بحر أندامان: بوابة مضيق ملقا ومحور التجارة الآسيوية

جاكرتا، إندونيسيا اليوم — في شمال شرق المحيط الهندي يمتد بحر بلون أزرق أخاذ؛ إنه بحر أندامان، الممر الملاحي الحيوي الذي يصل الطرق البحرية بين المحيط الهندي وبحر الصين الجنوبي عبر مضيق ملقا، ما يجعله جزءًا من شريان التجارة الآسيوي والعالمي.

بحر أندامان يحده من الجنوب مضيق ملقا، وتبلغ المسافة إلى إندونيسيا نحو تسعين ميلًا تقريبًا، بينما تمتد مساحة البحر إلى نحو سبعمائة وثمانية وتسعين ألف كيلومتر مربع، وهو ما يعادل نحو ثلاثمائة وثمانية آلاف ميل مربع، وقد استمد اسمه من جزر أندامان الواقعة في الجهة الغربية للبحر. 

ويرجح وفقًا لمرجع بحثي أن الاسم مشتق من كلمة “هاندومان”، وهي صيغة ملايوية لكلمة “هانومان” الإله الهندوسي الشبيه بالقرد، في إشارة محتملة إلى السكان الأصليين لجزر أندامان، وهم سلالة بشرية فريدة هاجرت من إفريقيا منذ أكثر من خمسين ألف عام وتواجه اليوم خطر الانقراض.

لا يجاور بحر أندامان إندونيسيا فحسب، بل تحده أيضًا تايلاند وميانمار وماليزيا، فيما تفصل جزر أندامان ونيكوبار بينه وبين خليج البنغال، وهو جزء رئيسي من طريق الشحن بين الهند والصين عبر مضيق ملقا، بما يعكس موقعه الاستراتيجي على مفترق طرق التجارة البحرية في جنوب وجنوب شرق آسيا.

توجد جزيرة روندو داخل بحر أندامان كأقصى نقطة في الشمال الإندونيسي إداريًا ضمن منطقة سابانغ في آتشيه، وهي جزيرة شعابية غير مأهولة، فيما يبرر قربها من جزر نيكوبار الهندية تكثيف الحراسة لحماية خط السيادة والحدود البحرية.

اتصال بحر أندامان بمضيق ملقا ودعمه للتجارة العالمية

السفن التجارية تعبر بحر أندامان منذ قرون ضمن مسارات التجارة الساحلية المبكرة بين الهند والصين، كما ازدهر دوره رابطةً تجاريةً بين الهند وسريلانكا في القرن الثامن، ومع اتساع العولمة البحرية يُنقل اليوم نحو تسعين في المئة من بضائع العالم بحرًا، ويمر جزء معتبر منها عبر بحر أندامان إلى مضيق ملقا ثم إلى بحر الصين الجنوبي. 

يمتد مضيق ملقا من بحر أندامان عبر مضيق سنغافورة حتى بحر الصين الجنوبي، ويربط دولًا آسيوية رئيسة من بينها اليابان وتايوان وكوريا الجنوبية والهند، ويُعد من أضيق عنق الزجاجة وأكثرها حساسية للتجارة البحرية العالمية. 

تعبر المضيق عشرات الآلاف من السفن سنويًا، وتقديرات حديثة تشير إلى أن نحو ثمانية وثلاثين في المئة من التجارة البحرية العالمية (حجمًا) مرّت في عام ألفين وثلاثة وعشرين عبر مضيق ملقا، ما يؤكد حجمه بوصفه مسارًا لا غنى عنه لسلاسل التوريد. 

وتحمل السفن عبر هذا المسار مواد حيوية للدورة الاقتصادية العالمية مثل النفط الخام والغاز الطبيعي المسال والفحم، إلى جانب طيف واسع من السلع المصنعة.

يعتمد تدفق التجارة الإندونيسية بشكل كبير على ممر بحر أندامان ومضيق ملقا، إذ تمر عبرهما سلع رئيسية للتصدير نحو الأسواق الدولية، وهو ما ينسجم مع واقع أن آسيا تستحوذ على نسبة كبيرة من حركة الشحن البحرية العالمية وتعد جنوب شرق آسيا عقدة وصل رئيسة في الشبكات اللوجستية.

بحر أندامان الغني بالتنوع الحيوي

إلى جانب موقعه الملاحي، يزخر بحر أندامان بتنوع بيولوجي كبير، مع شعاب مرجانية ومروج بحرية تشكل موائل مهمة للأحياء البحرية، ويُصنف ضمن نطاق مثلث الشعاب المرجانية الأوسع إقليميًا، وتُظهر المراجع العلمية والإحصائية أن المنطقة الأوسع المحيطة بمضيق ملقا وجواره البحري تحتضن تنوعًا بحريًا من الأعلى عالميًا. 

وتضم المنطقة أنواعًا متعددة من الشعاب المرجانية والأسماك والثدييات البحرية كالدلافين والحيتان والأبقار البحرية، ما يجعلها وجهة غوص بارزة على مستوى العالم. 

ورغم محدودية الحياة في الطبقات السطحية والقاعية في بعض أجزائه، تشير المراجع إلى وجود ترسبات من المعادن، كما يعد البحر محطة مهمة لطيور الهجرة مع وجود السبخات الطينية وغابات المانغروف كموائل للتكاثر.

إندونيسيا اليوم | جي إن إف آي