“كبايا” أيقونة الموضة الخالدة التي ساهمت اللغة العربية في تشكيل اسمه كرمز للهوية الثقافية في إندونيسيا

0 278

امتنان سلطان – إندونيسيا اليوم

الكباياَ، هذا الزي الوطني الإندونيسي، يُعدّ رمزاً أنثوياً، تعبر عن أناقة خالدة. فالكبايا، جمعت سحر التناقضات بين تصاميمها، فهي ترمز لبساطة المرأة الإندونيسية من ناحية، وأناقتها الراقية من ناحية أخرى، كما تعكس وداعة المرأة الإندونيسية وصلابتَها في الوقت نفسه.

والإنسجام المتكامل بين هذه التنقاضات الجميلة هي سر احتفاظ الكِبايا بالخلود رغم تطور خطوط الموضة مع مرور الوقت، بل تمكن من الاندماج مع الأساليب العصرية، محتفظاً بأصالته وتاريخه دون المساس بجوهره الثقافي.

فالكبايا ليس مجرد لباس، بل يُعدّ رمزاً للهوية والانتماء، وهو تمثيل للمعرفة والتراث الإندونيسيي، خاصة في العِرق الجاوي (Javanese).

وتمثل الكِبَايَا جزءًا كبيرًا من التراث الثقافي للعديد من الدول في جنوب شرق آسيا، والمناقشات حول الملكية الثقافية يمكن أن تكون حساسة ومعقدة.

فمن ناحية، تدعي إندونيسيا أن الكبَايَا هي جزء من تراثها التقليدي الذي يعود إلى القرن 16 أو حتى قبل ذلك.

في حين، تعتبر ماليزيا باجو كبايا (بالملايو Baju Kebaya) كما تسمى في اللغة الملايوية، هي جزء من التراث الماليزي.

هذا الصراع يعود جزئيًا إلى أن التصميمات التقليدية للأزياء تتشابه للغاية في كلا البلدين، مما يجعل من الصعب تحديد الملكية الثقافية، ومن يملك حق التميز باستخدام هذه الفنون وكيف يمكن حمايتها في إطار قانوني دولي.

وتعد قضية الملكية الثقافية واحدة من أبرز المواضيع التي أثارت التوترات والصراعات بين ماليزيا وإندونيسيا على مر السنين. فالدولتان تتقاسمان ثقافات مشابهة نتيجة لتاريخهما المشترك، إلا أن بعض الممارسات الثقافية والرموز أصبحت محورًا للجدل بسبب الادعاءات المتبادلة حول الملكية والحقوق الثقافية.

الكبايا، رمز الهوية الثقافية في إندونيسيا التي ساهمت اللغة العربية في تشكيلها

وتبقى النقطة المشتركة والمتفقة عليها، هي أن كلمة (كِبايا) مأخوذة من كلمة (عباءة) العربية، إذ لا تخلو اللغة الإندونيسية من تأثير الثقافة العربية عليها، والتي جعلت من الكلمة جزءاً من الهوية الثقافية في إندونيسيا.

وقد تمّ حسم نقطة الجدال حول الملكية الثقافية، عندما أعلنت اليونسكو مؤخراً اعترافها بالكبايا كتراث ثقافي، في الدورة الـ ١٩ لجلسة اللجنة الحكومية الدولية لحماية التراث الثقافي غير المادي لليونسكو، يوم الأربعاء ٤ ديسمبر ٢٠٢٤، في أسونسيون، باراغواي، لتنضم الكبايا إلى قائمة التراث الثقافي اللامادي (WBTb) أو تاكبيندا (Takbenda).

هذا الاعتراف من اليونسكو، وفقا لنائبة وزير السياحة الإندونيسية، السيدة ني لوه بوسبا، هو لحظة مهمة لمواصلة تطوير استخدام الكبايا، بما في ذلك توفير الفرص للسياح للاستمتاع بجمال إندونيسيا أثناء ارتداء الكبايا، وتمكينهم من التعرف على ثقافة البلاد بشكل أفضل.

وقالت وزارة الخارجية الإندونيسية في بيان على موقعها الإلكتروني إن هذا الاعتراف كان نتيجة للتعاون بين إندونيسيا وبروناي وماليزيا وسنغافورة وتايلاند الذين تقدموا بشكل مشترك بطلب للحصول على الكبايا كمرشح.

فتعزيز الإرث الثقافي يتطلب تعاونًا واحترامًا متبادلاً من أجل تجنب التوترات والحفاظ على التراث الثقافي المشترك في منطقة آسيان.

وصرحت ني لوه أن الكبايا، كجزء من الزي الإندونيسي، لديه القدرة على أن يصبح أيقونة الموضة التي تعزز الهوية الثقافية للبلاد.

ورحب السفير الإندونيسي الدائم لدى اليونسكو، السيد محمد عمر، بهذا القرار ووصفه بأنه “احتفال بالثروة التاريخية لدول جنوب شرق آسيا” و”تمثيل استثنائي للعددية الثقافية”، حسبما نقلت عنه الجمعة 6 ديسمبر، وأضاف “هذا الإنجاز لا يرمز فقط إلى الثروة الثقافية لإندونيسيا، ولكنه يعزز أيضا التضامن والتعاون بين دول الآسيان في الحفاظ على التراث الثقافي”.

وللاحتفال بهذا الإنجاز التاريخي، عقدت البلدانُ الخمسةُ المقترِحة معارض وعروض أزياء للكبايا على هامش جلسة لجنة اليونسكو.

هذه المبادرة لا تعزز الكبايا للعالم الدولي فحسب، بل تعزز أيضا روح الوحدة والتكاتف بين الدول في جنوب شرق آسيا.

هكذا استطاعت الكِباياَ، مثلما جمعت التناقضات الجميلة بين طيات تصاميمها، أن توحد الخلافات الثقافية السابقة، وتحول التنوع الثقافي إلى رمز للوحدة الثقافية المتناغمة، ومرآة تعكس إرثاً تاريخياً مشتركاً.

تعليقات
Loading...