كورونا وإندونيسيا.. مؤشرات صادمة ومستشفيات جاكرتا على وشك إغلاق أبوابها

0 978

جاكرتا، إندونيسيا اليوم – بلغة ملؤها التحذير والتنبيه خاطب حاكم جاكرتا أنيس باسويدان سكان الإقليم والمناطق المجاورة كاشفا أن وباء فيروس كورونا أخطر مما كان عليه في الأسابيع الأولى في شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان الماضيين، ومعلنا حالة الطوارئ وعدم الخروج من منازلهم أو السفر من العاصمة وإليها إلا في حالة الضرورة.

لكن الأخطر من ذلك ما كشفه باسويدان في مؤتمره الصحفي مساء أمس الأربعاء أن انتشار المرض لو استمر بهذه النسب ذاتها، فإنه بحلول يوم 17 سبتمبر/أيلول الجاري ستكون مستشفيات جاكرتا قد بلغت طاقتها الاستيعابية والمقدرة بـ 4053 سريرا، ولن يكون بمقدورها استقبال مزيد من المصابين بكورونا.

ولا يتعلق الأمر بجاكرتا وحدها فحسب أرقام وزارة الصحة فإن أقاليم بالي وجاكرتا وجنوب شرق سولاوسي وكالمينتان الشرقية وسومطرا الغربية، بلغ إشغال الأًسِرة بمستشفياتها 60% من طاقتها الاستيعابية.

مسار انتشار الفيروس
يشار إلى أن عدد الإصابات بكورونا المثبتة مخبريا في إندونيسيا حتى مساء الأربعاء- وحسبما هو معلن من قبل الهيئة الوطنية للتعامل مع آثار الكوارث- بلغ 203 آلاف و342 إصابة، منها 49 ألفا و397 حالة في جاكرتا، أي نحو ربع الحالات المثبتة مخبريا في إندونيسيا، يليها إقليم جاوا الشرقية بـ 36 ألفا و712 حالة، ثم إقليم جاوا الوسطى بـ 16 ألفا و133 حالة، فجاوا الغربية بـ 13 ألفا و333 حالة، وتتوزع بقية الحالات بين الأقاليم الأخرى.

وبالنسبة لمسار انتشار الفيروس قال باسويدان في مؤتمره الصحفي إنه لو لاحظنا الشكل البياني للإصابة بفيروس كورونا فسنجد أنه بدأ في الصعود بشكل سريع منذ شهر مارس/آذار الماضي، ثم حصل تباطؤ في انتشار الفيروس في العاصمة تحديدا عندما فرض التباعد الاجتماعي في 8 أبريل/نيسان وحتى يونيو/حزيران، وبنسب مستقرة، قبل أن يعاود الارتفاع مجددا مع عودة النشاط الاقتصادي.

وأضاف باسويدان أن الحكومة المحلية لجاكرتا ستعمل على رفع القدرة الاستيعابية للمستشفيات بنسبة 20%، وغرف الحجر الصحي إلى 4807 أَسِرة، لكن ذلك لن يكفي إلا لاستيعاب المرضى الجدد حتى الأسبوع الثاني من أكتوبر/تشرين الأول، لو لم يعد سكان جاكرتا إلى الانضباط مجددا بإجراءات التباعد الاجتماعي والإغلاق الجزئي للنشاطات الاقتصادية والاجتماعية والدينية.

وذكر أن رفع القدرة الاستيعابية للمستشفيات ليس إلا إجراءً مؤقتا مقابل الإجراء الأهم، وهو تقليل حركة السكان والتباعد الاجتماعي الموسع.

وفيات كورونا بإندونيسيا الأعلى في جنوب شرقي آسيا (الجزيرة)

العودة للمربع الأول
ويضيف باسويدان أنه بالنظر إلى بيانات عدد الإصابات والوفيات والطاقة الاستيعابية بالحجر الصحي والعناية المركزة الخاصة بفيروس كورونا، فإن وضع انتشار الفيروس يدخل مرحلة خطرة في العاصمة، وليس أمام حكومة العاصمة خيار إلا إعلان الطوارئ مجددا وفرض التباعد الاجتماعي الموسع وما يعنيه من وقف لمعظم الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والدينية، كما كان ذلك في بدايات انتشار فيروس كورنا في شهر أبريل/نيسان الماضي.

وفرْض التباعد الاجتماعي الموسع في جاكرتا ابتداء من يوم 14 سبتمبر/أيلول يعني العودة إلى العمل والدراسة وأداء الصلوات من المنزل، باستثناء 11 قطاعا رئيسيا سيتاح لها العمل من المكاتب بإجراءات معينة وبالحد الأدنى من الموظفين.

التنسيق مع المحافظات 
وقال باسويدان إن حكومته ستكثف التنسيق خلال الفترة المقبلة مع وزارات الحكومة المركزية والحكومات المحلية في المحافظات والمدن المحيطة، بهدف التعاون في فرض الإجراءات الصحية للتقليل من انتشار الفيروس.

من حيث الفحوصات، فإن نحو نصف من تم اجراء الفحوص الخاصة بفيروس كورونا لهم هم في جاكرتا، كما أنها تبدو أكثر سرعة من الأقاليم الأخرى في إعداد مستشفياتها وكوادرها الطبية ومع ذلك فسرعة انتشار المرض تسابق أي جهد بشري.

وقريبا سيتم تحويل مستشفى بازار مينغو ومستشفى تشينغارينغ إلى مستشفيين متخصصين بالكامل لمرضى كورونا.
وقد وظفت حكومة العاصمة 1174 من الأطباء والممرضين الجدد، بعد وفاة أكثر من 100 طبيب وعشرات الممرضين والممرضات متأثرين بإصابتهم بالفيروس.

فريق طبي بمستوصف بلدية كرامات جاتي بجاكرتا (الجزيرة)

أطباء يحذرون 
ويأتي إعلان حاكم جاكرتا عن حالة الطوارئ للمرة الثانية هذا العام لمواجهة جائحة كورونا بعد ساعات قليلة من مؤتمر صحفي لخبراء في الصحة العامة وأطباء أعلنوا فيه عن نتائج دارستهم بخصوص القدرة الاستيعابية لمستشفيات إندونيسيا.

وتوقعت الدارسة أن تنهار المستشفيات في المدن والأقاليم الإندونيسية التي صارت بؤرة للفيروس في الأسبوع الرابع من شهر سبتمبر/أيلول الجاري إذا ما وقع السيناريو الأسوأ، والذي قد يدفع إلى تضاعف عدد الوفيات مع نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول، بثلاثة أضعاف مقارنة بالوفيات الحالية.

واعتمدت الدراسة التي أعدها باحثون إندونيسيون في “مختبر المرونة الاجتماعية” بجامعة نانيانغ التقنية في سنغافورة، على منهجية حسابية اجتماعية تربط بين عدد الوفيات، من مجموع عدد المرضى الجدد يوميا مقابل أَسِرة مستشفيات جاكرتا وغرفها الخاصة بالعناية المركزة وما تم إشغاله منها.

ويقول الباحث د.فريدي تانتري إنه يتوقع بحلول 22 سبتمبر/أيلول أن يكون هناك 5500 مريض بفيروس كورونا يشغلون جميع أَسِرة مستشفيات جاكرتا مع أنها تعمل على زيادة قدرتها الاستيعابية بنسبة 20%، ولن يكون بمقدورها استقبال مرضى جدد.

نسب الإصابة بكورونا عادت للارتفاع في إندونيسيا بعد أن شهدت انخفاضا خلال شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران (الجزيرة)

إستراتيجية التدخل 
من جانبه، قال ذو الفقار أمير أستاذ علم الاجتماع المشارك في الجامعة نفسها إن إستراتيجية التدخل الاجتماعي التي تتبعها إندونيسيا غير فعالة في تقليل مؤشر الإصابة بفيروس كورونا، لأنها تعتمد فقط على التزام ووعي المواطنين بالإجراءات الصحية.

وأضاف “تلك الإجراءات الصحية غير كافية، لأن المواطنين مبدئيا مستمرون في نشاطهم، والناس لا يلبسون الكمامات لمدة 24 ساعة، وعندما يجتمعون ويتناولون الطعام والشراب مع بعضهم بعضا يخلعون الكمامات وهنا يحصل انتشار الفيروس”.

ويوصي ذو الفقار أمير الحكومة الإندونيسية بإغلاق جزئي للنشاط الاقتصادي كما كانت عليها الحال في بداية انتشار الوباء في شهر مارس/آذار الماضي.

بدورها، أيدت مديرة الدائرة الصحية في حكومة جاكرتا المحلية ويديا ستوتي الحاجة إلى تدخل موسع في السياسات لتقليل حركة السكان، مشيرة إلى أن ما تفرضه حكومة جاكرتا لن يكون كافيا وهناك حاجة لقرارات تصدرها الحكومة المركزية تشمل جميع أنحاء البلاد.

نقابة الأطباء حذرت: التعافي أولا ثم الاقتصاد
وتأتي هذه النتائج التصاعدية للإصابة بكورونا بعد تحذير باحثين اقتصاديين وأطباء من أن التعافي الصحي من الفيروس يجب أن تكون له الأولوية على تحريك الاقتصاد في ظل سعي الحكومة لتحريكه بعد أن شهد انكماشا للمرة الأولى منذ 22 عاما في الربع الثاني والثالث من هذا العام.

//إندونيسيا اليوم/متابعات/الجزيرة//

 

تعليقات
Loading...