قسم للغة الإندونيسية في جامعة الأزهر .. جسر جديد بين القاهرة وجاكرتا

أحمد متولي محمود السيد

معلم لغة عربية لغير الناطقين بها – مشرف علمي في مجال الطلاب الوافدين بالأزهر الشريف – كاتب و محرر لغوي ومصمم برامج علمية

بعد نحو ست سنوات من بدء تدريس اللغة الإندونيسية كلغة ثانية في كلية اللغات والترجمة في جامعة الأزهر اعتمدت رئاسة الجامعة قرارا بتشكيل قسم مستقل للغة الإندونيسية بالكلية , ورغم تأخر تنفيذ هذه الخطوة نسبيا قياسا للتاريخ الطويل للعلاقات الثقافية بين مصر و إندونيسيا , إلا أن هذه الخطوة تعد تتويجا لتاريخ طويل من الوجود الثقافي الإندونيسي في القاهرة , وهو وجود سابق على الحضور الرسمي الذي تلا تشكل العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين منذ استقلال إندونيسيا في عام 1945م حيث أن الطلاب الإندونيسيين الذين كانوا يرتحلون للدراسة في الأزهر  كانوا منذ زمن طويل يشكلون وجودا ثقافيا ووجها حضاريا داخل أروقة الأزهر و كان يرمز إليهم عادة بطلاب ( الجاوة ) أو الطلاب الجاويين حتى أصبح لهم رواق معروف مخصص لهم منذ أواخر القرن التاسع عشر.

وبرغم أن المركز الثقافي الإندونيسي في القاهرة يعد أقدم المراكز الثقافية الإندونيسية في منطقة الشرق الأوسط , حيث كان – ولايزال – يشكل على مدى عقود نقاط التقاء لكثير من النشاطات و الصلات الثقافية المصرية الإندونيسية في القاهرة بفعل مبادراته التي جعلت منه واحدًا من أنشط المراكز الثقافية الأجنبية في مصر , إلا أن إنشاء قسم مستقل للغة الإندونيسية يعد خطوة  أساسية و تطورا إيجابيا في هذه الصلات , حيث سيتيح آفاقا أوسع للتعارف الثقافي العربي الإندونيسي وفق القنوات الأكاديمية فضلا عن كونه سوف يفتح الباب نحو دراسة أوسع للثقافة واللغة الإندونيسية, وسوف يكون هذا القسم نواة نحو حقل جديد يمكن الباحثين من التعرف على ملامح ثقافات منطقة جنوب شرق آسيا ووجهها الحضاري المسلم بما في هذه الثقافة من مكونات و تجليات تقاطعت مبكرًا مع الثقافة العربية و الإسلامية منذ وقت قديم, كما سيعطي فرصًا كثيرة لتدشين مسارات متنوعة في البحث العلمي الأكاديمي عن طبيعة تلك المكونات وتاريخ تشكلها و البدء في مشاريع كتابية وأكاديمية وبحثية عن المشتركات الموجودة بين الثقافتين.

و كان المجلس الأعلى للأزهر قد أصدر قرارًا بإنشاء قسم اللغة الإندونيسية رقم (٣٤٣) بتاريخ ٢١/٧/٢٠٢٥  ، وقد أعرب السفير الإندونيسي عن سعادته قائلا  “الدعم القوي من الحكومة الإندونيسية أمر ضروري لضمان استمرارية هذا القسم، كما الدعم الذي قدمه الأزهر لنا.”

يذكر أن التفكير في إنشاء قسم للغة الإندونيسية يرجع تاريخه إلى سنوات طويلة مضت و كان الرئيس السابق لجامعة القاهرة الدكتور محمد المحرصاوي قد أصدر توجيهاته بتهيئة الإجراءات للبدء في تكوين القسم ,و قد بدأ بالفعل تدريس اللغة الإندونيسية كلغة ثانية منذ العام  الدراسي 2019 – 2020م , ثم أصبح القسم مستقلًا و قابلًا للالتحاق به كلغة للتخصص منذ العام الجاري , والجدير بالذكر أيضًا أن كلية اللغات والترجمة من الكليات الأزهرية القليلة التي تفتح الباب أمام غير الأزهريين للدراسة في أروقتها وفق بعض الشروط والمعايير المتبعة في لائحتها مما سيوسع من حجم الاستفادة من القسم لاحقًا.