إندونيسيا والنضال الفلسطيني طوال عام 2024

جاكرتا، إندونيسيا اليوم – تستمر جمهورية إندونيسيا في دعمها الثابت لنضال الشعب الفلسطيني وحكومته من أجل تحقيق حلمهم في إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس.

منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة؛ لم تتوان إندونيسيا عن إظهار تضامنها القوي وتأييدها العميق للحقوق الفلسطينية، فطوال عام 2024، كانت إندونيسيا حاضرة في العديد من المحافل الدولية فقد ندّدت بالعدوان الإسرائيلي، ودعمت مشاريع القرارات الداعية إلى وقف إطلاق النار في الجمعية العامة للأمم المتحدة. كما توجهت وزيرة الخارجية الإندونيسية السابق ريتنو مارسودي إلى الأردن والمملكة العربية السعودية، ودفعت منظمة التعاون الإسلامي بشكل نشط لدعم وقف إطلاق النار.

دعم إندونيسيا للفلسطينيين على الصعيدين الوطني والدولي

تعتبر إندونيسيا من الدول الرائدة في دعم القضية الفلسطينية على الصعيدين الوطني والدولي. وقد قدمت إندونيسيا الدعم السياسي والمالي للفلسطينيين على مر السنين.

فمنذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة  ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، تعهدت إندونيسيا بتقديم الدعم الإنساني العاجل للشعب الفلسطيني، بل تزايد دعم القضية الفلسطينية بين أفراد المجتمع المدني أيضاً؛ وشهدت مدن إندونيسية متفرقة العديد من المظاهرات الداعمة لغزة والمنددة بالحرب الإسرائيلية عليها، وعلى مدار أكثر من عام وحتى الآن، لم يخِفّ وهج حماس الشعب الإندونيسي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين، والمظاهرات الحاشدة في مختلف المدن الإندونيسية والتي تنظمها مؤسسات وجمعيات وطلاب إندونيسيون لم تتوقف منذ ذلك اليوم، ممثلين بذلك الشعلة الدائمة والضمير الواعي دائما حول واجبنا القومي والإسلامي للمناهضة بحقوق إخواننا الفلسطينيين والدفاع عن بيت المقدس أولى القبلتين.

التحركات الدبلوماسية والدعوة لموقف دولي موحد

على الصعيد الدبلوماسي، عملت إندونيسيا على تعزيز التحركات الدولية في دعم حقوق الفلسطينيين. وقد دعت إندونيسيا من خلال منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (APEC)، ومنظمة التعاون الإسلامي (OIC)، والأمم المتحدة إلى اتخاذ مواقف موحدة تدين العدوان الإسرائيلي، وتطالب بحل عادل وشامل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

والخطاب الذي ألقاه نائب وزير الخارجية الإندونيسية أنيس ماتا في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، في ١٢ نوفمبر٢٠٢٤، في إطار تفاعل إندونيسيا مع تطورات القضية الفلسطينية، خير مثال لدعم إندونيسيا الثابت والشامل لفلسطين وحقوق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، عاصمتها القدس. وكذلك التأكيد على ضرورة الضغط الدولي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.

دعم إندونيسيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة – يناير 2024

في بداية عام 2024، استمرت إندونيسيا في دعم القضية الفلسطينية على الصعيد الدولي من خلال التأكيد على حق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية. خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، أيدت إندونيسيا كل القرارات التي تدين الاحتلال الإسرائيلي و العدوان على غزة، ودعت إلى تنفيذ القرارات الدولية التي تدعو إلى حل الدولتين.

المساعدات الإنسانية والإنقاذ الطبي

إندونيسيا لم تقتصر على الدعم السياسي فقط، بل قدمت المساعدات الإنسانية بشكل مستمر. واستمرت بإرسال قوافل مساعدات طبية وغذائية إلى غزة، بالإضافة إلى دعم المستشفيات الفلسطينية لتقديم العلاج لآلاف الجرحى الفلسطينيين بسبب العدوان المستمر. كما أرسلت إندونيسيا فرقًا طبية للمساعدة في معالجة المصابين، خاصة في ظل النقص الحاد في الموارد الطبية بسبب الحصار المستمر والدمار الكبير الذي خلفته الهجمات

ولعل أبرز مشاهد دعم إندونيسيا لسكان غزة يتمثل في المستشفى الإندونيسي الواقع في الطرف الشمالي من قطاع غزة؛ وقد تعرض هذا المستشفى – الذي جاء تمويل بنائه بالكامل في العقد الماضي من التبرعات الإندونيسية – للقصف من القوات الإسرائيلية في خضم الحرب الحالية.

حشد الرأي العام المحلي والدولي

على المستوى الشعبي، تجمعات التضامن مع فلسطين كانت مستمرة في إندونيسيا طوال عام 2024، حيث شهدت المدن الإندونيسية مسيرات كبيرة، تنديدًا بالعدوان الإسرائيلي على غزة ومطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني. هذه التحركات الشعبية لا تقتصر على التظاهرات السلمية، بل تشمل أيضًا المؤتمرات الصحفية و الندوات التي تهدف إلى زيادة الوعي حول معاناة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.

التأثير على السياسة الإندونيسية الداخلية

كما أن قضية فلسطين تظل محورًا هامًا في السياسة الداخلية الإندونيسية، إذ يظهر دعم الحكومة الإندونيسية المتواصل لفلسطين كجزء من سياسة إندونيسيا الخارجية التي تلتزم بالقيم الإنسانية والمبادئ العدلية. يعد الرفض الكامل للاحتلال الإسرائيلي جزءًا من الهوية الوطنية لإندونيسيا، وقد أثر ذلك في العلاقات الخارجية للبلاد على مدار العام.

التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية في السياسة الخارجية

إندونيسيا تواصل تأكيد مركزية القضية الفلسطينية في سياستها الخارجية، معتبرة أن حل القضية الفلسطينية يمثل مفتاحًا للسلام الدائم في منطقة الشرق الأوسط. ويشكل دعم فلسطين جزءًا من السياسة الخارجية المستقلة لإندونيسيا، التي ترتكز على العدالة و حقوق الإنسان في جميع قضاياها الدولية.

المستقبل: تعزيز التضامن الإسلامي والعالمي

من المتوقع أن تستمر إندونيسيا في لعب دور محوري في تعزيز التضامن الإسلامي والعالمي لدعم فلسطين. من خلال تعزيز التعاون مع الدول العربية و الدول الآسيوية، و المجتمع الدولي، تأمل إندونيسيا في إيجاد حلول عملية تسهم في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وحل النزاع بشكل دائم.

• حثت وزيرة الخارجية الإندونيسية السابق ريتنو مرسودي، الجمعية العامة للأمم المتحدة على القيام بما فشل مجلس الأمن الدولي في القيام به، وهو محاسبة إسرائيل ووقف العنف في قطاع غزة وإعطاء مساحة أكبر للإنسانية ، وذلك خلال اجتماع طارئ للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية (26 أكتوبر2023)
• المظاهرة المليونية: شهدت العاصمة الإندونيسية جاكرتا في ٥ نوفمبر ٢٠٢٣، مظاهرات حاشدة (يقدر بمليون ونصف مليون شخص) تضم مختلف الأديان، تنديدا بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والمطالبة بوقف العدوان الغاشم، وشارك في المظاهرة مسؤولون ووزراء حكوميون وقادة أحزاب سياسية ومنظمات إسلامية وبرلمانيون.
• المظاهرة الحاشدة صباح الأحد ١١ نوفمبر ٢٠٢٣، في مدينة بيكاسي قرب العاصمة الإندونيسية جاكرتا، تنديدا بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة بعد 37 يوماً من الاعتداء المستمر.
• أرسلت إندونيسيا نحو 21 طنا من المساعدات الطبية إلى قطاع غزة (١١ نوفمبر ٢٠٢٣) تتضمن مستلزمات ومعدات طبية.

أرسلت إندونيسيا مستشفى عائم  إلى فلسطين ١٨ يناير ٢٠٢٤

• سجلت هيئة عاملي الزكاة الوطنية الإندونيسية (٣ أبريل ٢٠٢٤) تبرعات كبيرة من المواطنين الإندونيسيين بقيمة 15.6 مليون دولار، وتم إرسال 4400 طن من المساعدات إلى غزة. وهذه الأرقام لا تشمل المساعدات التي أرسلتها جمعيات إنسانية أهلية ومجتمعية أخرى. ولم تتوقف المساعدات باسم التضامن الفلسطيني في إندونيسيا منذ ذلك الحين وحتى الآن.
• أكدت إندونيسيا دعمها للشعب الفلسطيني في نضالهم من أجل الحرية والاستقلال، خلال اجتماع لوزيرة الخارجية السابق ريتنو مارسودي مع السفراء العرب في جاكرتا (٣ أبريل ٢٠٢٤) لمناقشة الأوضاع في قطاع غزة والجهود الرامية لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2728، ودعم الأونروا والعضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة.
• إندونيسيا تؤكد رفضها لتطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي في حديث مارسودي خلال برنامج عن فلسطينفي مجلس الشعب الاستشاري الإندونيسي (٣ أبريل ٢٠٢٤)، بحضور أئمة وأكاديميين وخطباء فلسطينيين خلال شهر رمضان الماضي، وتجدد دعمها للشعب الفلسطيني، منتقدة مواقف الدول التي سعت إلى تطبيع العلاقات مع اسرائيل بقولها “النفاق والمعايير المزدوجة نراها اليوم موقفا جماعيا على المستوى الدولي تجاه قضية فلسطين”.
• وجاء برنامج سفاري رمضان الذي نظمته جمعيات ومؤسسات إندونيسية، طوال شهر رمضان الماضي، تضميدا لجراح فلسطين. شارك فيه عشرات من الأئمة الفلسطينيين ومن الغزيين الذين كانوا خارج قطاع غزة عند بدء الحرب. وقد تنقلوا بين مئات المساجد والمدارس والمعاهد في مختلف المحافظات الإندونيسية ليس للإمامة بالمصلين فحسب، بل لتوعية مسلمي إندونيسيا بتفاصيل وتطورات القضية الفلسطينية ونشر الوعي حول الأوضاع في فلسطين والقدس والمسجد الأقصى، حسب ما أفاده الدكتور سودارنوتو عبد الحكيم، مسؤول العلاقات الخارجية والتعاون الدولي في مجلس العلماء الإندونيسي. وجاءت هذه الفعاليات الرمضانية في المساجد، فرصة مثالية للتبرع والمساهمة في دعم الفلسطينيين، مما دعى الدكتور سامح كامل أحمد الحجاج -باسم الأئمة الفلسطينيين المشاركين- الشعب الإندونيسي وحكومته على الدعم المستمر للشعب الفلسطيني وقضيته، وأنهم لمسوا خلال تجوالهم في المحافظات الإندونيسية حب المواطن الإندونيسي لفلسطين، وتعلقهم بأرض الإسراء.
• اجتماع وزير الخارجية الإندونيسية سوغيونو مع الأمين العام للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، ٢٣ أكتوبر ٢٠٢٤، على هامش قمة بريكس BRICS في قازان، روسيا.
• إدانة الحكومة الإندونيسية للحصار الشامل والهجمات الإسرائيلية في أول بيان لخارجيتها، واعتبرت أن “الهجمات التي استهدفت مرافق الرعاية الصحية والعاملين فيها بشمال غزة، بما في ذلك المستشفى الإندونيسي، انتهاكات واضحة للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان”. وجاءت هذه الإدانة في البيان الأول للخارجية الإندونيسية في ٢٣ أكتوبر ٢٠٢٤، بعد يوم من تعيين وزير الخارجية الجديد سوغيونو و3 نواب له في حكومة الرئيس الإندونيسي الجديد برابوو سوبيانتو.

امتنان سلطان | اندونيسيا اليوم | انتارا