مسجد أنكى الأنوار التاريخي يتحدى العصور

0 2٬808

جاكرتا والتي بلغ عمرها 484 سنة تعتبر من المدن التي تمتلك جاذبية خاصة من المناظر الطبيعة والعمائر التاريخية التي تروى قصة التاريخ العميق لهذه المدينة، خصوصا تاريخ كفاح أهلها ضد المستعمرين، من تلك العمائر، مسجد الأنوار التاريخي أو المعروف لدى شعب جاكرتا بمسجد أنكى

يقع مسجد االأنوار وسط قرية تاريخية راوا بيبيك Rawa Bebek، في شارع توباغوس انكى Tubagus AngkeK ، فرع Masjid 1 بالقرب من محطة قطار أنكى بجاكرتا الغربية. يقع المسجد على ساحة 13×13 متر، على أرض جميع مساحتها 930 متر مربع.

مسجد االأنوار من أقدم المساجد التي أنشئت في جاكرتا، حيث يعود تاريخ تأسيسه إلى عام 1761. كما ذكر المؤرخ الهولندى الدكتور ف. ديحان F. Dehaan في كتابه أود بتافيا Oud Batavia (أي باتافيا القديمة) بأن مسجد الأنوار قد تم إنشاؤه في يوم الخميس 26 من شعبان 1174ه الموافق 2 من أبريل عام 1761م. حيث تعهدت ببينائه سيدة مسلمة صينية ثرية من سلالة التتار تزوجت بأحد أمراء سلطنة بنتان Banten.

إن لتاريخ تأسيسه هذا المسجد علاقة قوية بحادثة محزنة في عهد العميد أدريان فالكنير 1741-1737 (Adrian Valckenier) لما أمر بالإبادة الجماعية لشعب الصين في بيتافيا Batavia (جاكرتا حاليا) عام 1740 مما أدت إلى مقتل معظمهم واختباء الأخرين في مناطق مجاورة لبتافيا خوفا وفرارا. فأمنهم بعض المسلمين من بنتان (حالياا محافظة تقع في غرب جاكرتا) في بيوتهم إلى عام 1761، فأسلم بعضهم وبنوا مسجد الأنوار في 1761 كمكان للعبادة ومركز للمجاهدين للكفاح ضد المستعمر الهولندى. فكانت تعقد بالمسجد الاجتماعات والمشاورات السرية بين تنظيم المجاهدين المحلي والمجاهدين من بنتان وشربون Cirebon.

وما يميز مسجد االأنوار عن غيره من المساجد، هو فن العمارة التي مزجت بين ثلاثة حضارات: الصين وجاوا وأروبا، حيث إن شكل المسجد المربع يدل على تأثره بفن عمارة المساجد التقليدية في جاوا، وكذلك نظام بناء الأعمدة داخل المسجد يذكر الزةار بنظام الأعمدة في المساجد في جاوا الوسطى. وأما تأثر المسجد بالحضارة الصينية فيظهر جليا في تفاصيل البناء لسقوف المسجد، حيث إن السقف المتراكمة للمسحد تأثرت بالحضارة الصينية التي توجد كثيرا في المباني خصوصا في السواحل الشمالية من جزيرة جاوا ما بين القرن الرابع عشر إلى الثامن عشر، كما تأثر نظام بناء الأبواب والنوافذ بفن العمارة في أوربا.

وتوجد المقابر القديمة وراء المسجد تحكي عن تاريخه العميق، حيث دفن بها بعض الأبطال المجاهدين من أمثال الشيخ شريف حامد القدري (ابن سلطان بونتياناك Pontianak الأمير حامد القدري في كاليمانتان الغربية) الذي شكل حركة الجهاد في منطقته ضد المستعمر الهولندي. فقبض عليه ونفي في بتافيا إلى أن وافاه الأجل في عام 1854، وأوصى وصية قبل وفاته بدفنه قرب المسجد.

فنظرا لدور مسجد الأنوار الهام في كفاح المسلمين ضد المستعمر ونشر دعوة الإسلام وماله من قيمة تاريخية لمدينة جاكرتا، أصدرت الحكومة المحلية في جاكرتا قرارها في تاريخ 10 يناير 1972 بإدخال مسجد الأنوار ضمن المساجد التاريخية التي تقع ضمن المحميات الحكومية.

تعليقات
Loading...