لماذا تختلف معاملة إندونيسيا للواردات الأمريكية والصينية؟

جاكرتا، إندونيسيا اليوم – في موقف يعكس مفارقة اقتصادية لافتة، أبدى قطاع التجزئة في إندونيسيا ترحيباً واسعاً بالخطوة الحكومية لإلغاء الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية، معتبراً إياها دفعة قوية لسياحة التسوق ونمو القطاع دون أن تلحق ضرراً بالشركات الصغيرة المحلية.

لكن في المقابل، دقت قيادات في القطاع الصناعي ناقوس الخطر، محذرة من أن تطبيق إعفاءات جمركية مماثلة على السلع الصينية قد يقوض أسس الشركات الصغيرة والمتوسطة في إندونيسيا، ويهدد بقاءها في سوق تنافسية شرسة.

وأوضح بوديهاردجو إدوأنسجاه، رئيس جمعية مستأجري مراكز التسوق الإندونيسية (هيببيندو)، أن الواردات القادمة من الولايات المتحدة تستهدف عادةً شريحة السلع الفاخرة، وهي فئة لا تدخل في منافسة مباشرة مع المنتجات المصنعة محلياً.

وضرب بوديهاردجو مثالاً بشركة “نايكي” لتوضيح كيف يمكن للواردات الفاخرة أن تعزز منظومة التسوق في البلاد، قائلاً: “المنتجات الأمريكية الفاخرة يمكن أن تساعد في ترسيخ مكانة إندونيسيا كوجهة للمنافذ الفاخرة الأكثر جاذبية من حيث الأسعار في جنوب شرق آسيا، مما يجذب المتسوقين من سنغافورة ويوجه إنفاقهم إلى هنا”.

وكان الرئيس برابوو سوبيانتو ونظيره الأمريكي دونالد ترامب قد توصلا مؤخراً إلى اتفاق تجاري تاريخي يخفض الرسوم الجمركية الأمريكية على السلع الإندونيسية بشكل كبير لتصل إلى ١٩٪. 

ويأتي هذا بعد أن تراجع ترامب عن تهديده بفرض رسوم جمركية تصل إلى ٣٢٪. وفي المقابل، تخطط إندونيسيا لإلغاء الرسوم الجمركية على جميع السلع ذات المنشأ الأمريكي تقريباً، مع الإبقاء على بعض الاستثناءات مثل المشروبات الكحولية ولحم الخنزير.

الصين: تحدٍ من نوع مختلف

ورغم تأييده لسياسة “صفر جمارك” مع البضائع الأمريكية، حذر بوديهاردجو بشدة من تطبيق نفس المعاملة على السلع الصينية، مؤكداً أن ذلك سيلحق ضرراً بالغاً بالمنتجين المحليين. 

وقال: “فرض رسوم جمركية بنسبة صفر بالمئة على الواردات الصينية سيضعها في منافسة مباشرة مع شركاتنا الصغيرة والمتوسطة، وهذا مصدر قلق حقيقي وعميق”.

وغالباً ما تشمل الصادرات الصينية إلى إندونيسيا سلعاً نهائية منخفضة التكلفة كالملابس والأحذية، مما يمثل ضغطاً مباشراً على المصنعين المحليين، على عكس الواردات الأمريكية التي تركز على قطاعات السوق الفاخرة.

وتظل الولايات المتحدة أكبر مساهم في الفائض التجاري لإندونيسيا، حيث بلغ الفائض ٥٫٤٤ مليار دولار في الفترة من يناير إلى أبريل عام ٢٠٢٥، مسجلاً ارتفاعاً من ٤٫٣٧ مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي، وفقاً لبيانات وكالة الإحصاءات المركزية. 

وعلى النقيض تماماً، سجلت إندونيسيا عجزاً تجارياً بلغ ٦٫٢٨ مليار دولار مع الصين خلال الفترة ذاتها.

وقد تضرر قطاع النسيج في إندونيسيا بشدة من تدفق الواردات الرخيصة والمستعملة من الصين، حيث أفادت جمعية النسيج الإندونيسية بأن ١٨٠٬٠٠٠ عامل فقدوا وظائفهم بين عامي ٢٠٢٢ و٢٠٢٤، في ظل معاناة المنتجين المحليين للبقاء في حلبة المنافسة.

وفي حديثه للصحفيين في جاكرتا يوم الأربعاء، لخص بوديهاردجو الموقف قائلاً: “الاستيراد من الولايات المتحدة لا يعطل أعمال الشركات الصغيرة والمتوسطة، باستثناء المواد الخام التي نستوردها دائماً على أي حال. السلع النهائية ذات العلامات التجارية مثل الأحذية والملابس لن تقتل شركاتنا المحلية. في الواقع، نحن نطالب بإجراءات استيراد أكثر سلاسة لهذه المنتجات”. (إندونيسيا اليوم/جاكرتا غلوب)