إعادة هيكلة جريندرا: تركيز السلطة حول برابوو وتوازن الفصائل

جاكرتا، إندونيسيا اليوم – شهد حزب جريندرا الحاكم مؤخرًا إعادة هيكلة في قيادته العليا. ويرى محللون أنّ هذه الخطوة تهدف إلى الحفاظ على الاستقرار الداخلي لضمان نجاح انتخابي في المستقبل، مع تقديم إشارات إلى تغييرات حكومية محتملة في الأفق.

حاليًا يقود حزب جريندرا الرئيس برابوو سوبيانتو، الذي أُعيد انتخابه رئيسًا للحزب في فبراير. وعلى الرغم من كونه الحزب الثالث من حيث الحجم في مجلس النواب، فإنّ أعضائه يتمتعون بنفوذ واسع على السلطتين التشريعية والتنفيذية في البلاد.

كشف برابوو عن التشكيلة الجديدة للمجلس التنفيذي المركزي للحزب خلال حدث حزبي في مجمع غارودا يكسّا في هامبالانغ، غرب جاوة، في اليوم الأول من أغسطس، حيث اجتمع كبار الشخصيات الحزبية لتلقي توجيهات الرئيس.

شهدت التشكيلة الجديدة تغييرين في منصبين رئيسيين. فقد تم تعيين وزير الخارجية سوجيونو أمينًا عامًا جديدًا للحزب، خلفًا لأحمد موزاني، أطول أمين عام في تاريخ جريندرا، منهياً فترة ولاية امتدت لما يقرب من عقدين.

موزاني، الذي يشغل أيضًا منصب رئيس مجلس الشعب الاستشاري، يتولى الآن أدوارًا استشارية بصفته أمين سر مجلس أمناء الحزب ورئيس المجلس الشرفي لجريندرا.

فيما يتعلق بدوره الجديد، قال سوجيونو يوم الثلاثاء: «تولّي منصب الأمين العام في جريندرا مسؤولية كبيرة. لقد احتفظ الحزب بالتشكيلة الإدارية ذاتها لما يقارب سبعة عشر أو ثمانية عشر عامًا بالفعل».

تغيير آخر شمل تعيين رجل الأعمال والسياسي ساتريو ديماس أديتو أمينًا لصندوق الحزب، بعد أن شغل سابقًا منصب نائب أمين صندوق جريندرا. ويُعدّ ساتريو، وهو عضو مجلس إدارة في شركة تعدين مرتبطة بشقيق برابوو هاشيم دجوجوهاديكوسومو، خلفًا لابن شقيق برابوو توماس دجيواندونو، الذي يشغل أيضًا منصب نائب وزير المالية.

التجديد الداخلي، الاستقرار

يرى المحللون أن هذه التعديلات جزء من عملية تجديد داخلي في الحزب، تهدف إلى إفساح المجال للتغيير الجيلي وإدارة التنافس بين الفصائل على نحوٍ متوازن.

قال المحلل السياسي كينيدي مسلم من مؤسسة إنديكاتور بوليتيك إنّ التغييرات تبدو موجّهة نحو إعداد جيل جديد من القادة داخل الحزب الحاكم، مع اعتبار سوجيونو، المقرّب الذي يُشار إليه غالبًا بأنه «الابن الأيديولوجي لبرابوو»، محور هذه الخطة.

قال كينيدي: «إعادة الهيكلة تمنح سوجيونو منصة سياسية إستراتيجية. إنها إشارة واضحة إلى أنه يُعدّ ليكون خليفة برابوو المحتمل، سواء داخل الحزب أو على الساحة الوطنية».

كان سوجيونو ضمن الدائرة المقرّبة من برابوو لعقود. فبعد تقاعده من الجيش عام ألفين وأربعة، أصبح لاحقًا السكرتير الشخصي لبرابوو، ما أسس لشراكة سياسية طويلة الأمد استمرت حتى تأسيس حزب جريندرا عام ألفين وثمانية.

يبدو أن إعادة الهيكلة تهدف أيضًا إلى الحفاظ على التوازن بين الفصائل المتنافسة داخل الحزب، وفقًا لأغونغ باسكورو من مؤسسة ترياس بوليتيك ستراتيجيك.

حدّد المحللون عدة فصائل داخل جريندرا، من بينها فصيل الضباط العسكريين السابقين، وخريجو مدرسة تارونا نوسانتارا الثانوية التي أسستها وزارة الدفاع عام ألف وتسعمئة وتسعين، إضافة إلى المدنيين، والرموز العائلية والتجارية.

قال أغونغ: «السماح لأي مجموعة بالهيمنة قد يعطّل الاستقرار الداخلي. هذه طريقة برابوو للحفاظ على توزيع السلطة بشكل متوازن».

يُنظر إلى انتقال موزاني إلى موقعٍ استشاري كوسيلة لتخفيف حدّة المنافسة الداخلية مع رئيس الحزب اليومي صوفي داسكو أحمد، الذي يُعدّ على نطاقٍ واسع الشخصية الأبرز في الفصيل المدني. وداسكو، نائب رئيس مجلس النواب، يشغل أيضًا الآن منصب نائب رئيس مجلس أمناء جريندرا.

في الوقت نفسه، قد يشكّل صعود سوجيونو، الذي يُنظر إليه ممثلًا لكلٍ من خريجي تارونا نوسانتارا والفصيل العسكري، إلى منصب الأمين العام «وزنًا مضادًا لنفوذ داسكو المتزايد» داخل الحزب، وفقًا لأغونغ.

وفي المقابل، يرى أغونغ أن استبدال توماس بساتريو، وهو شخصية موثوقة ضمن دائرة دجوجوهاديكوسومو، يعزّز الفصيل العائلي ويقلّل من احتمالات تضارب المصالح.

التغيرات الخارجية

قد يشير تعيين سوجيونو أيضًا إلى تعديل وزاري وشيك. وأوضح أغونغ أن دوره الحالي كوزيرٍ للخارجية، بما يتطلبه من سفرٍ متكرر، قد يتعارض مع حاجة الأمين العام إلى إشرافٍ يومي لصيق على شؤون الحزب.

قال أغونغ: «من الممكن أن يُنقل سوجيونو قريبًا إلى وزارة تركز أكثر على الشؤون الداخلية».

ظهرت كذلك تكهنات بإمكانية تعيين موزاني وزيرًا للداخلية خلفًا للوزير الحالي تيتو كارنافيا. غير أن هذه الشائعة نفاها وزير الدولة براسيتيو هادي، وهو سياسي في جريندرا.

قال براسيتيو يوم الاثنين: «من الناحية المنطقية، لا معنى لذلك. إنه الآن رئيس مجلس الشعب، فكيف يمكن أن يصبح وزيرًا فجأة؟»

رفض عدد من الوزراء أيضًا تكهنات التعديل الوزاري، مؤكدين أن الرئيس أثنى بدلًا من ذلك على حكومته لـ «عملهم الجاد وإنجازاتهم وتقدمهم» خلال افتتاح اجتماع مجلس الوزراء يوم الأربعاء.

قد تشير التغييرات الداخلية في جريندرا أيضًا إلى بدء الحزب مبكرًا في التحضير لانتخابات عام ألفين وتسعة وعشرين. وقد يعزّز تماسك الحزب ووحدته فرصه في الهيمنة على الاستحقاق التشريعي المقبل.

لكن مكانة الحزب كقوة مهيمنة قد تعتمد على أداء إدارة برابوو خلال الأعوام الأربعة المقبلة، بحسب كينيدي من إنديكاتور بوليتيك.

«إذا نجحت إدارته»، قال كينيدي، «فستكون فرص جريندرا في البقاء حزبًا رئيسيًا في انتخابات عام ألفين وتسعة وعشرين قوية».

إندونيسيا اليوم | جاكرتا بوست