إندونيسيا في ظل كورونا.. المنظمات الأهلية أكثر اهتماما بالمواطن من الحكومة

0 926

جاكرتا- صهيب جاسم

أظهر استطلاع للرأي أجرته هيئة الدراسات الاستراتيجية والتنموية في إندونيسيا أن المنظمات المجتمعية والجمعيات الإنسانية أو الأهلية تتقدم في نظر معظم من أستطلعت آراؤهم من الإندونيسيين على الهيئات الرسمية، فحسب الاستطلاع نالت جمعية رضا 17.26%، وهي أكبر الجمعيات الإسلامية مؤسساتٍ ومن أقدمها حيث قارب عمرها 109 سنوات، وكانت في مقدمة من ذكرها من سئلوا من قبل هيئة الدراسات ومقرها جاكرتا عن أكثر الهيئات أو المنظمات المهتمة بمصلحة المواطنين خلال جائحة كورونا.

ثم تلا ذلك نقابة الأطباء الإندونيسيين ( 16.51%)، وجمعية نهضة العلماء ( 12.55%)، و المتطوعون الإندونيسيون المتحدون لمواجهة كورونا ( 10.47%)، ثم هيئة الاستجابة السريعة “آكت” (6.13%)، وجمعية المركز الإندونيسي للعدالة والإغاثة “بي كي بي أو ” ( 5.19% )، ومجلس العلماء الإندونيسي ( 4.53%)، والصليب الأحمر الإندونيسي ( 3.21%)، وجاءت الهيئة التنسيقية العليا الحكومية لمواجهة جائحة كورونا متأخرة حسب الاستطلاع بنسبة ( 2.26%)، تليها الجبهة الدفاعية الإسلامية ( 1.51%)، وبعد كل أولائك حصلت الهيئة الوطنية للتعامل مع آثار الكوارث وهي حكومية على (1.32%)، فيما قال ( 16.13%) من المستطلعة آراؤهم إنهم يرون في منظمات وهيئات أخرى اهتماما بالوباء وآثاره الاجتماعية.

وقال حفيظ مفتي ساني المتحدث بإسم الهيئة التي أجرت الاستطلاع بأن آراء الشارع تشير إلى أن الناس لا يعتبرون الاهتمام بقضايا المجتمع وهموم الناس مقتصرا على التعامل مع جائحة كورونا من حيث أنها كارثة أو وباء فقط أو بتقديم المساعدات فحسب، بل أيضا من الناحية القانونية والدفاع عن حقوق المواطنين ومتابعة السياسات العامة في هذه الوقت العصيب، مشيرا إلى أن الاستطلاع أجري في الأقاليم الإندونيسية الـ 34، ويهدف الاستطلاع لمعرفة آراء الشارع تجاه السياسات التي نفذت منذ بدء الوباء قبل 4 أشهر والقرارات الأخرى التي اتخذت خلال هذه الفترة، ولهذا ركز الاستطلاع على المتعلمين، حيث شكل الحاصلون على الشهادة الجامعية أو الدبلوم 62.23% منهم، وخريجو الثانوية ( 32.73%).

حزب معارض ينال النسبة الأكبر

حزب العدالة في مقدمة الأحزاب الإندونيسية من حيث اهتمامه بخدمة المواطن خلال جائحة كورونا (مواقع إلكترونية)

أما الأحزاب ودورها في مواجهة الجائحة فقد تقدم حزب العدالة والرفاه المعارض على غيره في نظر من استطلعت أراؤهم وحصل على رضا (39.91%)، تلاه حزب حركة إندونيسيا العظمى ( 22.23%) – وكان في التحالف المعارض ثم انضم مرشحه للرئاسة برابوو سوبيانتو للحكومة وصار وزيرا للدفاع حاليا-، وفي المرتبة الثالثة حصل حزب النضال من أجل الديمقراطية وهو حزب الرئيس جوكوي على ( 11.33%) فقط، ثم الحزب الديمقراطي وهو حزب الرئيس الأسبق يوديونو وهو غير مشارك في التحالف الحاكم حاليا ( 9.38%)، وحزب النهضة القومية المشارك في التحالف الحاكم ( 4.30%)، وحزب الأمانة الوطني وهو غير مشارك في التحالف الحاكم ( 4.15%)، وحزب غولكار وهو أحد أحزاب التحالف الحاكم ( 2.05%)، والحزب القومي الديمقراطي وهو مشارك في الحكومة أيضا ( 1.71%)، وحزب التنمية المتحد وهو مشارك في التحالف الحاكم ( 0.78%)، بينما لم يجب عن هذا السؤال بخصوص الأحزاب (4.15%) من المستجوبين.

متابعة القرارات الحكومية بشأن كورنا ؟

وعندما سئل من استطلعت آراؤهم عن مجموعة من القرارات الحكومية، ومنها القرار الرئاسي رقم 1 لعام 2020 الذي أقره البرلمان والخاص بالتعامل المالي في جهود مكافحة كورونا والإنفاق الحكومي في هذا الشأن، قال 51.93% إنهم على إطلاع على هذا القرار و 81.24% من هؤلاء غير موافقين على ما جاء فيه، فيما قال الباقون إنهم لا يعرفون بصدور هذا القرار الذي يمنح الحكومة صلاحيات واسعة في الإنفاق لموجهة الجائحة، وعندما سئل من يعارض هذا القرار عن سبب ذلك قال 65.29% منهم إن هذا يقنن الفساد المالي والإداري، فيما قال 20.15% بأنه يتجاوز حق البرلمان في مراقبة الموازنات.

ومن بين القرارات الأمنية المتخذة في بداية جائحة كورونا قرار إطلاق سراح أعداد من نزلاء السجون من قبل وزارة العدل وحقوق الإنسان، وكان لافتا أن 90.82% من المستجوبين عارضوا هذا القرار، وتوزعت أسباب عدم موافقتهم على قرار كهذا بين : المخاوف الأمنية، ولأسباب سياسية، واحتمالية فتح الباب لإطلاق سراح سجناء الفساد المالي والإداري، ولحجج قانونية أخرى.

وتوسعت أسئلة الإستطلاع لتشمل الملاحقات القانونية لمن يتهم بإهانة المسؤولين خلال فترة الوباء، وقد عارض ذلك 68.39%، فيما وافقت النسبة الباقية، وعلل الرافضون لمثل هذا التعامل القانوني رفضهم بأنه يهدد الحق في حرية التعبير المكفولة دستوريا ( بنسبة 43.68% )، وأن النقد البناء يعين في مواجهة الوباء ( بنسبة 27.71%)، وقال (17.90%) إن سبب رفضهم قانوني لأن المادة ذات الشأن سبق وأن ألغيت من قبل المحكمة الدستورية، وقلة ذكرت أسبابا أخرى، وفي سؤال بنفس المسار قال (89.90%) ممن استطلعت أراؤهم إن الرأي الناقد أو النقد يصب في مصلحة المواطنين أو المصلحة العامة خلال جائحة كورونا.

وتمتد أسئلة الاستطلاع للسياسات الإقتصادية خلال جائحة كورونا، ويلاحظ شبه اتفاق الأغلبية الساحقة من الشارع الإندونيسي على رفض القرارات الحكومية ذات الطبيعة الإقتصادية والمرتبطة بحياة الناس اليومية، فمثلا رفض (73.14%) من المستجوبين مسودة قانون العمل ضمن مجموعة قوانين تناقش تحت مسمى مشروع القانون الجامع، والذي مازال قيد المناقشات والمداولات في البرلمان، أما أسباب معارضتهم لمشروع ذلك القانون فإنها توزعت بين قولهم بأنه يصب في مصلحة الحكومة والمستثمرين ( بنسبة 28%)، ويتغافل عن حماية العمال ( بنسبة 24.56%)، وأنه يفتقد للشفافية منذ أن بدأت صياغته ( بنسبة 21.16%)، وأن هناك مسعى لإقراره مع تقليص هامش المشاركة العامة في ذلك ( بنسبة 16.69%)، ويتعارض مع السياسات الحامية للبيئة ( 7.22%)، ولأسباب أخرى.

وفي شأن العمالة أيضا عبر (96.92%) من المستطلعة آراؤهم عن رفضهم للسماح للعمالة الصينية بالدخول إلى إندونيسيا حسب قرارات حكومية بهذا الشأن في بعض القطاعات والمناطق، كما رفض ( 95.66%) القرار الحكومي برفع قيمة الرسوم الشهرية التي يسددها المواطنون للتأمين الصحي الحكومي شبه الإلزامي، وتوزعت أسباب معارضتهم لهذا الأمر بين ثلاثة أسباب رئيسية، ففي نظرهم: التأمين الصحي من مسؤولية الحكومة، وأن هذا يثقل كاهل المواطنين، وأنه يخالف قرار المحكمة العظمى الذي ألغى قرارا سابقا برفع القيمة التي على المواطن دفعها شهريا للحصول على الرعاية الصحية.

الرئيس جوكوي غير راضٍ عن أداء حكومته

الرئيس جوكوي في زيارة إحدى المناطق السياحية حيث تأثر القطاع السياحي كثيرا بالوباء (مواقع إلكترونية)

وقد نشرت نتائج هذا الإستطلاع بعد يوم من بث إعلام القصر الرئاسي تسجيلا مصورا لكلمة الرئيس جوكوي في اجتماع لوزراء حكومته، يوم الثامن عشر من الشهر الجاري أي قبل 12 يوما إلا أن التسجيل لم يظهر إلا اليوم، عن التراجع الإقتصادي محليا وعالميا، في ظل ترقب المواطنين وقلقهم من تفاقم أزمة البطالة وتدهور الأوضاع المعيشية بعد شهور من جائحة كورونا.

وقد بدا جوكوي غاضبا من أداء وزراء ومسؤولي حكومته مذكرا بمسؤولية الحكومة تجاه أكثر من 260 مليون نسمة وقال : ” “نحن المجتمعون كلنا قادة ومسؤولون نتحمل مسؤولية أمام 260 مليون من سكان إندونيسيا، أريدكم تذكر هذا، أريد ان نعمل بنفس الشعور وبعقلية الأزمة، عليكم أن تحذروا، توقعات المنظمات الدولية تشير إلى احتمال انكماش الإقتصاد العالمي حتى نسبة 7.6 %، والبنك الدولي يتحدث عن انكماش بنسبة 5%، علينا أن نشعر بهذا الواقع، علينا إدراك ذلك، وألا نعتبر الأمر عاديا، فالوضع خطير، وما أراه أن كثيرين من السادة وإخوتنا يعتبرون الأمر طبيعي، وهذا خطير للغاية، ويعملون بشكل روتيني جدا، مع أن علينا العمل بشكل استثنائي، وأن تكون خطواتنا وقراراتنا وأجواء عملنا تتجه لمواجهة الأزمة”

وألمح الرئيس جوكوي إلى إمكانية إجراء تعديل وزاري أوحل بعض الهيئات الحكومية وإصدار قرارات استثنائية ، وقال سأكون صريحا بالقول بأنه لم يتم إنجاز تقدم كبير في تحريك عجلة الإقتصاد والإنفاق الوزاري في المجال الصحي والمصارف الإقتصادية الأخرى ، مذكرا بالعمل بعقلية استثنائية لمواجهة الوضع الخطير في ظل جائحة كورونا.

وأضاف جوكوي في كلمته أمام وزرائه داخل القصر الرئاسي بجاكرتا “أريد التذكير بضرورة التعجيل بإنفاق الوزارات، وما أراه من التقرير الإنفاق الوزاري مازال على حاله الاعتيادي، هناك حاجة لإنفاق وزاري لتحريك الأموال بين الناس والدفع بعجلة الاستهلاك، فمثلا ميزانية المجال الصحي، ما أنفق يشكل 1.53 % فقط من الميزانية السنوية للصحة العامة، لابد من تعجيل الإنفاق وترشيده لمصارفه المناسبة، بما في ذلك مكافآت الأطباء والفرق الطبية، وشراء المعدات الطبية، والمعونات الغذائية تحتاج لتعجيل توزيعها، رغم ما أنجز فإننا نحتاج المزيد، وتحفيز أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة والمصانع والمصارف فلا ننتظرهم حتى ينهاروا ثم نتحرك متأخرين فلن يكون لذلك معنى، وقبل أن تتسع دائرة الفصل من العمل”.

المصدر: الجزيرة

تعليقات
Loading...