بونج تومو ومعركة 10 نوفمبر 1945

0 2٬995

من الشخصيات التي تركت بصمتها على تاريخ كفاح شعب إندونيسيا في الجهاد ضد المستعمرين، سوتومو Sutomo، بما كان له دور هام في حركة المقاومة ضد المستعمر الهولندى. بطل قومي اشتهر بكفاحه وحثه لشعب سورابايا بالمقاومة ضد عودة المستعمر الهولندي إلى إندةنيسيا بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، حيث أدت هذه المقاومة أخيرا إلى وقوع معركة مشهورة لدى شعب إندونيسيا المعروفة بمعركة 10 نوفمبر 1945 بسورابايا التي أصبح تاريخها ذكرى للإحتفال بيوم الأبطال الوطني في إندونيسيا.

نشأته

ولد سوتومو (المعروف لدي شعب إندونيسيا بــــــــ بونج تومو Bung Tomo) في 3 أكتوبر 1920 في قرية بلاوران Blauran التي تقع في وسط مدينة سورابايا، جاوى الشرقية. وتوفي في مكة المكرمة، 7 أكتوبر 1981 خلال أدائه للحج في تلك السنة، ودفن في مقبرة “نجاغل” Ngangel في سورابايا. كان والده (كارتاوان تجبتو ويجويو Kartawan Tciptowidjojo) موظفا حكوميا ومساعدا في مكتب الجمارك وكان الوالد موظفا في إحدى المؤسسات التجارية.

نشأ سوتومو في عائلة تهتم بالتعليم اهتماما بالغا، ومن صفاته الصراحة في الكلام والجد في العمل، وعرف بحبه للعمل لأجل إصلاح الأحوال، ويدل على ذلك، إنه لما بلغ 12 عاما من عمره، ودفعه الحال إلى أن ترك دراسته في Mulo، اضطر إلى أن يعمل بسبب حاجته للمال حيث كانت الأزمات الإقتصادية التي تسود العالم في ذلك الوقت. ولكن هذا كله لم يمنع سوتومو من إشباع رغبته في التعلم، وأخيرا استطاع إتمام دراسته في HBS عن طريق المراسلة، إلا إنه لم يحصل على درجة النجاح رسميا.

كفاحه

كان سوتومو صحفيا ناجحا، انضم إلى العديد من التمعات السياسية والإجتماعية، وعندما عين ليكون من أعضاء حركة الشعب الجديد Gerakan Rakyat Baru (حركة أنشأتها الحكومة اليبانية) في سنة 1944، لم تكن شخصيته مشهورة لدى الشعب، إلا أنه يعد نفسه لدور هام في حركة المقاومة ضد المستعمرين، خاصة في سعيه لإشعال حماسة شعب سورابايا في القيام بالمقاومة ضد قوة NICA (Netherlands Indies Civil Administration) البريطانية التي هاجمت مدينة سورابايا مهاجمة شديدة خلال شهر أكتوبر ونوفمبر 1945. وعرف بطريقته الخاصة عند إلقاء خطبته في الإذاعات، حيث إنه استهل في كل كلامه في الإذاعات المحلية بالتكبير، “الله أكبر!.. الله أكبرّ… الله أكبرّ!”.

لمحة عن معركة 10 نوفمبر

تعتبر معركة 10 نوفمبر 1945 من أهم المعارك التاريخية التي دارت بين إندونيسيا وحكومة المستعمر الهولندي. ففي أول مارس عام 1942 نزلت القوات اليبانية إلى جزيرة جاوى لاستعمار إندونيسيا بدعوى الأخوة بين شعب أسيا، فبدأت بمرحلة القضاء على حكومة المستعمر الهولندى وتمت باستسلام حكومة المستعمر الهولندي لليبان بدون شرط في 8 مارس 1942. وبذلك كانت الفرصة سانحة للمستعمر اليباني لاستعمار أرض إندونيسيا.

بعد هزيمة اليبان أمام الحلفاء في سنة 1945، أعلنت إندونيسيا الإستقلال من المستعمر اليباني في 17 أغسطس 1945، فبدأ الشعب بمحاولة نزع الأسلحة من أيدى اليبانيين.

وفي 15 سبتمبر 1945 نزلت القوة البريطانية إلى جاكرتا وأيضا إلى سورابايا في 25 أكتوبر 1945باسم الحلفاء لغرض إطلاق سراح المسجونين ونزع الأسلحة من الجنود اليبانيين وإعادتهم إلى بلدهم, إلا أن القوة البريطانية غرض حفي آخر وهو إعادة أرض إندونيسيا إلى حكومة هولندا المستعمرة لها من قبل. فأدى ذلك إلى ظهور حركات المقاومة من قبل الشعب الإندةنيسي عامة.

في أواخر شهر سبتمبر وأوائل أكتوبر أصدر علماء الجمعيتين الإسلاميتين ماشومي Masyumi ونهضة العلماء Nahdatul Ulama الفتوى بوجوب الجهاد دفاعا عن أرض إندونيسيا كواجب حتمي على كل مسلم، وأنه من صمن الجهاد المقدس. فبدأ الزعماء والشيوخ وطلابهم من المعاهد الإسلامية في كافة أنحاء جاوى الشرقية بالدخول إلى سورابايا تلبية لهذه الفتوى. واستعمل بونج تومو الإذاعة المحلية لخلق جو من المقاومة والدفاع عن الوطن في قلوب الشعب الإندونيسي.

في تاريخ 30 أكتوبر 1945 وفي ظروف غامضة قتل العميد أ.و.س ملابي AWS Mallaby (قائد القوات البريطانية في جاوى الشرقية) في سورابايا وكان مقتله نقطة التحول والدفع الكبير لمعركة 10 نوفمبر 1945، حيث أدت إلى إصدار بريطانية الإنذار النهائي للقوات الإندونيسية وحركات المقاومة الشعبية بتسليم كل الأسلحة، وإلا سيهاجم الجيش البريطاني مدينة سورابايا من جميع الجهات – البر والبحر والجو- وكان آخر موعد الساعة العاشرة صباحا من تاريخ 10 نوفمبر 1945، ورفض المجاهدون والشعب الإندونيسي الإنذار الأخير.

فعتد الفجر من 10 نوفمبر، بدأت قوات بريطانية (بقوة 30,000 جندي مسلح بأحدث الأسلحة, و50 طائرة حربية ومجموعة من الدبابات الحربية والسفن الحربية) بالهجوم على مدينة سوراباياا، استمرت هذه المعركة طوال شهر واحد حيث لقي جنود بريطانيا وهولندا مقاومة شديدة لم تكن بالحسبان من قبل المجاهدين الإندونيسيين تحت قيادة بونج تومو، فقد كان البريطانيون يتوقعون أن تنتهي السيطرة على مدينة سورابايا في غضون ثلاثة أيام وفق الخطة المعدة مسبقا.

ورغم انتهاء المعركة بتمكن بريطانيا من السيطرة على مدينة سورابايا المدمرة، إلا أن هذه المعركة كانت بداية للنضال الإندونيسي في طرد المستعمر المستبد وتحرير الأراضي الإندونيسية من أيدي الطامع المحتل.

تعليقات
Loading...