indonesiaalyoum.com
إندونيسيا اليوم

احتفالات رأس السنة الصينية بإندونيسيا: بين الأساطير التاريخية والموروثات التقليدية

Perayaan Tahun Baru Imlek di Indonesia: Antara Legenda Sejarah dan Warisan Tradisional

0 93

جاكرتا، إندونيسيا اليوم – تعتبر السنة الصينية الجديدة (إيمليك) أو ما يعرف بـ “عيد الربيع”، من الاحتفالات التي تحفل بالبهجة والفرح، وتحمل في طياتها طقوسًا وتقاليد عريقة تعود لآلاف السنين.

هذا العيد بالنسبة للصينيين ليس مجرد بداية عام جديد، بل هو فرصة لبدء صفحة جديدة من الحياة، حيث يملأ الأمل والطاقة الإيجابية كل زاوية في البيوت الصينية وشوارعها. مع بداية هذا العيد، تتزين المدن بالألوان الزاهية ويغلب عليها اللون الأحمر والزخارف الذهبية بشكل خاص، وتنتشر الألعاب النارية التي تصدح في السماء، بينما تتجدد الروابط العائلية بالتجمعات والزيارات.

لا يقتصر احتفال إيمليك على الصين فقط، بل يُحتفل به في معظم أنحاء العالم، بما في ذلك إندونيسيا. ويعود ذلك إلى وجود العديد من أبناء الجالية الصينية في الخارج، بالإضافة إلى وجود المجتمعات ذات الأصول الصينية.

وتتألق المدن الإندونيسية خلال احتفالات العيد الصيني بالفوانيس الحمراء والمهرجانات، وتنبض الحياة في شوارعها بزخارف ملونة وعروض تقليدية، خاصة في الأحياء الصينية الشعبية، مثل منطقة جلودوك بجاكرتا، ومعبد// Sanggar Agung// في سورابايا وغيرها في بالي، ومهرجان //Grebeg Sudiro// في مدينة سولو.

فسواء كنت من السكان المحليين أو المسافرين، فإن تجربة السنة الصينية الجديدة في إندونيسيا تقدم لمحة فريدة عن النسيج الثقافي الغني للبلاد.

يُعتبر عيد الربيع الصيني مناسبة لتكريم الأسلاف والتأكيد على القيم العائلية، كما يعكس الثقافة الصينية العميقة التي تمزج بين التقاليد والروح الحديثة. فما الذي يجعل هذا العيد مميزًا؟ وكيف يتم الاحتفال به في أنحاء العالم، من الصين إلى إندونيسيا؟

في هذه الرحلة عبر الزمان والمكان، نستكشف طقوس إيمليك، التي تتنوع بين التنظيف وتوزيع العيديات “الأنغ باو”، وكيف أن هذه التقاليد لا تزال حية في قلب المجتمع الصيني، ليبقى الاحتفال بهذه المناسبة احتفالًا عالميًا يجمع الجميع تحت سماء واحدة.

1 طقوس تنظيف المنازل والتحضيرات للاحتفال:

تبدأ التحضيرات لعيد السنة الصينية الجديدة قبل أسابيع من الموعد، حيث يتم تنظيف المنازل بشكل دقيق. يُعتقد أن هذا يساعد على إزالة الطاقة السلبية وطرد الحظ السي. يُفضل القيام بهذا النشاط في اليوم الذي يسبق العيد، حيث يُمنع عادةً في أيام العيد الثلاثة الأولى من تنظيف المنزل، اعتقاداً منهم أنه قد يمحي الحظ السعيد الذي يأتي مع الشهر الجديد.

تُزين المنازل بالفوانيس الورقية الحمراء، وقصاصات الورق المزخرفة، وأشجار البرتقال (الماندارين) وغيرها. فاللون الأحمر هو اللون الأساسي، ويُضاف إليه اللون الأصفر كزخارف تُحاكي أسلوب الحياة الصينية. وتتسوق العائلات لشراء ملابس جديدة، وهدايا، وأطعمة خاصة لبداية مزدهرة للسنة.

2 أصول السنة الصينية الجديدة (إيمليك):

إيمليك هو مصطلح يُستخدم للإشارة إلى رأس السنة الصينية. يعود أصل كلمة إيمليك إلى كلمتين في لغة الماندرين، حيث تعني كلمة “إيم” الشهر و”ليك” تعني التقويم. وبالتالي، يمكن ترجمتها إلى تقويم شهري، وفي الصين يُعرف هذا اليوم الكبير باسم ين لي.

يرمز مهرجان الربيع إلى بداية جديدة. يحدد تاريخ هذا العيد وفقًا للتقويم القمري، وعادةً ما يقع بين 21 يناير و20 فبراير. وكل عام مرتبط بأحد الحيوانات الإثني عشر في الأبراج الصينية، والذي يرمز إلى خصائص فريدة وحظ معين. ويصادف هذا العام سنة الثعبان والذي يعني القوة والازدهار.

3 ما السر وراء اللون الأحمر في العيد الصيني؟

يعود تاريخ السنة الصينية الجديدة إلى أكثر من 3000 عام، حيث بدأ كاحتفال بالحصاد في عهد أسرة شانغ. ثم تطور ليصبح تقليداً ثقافياً غنياً، متأثرا بأسطورة “نيان” الوحش الأسطوري الذي يهاجم القرى في بداية كل سنة جديدة.

واكتشف القرويون أنه يخاف من ثلاثة أشياء: اللون الأحمر، الضوضاء العالية، والأضواء الساطعة. لذلك، كانوا يستخدمون الألعاب النارية، والزينة الحمراء، والأصوات العالية لطرده. وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من الاحتفالات حتى اليوم.

4 إطلاق الألعاب النارية أو المفرقات:

كما في الاحتفالات الأخرى بمناسبة رأس السنة، يتم إطلاق الألعاب النارية عادةً كرمز للاحتفال أو لمجرد إضافة جو من البهجة. لكن في احتفالات رأس السنة الصينية، يُستخدم إطلاق الألعاب النارية والمفرقعات كوسيلة لإخافة الأرواح الشريرة المرتبطة بأسطورة الوحش “نيان”.

5 التجمع العائلي الكبير:

التجمع العائلي الكبير:

نظرًا لأن العيد الصيني هو من العطلات الرسمية في البلاد، فهي فرصة مناسبة للقاء الأهل سواء كانوا قريبين أو بعيدين. تبدأ الأنشطة عادة بأداء الطقوس الدينية في المعابد الصينية، تليها التجمع العائلي لتناول الطعام معًا.

ويتميز الصينيون بتقديرهم للجو العائلي، فهذه من أبرز القيم التي يتمسك بها الصينيون، خاصة خلال احتفالات رأس السنة الصينية. ففي هذه المناسبة، يعكف أفراد العائلة على تجديد الروابط العائلية والتأكيد على احترام كبار السن، حيث يُعدونهم المصدر الأساسي للحكمة والخبرة.

6 حلوى السلال وكعك القمر:

حلوى السلال وكعك القمر:

من الحلويات التقليدية التي تُقدم في يوم الـ إيمليك هي //Kue Keranjang// وتعني باللغة الإندونيسية “حلوى السلال” وذلك نسبة لتشكيلها في قوالب تشبه السلة.

أما في اللغة الصينية فتعرف هذه الحلوى باسم//Nian gao // أي “عام أرقى”، حيث تحمل في طياتها رمزية الترقيات والازدهار التي تتجدد عامًا بعد عام، في إشارة إلى النجاح المتواصل والنمو المستمر.

والنوع الثاني هو (كعك القمر) // Moon Cake// المميز بشكله الدائري أو المستدير، ويعكس شكل القمر في ليلة اكتماله.

ويحتوي عادة على حشوات متنوعة مثل الأناناس والفاصوليا الحمراء والمكسرات. ويعود تاريخه إلى عهد الثوار الصينيين الذين استخدموا (كعك القمر) لتوزيع الرسائل السرية داخل حشوات الكعك لتنسيق ثورتهم ضد الحكام المغول. فكانت الرسالة تقول “اقتحام القصر في ليلة اكتمال القمر”.

7 توزيع مظاريف العيديات الحمراء (الأنغ باو):

توزيع مظاريف العيديات الحمراء (الأنغ باو):

كجزء من التقاليد الموروثة، وضمن التجمع العائلي الكبير، يتم توزيع عيديات (الأنغ باو)// Angpao // كأحد التقاليد التي يتبعها الكبار المتزوجون، حيث تُقدم العيديات (مبلغ نقدي كهدية) داخل مظاريف حمراء، إما للصغار أو الأقارب وأحيانًا للجيران المحيطين، تصحبها تبريكات وتمنيات طيبة من كبار السن والتي تُعتبر رمزًا للحظ الجيد والازدهار.

هذه التقاليد تعكس الترابط الأسري العميق في المجتمع الصيني، والاعتقاد الراسخ بأن العائلة هي الأساس في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والنفسي.

8 مشاهدة عرض البارونغساي:

مشاهدة عرض البارونغساي:

عادةً ما يكون عرض البارونغساي// Barongsai// أو (رقصة الأسد) //Lion Dance// جزءًا لا يتجزأ من احتفالات عيد الـ إيمليك.

ويُنظم هذا العرض في الأماكن العامة، مثل المراكز التجارية أو أماكن العبادة. فبعد الفعاليات المنزلية، غالبًا ما يخرج الصينيون في إندونيسيا لقضاء الوقت مع عائلاتهم خارج المنزل. ومن بين الأنشطة التي يختارونها هو مشاهدة عرض البارونغساي.

البارونغساي هو عرض يتضمن شخصين يرتديان زي أسد ضخم بأسلوب صيني، ويُقدّم بشكل ديناميكي ومليء بالحيوية، حيث يؤدي المشاركون حركات سريعة ومبهرة تشبه رقصة متقنة، مصحوبة بدقات الطبول العالية والصنوج والأجراس الصاخبة مما يساهم في إضفاء طابع حماسي واحتفالي على العرض.

وهو يعكس الثقافة الصينية الغنية ويسعى لجلب الحظ السعيد والطرد للأرواح الشريرة.

9 رقصة التنين رمز القوة والسلطة:

رقصة التنين رمز القوة والسلطة:

إلى جانب البارونغساي، يقوم بعض الأماكن بتنظيم عروض التنين، حيث يحمل فريق من الأشخاص تنيناً طويلا مصنوعاً من القماش أو الخيزران. ويتم تحريك التنين بحركات منسقة ومتقنة بشكل يتناغم مع الإيقاعات القوية لموسيقى الطبول، مما يخلق جواً مفعماً بالحيوية والتشويق.

 امتنان سلطان | إندونيسيا اليوم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.