قيادات نسائية في تاريخ أتشيه

0 866

اسم اتشيه أكثر المناطق أو المحافظات التي يتردد إسمها منذ زمن الإستعمار، خاصة بعد حدوث موجة تسونامي المدمرة أواخر ديسمبر 2004 وقبلها كانت تشتهر أتشيه بكونها “شرفة مكة”  (Serambi Makkah) لكونها آخر محطة ينطلق منها الحجاج من أقصى غرب إندونيسيا متجهين إلى مكة المكرمة. وكانت أتشيه واحدة من أكبر الممالك الإسلامية في الفترة ما بين القرن السابع عشر حتي أوائل القرن العشرين.

كما تشتهر أتشيه بقياداتها نسائية في صفحات تاريخ أتشيه، منذ القرن السابع عشر. نساء أبطال، ونساء تقلدن أعلى المناصب وهي رئاسة الدولة. وهن كالأتي:

الملكة كمالا حياتي (Ratu Keumala Hayati)

كمالا حياتي، واحدة من النساء التي لعبت دورا كبيرا في مواجهة المستعمر، وكانت برتبة أدميرال أو قائدة القوات البحرية في حكومة السلطان علاء الدين ريات شاه المكمل (1589-1609)

وقبل اختيارها لقيادة قوات البحرية، كانت كمالا رئيسة المحاربات بمملكة أتشيه التي تتكون من أرامل المجاهدين والأبطال الذين اشتهدوا. وبسبب نجاحها في قيادة القوات النسائية من المحاربات، وثقة السلطان في مقدورتها، عينها السلطان لقيادة القوات البحرية.

وكما تذكر إحدى المخطوطات المحفوظة بالجامعة الدولية كوالا لمبور “ماليزيا” (1875) أن كمالا تنحدر من أسرة سلاطين أتشيه، أبوها محمود شاه الذي كان بحارا أيضا بل كان ادميرالا –قائدا للقوات البحرية. لذلك ورثت كمالا هذه المهنة عن أبيها، وظهرت مهارة كمالا في قيادة الأسطول عندما تواجهت مع باخرتين تابعتين للمحتل الهولندي في 21 يونيو 1599. وبعد تبادل اطلاق النار قتل كورنيليز دي هوتمان، قائد إحدى الباخرتين وبعض مساعديه بينما تم اعتقال فرديريك دي هوتمان وسجن لمدة سنتين.

السلطانة صفية الدين شاه (Sultanah Safiatuddin Syah)

من بين الظواهر الجذابة لمن يقرأ في تاريخ أتشيه هو منح المرأة أعلى سلطة، وهي رئاسة الحكومة، التي استمرت أكثر من 50 (خمسين) عاما، حيث تولت 4 نساء مقاليد الحكم على التوالي من عام 1641 حتى 1689. من أشهر من حكم أتشيه السلطانة صفية الدين شاه في الفترة ما بين 1641 حتى 1675، وهي ابنة السلطان اسكندر مودا (1607-1636)، وزوجها السلطان موغول، بعد وفاة السلطان اسكندر مودا لم يكن لديه ولد، اجمع كبار رجال الدولة على تنصيب ابنته صفية الدين بعد ان واجهت هذه المسألة معارضة من العلماء، على أساس ان الدين لايسمح للمرأة بتولى الحكم ولكن من بين المشجعين لتنصيب المرأة الإمام عبد الرؤوف سينكل الذي قال “بفصل شؤون الحكومة، عن شؤون الدين التي يتولاها الرجال.”

ظلت صفية الدين في الحكم 35 عاما. يقول الرنيري في كتابه (بستان الشعب، منها انها كانت تخشى الله، وتقرأ القرأن، وتدعو الناس لفعل الخير والبعد من المنكرات والمفاسد.” (الرنيري، طبعة 1966 صفحة 63).

كانت صفية الدين تهتم بشؤون الشعب خاصة التعليم والإقتصاد والدين حيث كانت تبدي اهتمامها بنشر الاسلام بين السكان (تاريخ أتشيه، دنيس لومبارات، طبعة 1968) ويبدو ان هذه الصفات حعلتها تنال تأييد العلماء أمثال الرانيري وعبد الرؤوف سنكل.

السلطان نور العالم نقية الدين شاه (Sultanah Nurul Alam Naqiatuddin Syah)

لا يعني وفاة السلطانة صفية الدين ان حكومة النساء انتهت، بل تقلدت الحكم بعدها السلطانة نور العالم نقية الدين شاه. وكان مفتي المملكة الشيخ عبد الرؤوف سنكل – هو نفس المفتي في زمن السلطان صفية الدين.

نصح الشيخ عبد الرؤوف السلطانة نور العالم بعمل تغيير في نظام الحكومة، وتقسيم أتشيه إلى ثلاثة ولايات، وكل ولاية يقوم على ادارتها أحفاد القادة (ما يشبه المحافظات) وحتى تتمكن السلطانة من التركيز على الأشراف على سير الحكم بصفة عامة. في تلك الفترة حدث حريق كبير بمسجد أتشيه الشهير – بيت الرحمن وقصر السلطان، ورغم قصر مدة حكمها (سنتان) إلا أنها تمكنت من كثير من الإنجازات، وتوفيت عام 1678.

تعليقات
Loading...