تراجع شعبية أهوك مما كانت عليه قبل نحو عام، أي مما يزيد على 60% إلى نحو 40%، وفق النتائج الأولية غير الرسمية.
ومازال أهوك يحاكم في قضية إهانة القرآن، لكنه المجال سياسيا وقانونيا مازال مفتوحا له لينافس بجولة ثانية في أبريل/نيسان المقبل، وإذا ما فاز بمنصب حاكم جاكرتا فإن ذلك يعني مزيدا من المعارضة الشعبية له ولحزبه.
ويبقى السيناريو الثاني وهو فوز مرشح المعارضة باسويدان إذا ما توحدت أصوات المعارضين من إسلاميين ووطنيين، في انتخابات تأتي منتصف الفترة الرئاسية للرئيس جوكوي، وقبيل بدء الإعداد لمواجهة انتخابية رئاسية وبرلمانية عام 2019.