كاليديسكوب السينما الإندونيسية لعام ٢٠٢٤

جاكرتا، إندونيسيا اليوم – في عام 2024، شهدت السينما الإندونيسية تنوعًا كبيرًا في الأفلام المعروضة، مما جذب الكثير من المتابعين سواء على مستوى الجمهور المحلي أو في العالم الافتراضي. بدءاً من الأفلام التي تتناول قضايا اجتماعية إلى تلك التي تأخذ طابع الرعب والإثارة.

بعض الأفلام التي تم عرضها تستند على أحداث حقيقية، أو تصوير لروايات مكتوبة. وبعضها مستوحاة من الحكايات والأساطير الشعبية أو المعتقدات المحلية مما يتيح للمشاهدين فرصة استكشاف جوانب من التاريخ والثقافة الإندونيسية. أما البعض الآخر فهي عبارة عن إعادة صنع لأفلام أجنبية، والذي لا يقتصر فقط على الاقتباس الحرفي، بل أيضًا على التكيف مع الثقافة المحلية، مما جعل هذه الأفلام تحظى بشعبية خاصة بين الجمهور.

وحظيت العديد من تلك الأفلام بشعبية كبيرة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تناقلتها الجماهير بشكل واسع. خاصة تلك التي تعتمد على الإثارة والغموض أو تلك التي تجسد الدراما الاجتماعية والشخصية بطريقة مبتكرة. إليكم ملخص”كالييدوسكوب” (Kaleidoskop) لعام ٢٠٢٤ عن أبرز الأفلام الإندونيسية التي حظيت بشعبية كبيرة طوال هذا العام:

Agak Laen | مختلف إلى حد ما (١ فبراير)

تمكن فيلم الرعب الكوميدي هذا (Agak Laen)، من إخراج  Mudhakly Acho،  من جذب انتباه الجمهور الإندونيسي بنهجه التهكمي والفريد من نوعه في الكوميديا وقصص الرعب، إذ يعكس الواقع الإندونيسي بمواقف ساخرة وبأسلوب خفيف يحاكي حياة الشارع والاجتماعيات.

قدم هذا الفيلم، الذي تم عرضه في 1 فبراير 2024، قصة غير عادية، حول أربعة أصدقاء يحاولون إعادة إحياء مشروعهم التجاري في لعبة “بيوت الأشباح” في أحد الملاهي. وحقق نجاحًا كبيرًا حيث حصل على أعلى نسبة مشاهدة بلغت 9,125,188 مشاهدة خلال فترة عرضه في دور السينما.

وكما هو اسمه “مختلف إلي حد ما”، جاء هذا الفيلم، بأسلوبه الفريد في الدمج بين (الرعب والكوميديا) مختلفاً عن غيره من الأفلام. فاستخدامه لأسلوب الكوميديا السوداء مع لمسات الرعب، أضاف لمسة إبداعية نتج عنه مزيج مميز وغير مألوف جعله يشهد تفاعلًا كبيرًا بين الجمهور، وجعلت Agak Laen يتصدر قائمة الأفلام الأكثر نقاشًا في وسائل الإعلام، ويعتبر واحدًا من الأفلام التي أثرت بشكل كبير في السينما الإندونيسية في 2024.كما أن الفيلم يضم عددًا من الكوميديين المعروفين في إندونيسيا، مثل: Indra Jegel, Oki Rengga, Boris Bokir, Bene dion وغيرهم.

Badarawuhi di Desa Penari | باداراويهي في قرية الراقصين (١١ أبريل)

 

فيلم “باداراويهي في قرية الراقصين“ (Badarawuhi di Desa Penari) هو من فئة أفلام الرعب، ومشتق من الفيلم الشهير “(KKN di Desa Penari) التدريب الميداني في قرية الراقصين” الذي حقق نجاحًا كبيرًا في السابق. تم عرض هذا الفيلم في 11 أبريل 2024، وأثار اهتمامًا كبيرًا بين الجمهور بسبب تعمقه في شخصية باداراويهي، وهي الشخصية الغامضة والمثيرة التي كانت قد لفتت الأنظار في الفيلم الأول.

يجمع الفيلم بين عناصر الإثارة والرعب والأساطير الإندونيسية، ويستفيد من الميثولوجيا المحلية والتقاليد الثقافية لإحياء الحديث حول الثقافة الميتافيزيقية في إندونيسيا. هذه العناصر المدمجة خلقت جوًا مشوقًا ومرعبًا، مما جعل الفيلم يثير فضول المشاهدين لمتابعة الأحداث واكتشاف المزيد عن شخصية باداراويهي الغامضة.

الفيلم من بطولة Aulia Sarah, Jourdy Pranata, Maudy Effrosina ، وحقق 4,014,120  مشاهدة في دور السينما، مما يعكس نجاحه الكبير وتأثيره على الجمهور. كما ساهم في تجديد النقاشات حول الأساطير والثقافة الميتافيزيقية في المجتمع الإندونيسي.

 Siksa Kubur | عذاب القبر (١١ أبريل)

فيلم الرعب هذا من إخراج جوكو أنوار حظي بالكثير من الاهتمام والنقاش في عام 2024 بسبب موضوعه الجريء والمثير. يسلط الفيلم الضوء على عذاب القبر، وهو موضوع نادرًا ما يتم التطرق إليه بهذا العمق في السينما الإندونيسية المحلية.

حصد الفيلم 4,000,826 مشاهدة في دور السينما، إذ تدور القصة حول امرأة تدعى سيتا، التي تفقد إيمانها بعد وفاة والديها. تحاول سيتا إثبات أن عذاب القبر ليس حقيقة، فتقرر البحث من بين الوفيات عن أكثر الأشخاص خطيئة، وتذهب إلى قبره لتشهد بنفسها ما إذا كان ما يقال عن عذاب القبر صحيحًا أم لا.

وما جعل هذا الفيلم يتصدر الحديث بين الجمهور هو استخدامه لتقنية التأثيرات البصرية المرعبة لإخراج مقاطع الرعب المثيرة والمخيفة، إلى جانب الرسائل الأخلاقية القوية التي يطرحها الفيلم بتناوله قضية إيمانية عميقة، مما جعله يتصدر النقاشات في المجتمع المحلي حول الدين والحياة بعد الموت.

Vina: Sebelum 7 Hari | فينا: قبل 7 أيام (٨ مايو)

“فينا: قبل 7 أيام” هو فيلم إندونيسي مستوحى من قصة حقيقية تتعلق بقضية اغتصاب وقتل وقعت في تشيريبون Cirebon في عام 2016. يروي الفيلم قصة جثة فينا التي تم العثور عليها بطريقة غريبة على جسر فوق طريق تشيريبون، حيث تم في البداية اعتبار وفاتها حادث مرور ناجم عن حادث دراجة نارية فردي. ومع ذلك، بدأت أحداث غامضة وظواهر ميتافيزيقية بالحدوث حول الأشخاص المقربين من فينا، مما دفعهم للبحث عن الحقيقة وراء مقتلها. فيكتشفون أن الجريمة لم تكن حادثًا عاديًا، بل كانت جريمة قتل، وأن هناك قوى غير مرئية تحاول إظهار الحقيقة.

هذا الانقلاب في القصة، من حادث مرور إلى جريمة قتل مروعة، هو ما يجعل الفيلم مثيرًا وغامضًا، حيث يركز على كشف الحقيقة وراء مقتل فينا. ومع تقدم الأحداث، تحاول الشخصيات كشف اللغز الذي يحيط بموتها وتفسير الظواهر الغريبة التي تحدث حول مكان الحادث.

تجاوز عدد مشاهدات هذا الفيلم، من بطولة Nayla D. Purnama dan Gisellma Firmansyah ، 5,815,945 مشاهدة في دور السينما، مما جعله واحدًا من الأفلام الناجحة في عام 2024. ومع ذلك، لم يسلم الفيلم من الجدل والإنتقاد بسبب تأثيره السلبي على الرأي العام.

اتهمت بعض الأطراف الفيلم بأنه قد يتسبب في إثارة القلاقل في المجتمع والتأثير على سير التحقيقات والتشكيك في الحكم القضائي لقضية مقتل فينا. ولهذا، قام جمعية المحامين المسلمين في إندونيسيا (ALMI) برفع شكوى إلى وكالة التحقيقات الجنائية الإندونيسية (Bareskrim) في 28 مايو 2024، يتهمون فيها منتجي الفيلم بتجاوز الخطوط القانونية والأخلاقية.

رغم الجدل الحاصل، يبقى الفيلم بمثابة تسليط ضوء على قضايا العنف والجرائم الجنائية في إندونيسيا، مع تقديمه قصة مثيرة تتعلق بالحقيقة وراء وفاة فينا والأحداث الغريبة التي تلت ذلك.

Ipar Adalah Maut | الحمو الموت (١٣ يونيو)

فيلم “الحمو الموت“ هو فيلم درامي إندونيسي من إخراج Hanung Bramantyo ، وهو مقتبس من أحداث واقعية لقصة خيانة زوجية كانت قد أثارت الجدل على وسائل التواصل الاجتماعي في وقت سابق، وقد صدرت رواية لهذه القصة من تأليف Elizasifaa. تناول الفيلم مشكلة الخيانة الزوجية في إطار صراع عائلي معقد، مما جعله يلقى اهتمامًا كبيرًا من الجمهور في عام 2024.

يتميز الفيلم بحبكة درامية محكمة وأداء تمثيلي مؤثر من بطولة Michelle Ziudith, Deva Mahenra, Davina Karamoy. جعلت الجمهور يتفاعل معها بشكل كبير، وحظي بمتابعة واسعة، حيث جذب 4,778,565 مشاهدة. والسر وراء إثارة هذا الفيلم هو تناوله لموضوعات حساسة مثل الخيانة والعلاقات الأسرية المتوترة، والتي تم تنفيذها بطريقة مؤثرة وفنية. وكعادة أفلام الدراما العائلية، التي تتناول العلاقات الأسرية والقيم المجتمعية، فهي تحظى بشعبية كبيرة في إندونيسيا كونها قريبة من قلوب الجماهير.

Sekawan Limo | أربعة من خمس (٤ يوليو)

يحمل اسم هذا الفيلم معنى “أربعة من خمس” باللهجة الجاوية، وهو من أفلام الرعب الكوميدية ومن إخراج Bayu Skak. تدور القصة حول خمسة أصدقاء قرروا القيام بمغامرة تسلق للجبل، حيث يواجهون تجارب غامضة وأحداثًا مريبة أثناء صعودهم.

على الرغم من تحذيرات حارس الجبل بأن عدد المجموعة يجب أن يكون عددًا زوجيًا وأنه لا ينبغي لهم الالتفات للخلف أثناء الرحلة، تجاهل الأصدقاء هذه التحذيرات، ليجدوا أنفسهم في النهاية ضائعين وسط الجبل، حيث تبدأ الظواهر الغريبة بالظهور حولهم.

نجح الفيلم في حصد مشاهدات بلغت 2,508,438 مشاهدة في دور السينما، وتم تداول الفيلم بكثرة على وسائل التواصل الاجتماعي بفضل توليفته المبتكرة التي تجمع بين الفكاهة ومقاطع الرعب والإثارة من خلال قصة المغامرة بين الجبال.

Kang Mak from Pee Mak| كانغ ماك من بي ماك (١٥ أغسطس)

فيلم “كانغ ماك” هو إعادة سرد لقصة فيلم الرعب التايلاندي الشهير “بي ماك” (Pee Mak) ، لكن في إطار ثقافي إندونيسي مميز. يواصل الفيلم النجاح الذي حققه الفيلم الأصلي، حيث حصد 4,869,565 مشاهدة في دور السينما، مما جعله من الأفلام الأكثر نجاحًا في عام 2024.

تدور القصة حول “ماكمور”/”معمور”، الذي اشتق عنوان الفيلم Mak من اسمه، وهو جندي إندونيسي يُضطر لترك زوجته ساري التي كانت في شهورها الأخيرة من الحمل، ليذهب إلى ساحة المعركة. كان أمله بسيطًا: العودة إلى حضن ساري واستقبال طفلهما الجديد الذي سيحمل اسم سيبلوك. ومع مرور الوقت، تبدأ الأحداث الغريبة والظواهر الميتافيزيقية في الظهور، حيث يكتشف ماكمور أن هناك شيئًا غير طبيعي يدور حول زوجته وطفله، فيبدأ في مواجهة مخاوفه الخاصة.

ما جعل “كانغ ماك” مميزًا هو مزج الكوميديا والرعب بأسلوب مستوحى من الثقافة الإندونيسية، مما أضفى على الفيلم طابعًا فريدًا مع الحفاظ على روح الفيلم الأصلي. تُعتبر تقنية المؤثرات البصرية وحبكة القصة من أبرز العوامل التي جذبت الجمهور الإندونيسي، وجعلته يحقق هذه الأرقام الكبيرة في شباك التذاكر.

 Home Sweet Loan | قرض المنزل الجميل (٢٦ سبتمبر)

فيلم “هوم سويت لون” هو فيلم درامي إندونيسي يعكس واقع الحياة اليومية للشباب في الطبقة الوسطى، ويروي قصة “كالونا”، وهي امرأة من الطبقة المتوسطة تعيش مع أسرتها الكبيرة، بما في ذلك والديها وأشقائها المتزوجين. “كالونا” لديها حلم بسيط وهو أن تمتلك منزلًا خاصًا بها بعيدًا عن حياة العائلة المشتركة.

يتناول الفيلم قصة قريبة من الحياة اليومية لجيل الشباب في إندونيسيا، حيث تسعى “كالونا” لتحقيق حلمها بامتلاك منزل من خلال التوفير والتخطيط المالي. يركز الفيلم على التحديات التي تواجهها في هذا السياق، مثل الضغوط المالية والتضحيات الشخصية، مما يجعله يتصل بشريحة واسعة من الجمهور الذي يواجه تحديات مشابهة.

حقق الفيلم نجاحًا كبيرًا في شباك التذاكر، حيث وصل عدد مشاهداته إلى 1,720,271 مشاهدة، كما أصبح موضوعًا للنقاش في وسائل التواصل الاجتماعي، خاصةً فيما يتعلق بكيفية توفير المال وتحقيق الأحلام المالية الشخصية. حظي هذا الفيلم من بطولة Yunita Siregar, Derby Romero, Risty Tagor الذين قدموا أداءً رائعًا، بإعجاب واسع بين المشاهدين.

Bila Esok Ibu Tiada | إذا غابت أمي غداً (١٤ نوفمبر)

فيلم “إذا غابت أمي غداً” هو دراما عائلية إندونيسية عاطفية تم إصدارها في عام 2024، ويعكس عنوان الفيلم الفكرة الأساسية التي تتناول موضوع فقدان الأم وكيفية التعامل معه. وهو موضوع عاطفي للغاية يتناول العلاقات الأسرية والألم الناتج عن مرض الأم وتأثير غياب الأم على أفراد الأسرة.

تدور القصة حول أم تُصاب بمرض خطير يُهدد حياتها، مما يدفع أبناءها إلى إعادة التفكير في علاقاتهم العائلية وأهمية الوقت الذي يقضونه مع أمهم. يقدم الفيلم لحظات مؤثرة تعكس الصراع الداخلي للعائلة، والقرار الصعب الذي يواجه الأبناء في كيفية التعامل مع الفقدان المحتمل لأمهم.

كان الفيلم بمثابة رحلة عاطفية جعلت المشاهدين يتعاطفون مع الشخصيات ويشعرون بحجم العلاقة الأمومية، وأثرها العميق في حياة الأسرة، مما أثار تفاعلاً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أشاد الجمهور بقوة القصة العاطفية، التي جعلتهم يتأملون قيمة الأسرة وأهمية تقدير الوقت مع أحبائهم.

واستطاع هذا الفيلم، من بطولة كريستين حكيم (Christine Hakim)، و أدينيا ويراستي (Adinia Wirasti)، و فادي نوريل (Fedi Nuril)، و أماندا مانوبو (Amanda Manopo)، و ياسمين نابر (Yasmin Napper)، الذين قدموا أداء تمثيليًا رائعًا، أن يحقق أكثر من 3,897,736 مشاهدة في دور السينما حتى 25 ديسمبر 2024.

بالمجمل، يمكن القول إن السينما الإندونيسية في 2024 قد شهدت تنوعًا في الأساليب والموضوعات، ما جعلها تحتل مكانة خاصة في المشهد السينمائي العالمي.

امتنان سلطان | إندونيسيا اليوم | تيمبو