ميجنغان: عادة جاوية للترحيب بشهر رمضان
جاكرتا، إندونيسيا اليوم – شهر رمضان هو أكرم الشهور الذي تتطلع إليه أمة المسلمين في أنحاء العالم. وإندونيسيا التي تكون الدولة الأكبر في العالم من حيث عدد السكان المسلمين لها عادة فريدة وموارثة للترحيب بهذا شهر الخير، وهي تسمى بـ “ميجنغان” Megengan. ميجنغان هي العادة الجاوية خاصة في جاوة الوسطى، وجاوة الشرقية، ويوجياكارتا للترحيب بشهر رمضان. وكلمة “ميجنغان” مستمدة من الكلمة الجاوية “ميجنغ” وهي تعني “إمساك”. تقصد هذه الكلمة بتذكير الناس بأن سيأتي شهر رمضان، ويجب عليهم أن يستعدوا أنفسهم ظاهرا وباطنا ليكبحوا ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻬﻮﺓ ﻭ ﺍﻟﻬﻮﻯ. ميجينغان في جاوة الشرقية تعرف بمصطلاح آخر، وهو “أنغاه-أنغاهان” Unggah-unggahan” (“Unggah” يعني رفع)، لأن الناس سيرفعون (سيتوجهون) إلى شهر الصيام وسيكبحون النفس عن الشهوة والهوى. وأما في يوجياكارتا، فتسمى هذه العادة بمصطلاح “نيادران” Nyadran، وهو يعني “الثقة”.
إن عملية الميجنغان مختلفة ومتنوعة في كل مدينة ومنطقة.، ولكن خطوات عملية ميجنغان يعملها الناس بشكل عام هي زيارة مقابر أسلافهم وأبائهم وأمهاتهم وأجدادهم وجداتهم الذين قد انتقلوا إلى رحمة الله، وهم ينظفونها وينثرون الزهور عليها. إضافة إلى ذلك، هم يعملون مأكولات (رز وأطباق جانبية) وكعكات تقليدية، وكذلك يجتمعون في مكان معين(نحو: مسجد، وقاعة مدنية، وبيت) ليدعوا إلى الله ويقرءوا معا بعض السور أو الآيات من القرآن الكريم موجهة لأسلافهم. هذه المجموعة يرشدها شخص واحد أو شخصية عامة واحدة. وبعد ذلك، يوزعون كل المأكولات والكعكات التي قد حملوها وجمعوها في مكان واحد. هناك الناس الذين يعملون ميجنغان بإعطاء المأكولات والكعكات إلى الأقارب والجيران، وتنظيف بيئتهم سويا، وشرب الماء من الإبريق بالتداول، وكذلك المصافحة وتقديم الاعتذار.
وما هي الكعكة التي يجب أن يجهزها الناس أثناء ميجنغان؟ يسمي الناس هذه الكعكة بـ”أبيم” Apem ويقال أن هذه الكلمة مستمدة من الكلمة العربية “عفو”. إن أبيم هي كعكة تقليدية مصنوعة من دقيق الأرز ودقيق القمح اللذان يختلطان مع بيض، وحليب، وجوز الهند، وسكار، و”تابي” Tape (تحضير مخمر تقليدي من الأرز أو الأطعمة النشوية الأخرى)، وقليل من الملح، ثم حمرت . وبعد ذلك، كعكة أبيم والمأكولات الأخرى يرسلها ويشاركها كل فرد مع الآخرين بنية صدقة للأسلاف. فهذه هي تعرف أيضا بشهر “أرواح” (شهر “روواح” Ruwah أو شعبان) كشهر الاستغفار للأسلاف و لمن قد توفي.
وبناء على ما تقدم، فعادة ميجنغان لها معاني فلسفية عميقة، ومنها: أولا، المأكولات المجموعة والموزعة تدل على أن الرزق مملوك لأي شخص، وكل شخص له حق لأخذها وشعر بها. ثانيا، إعطاء وتوزيع المأكولات بعضهم بعضا يدل على التعاون والإخلاص في المشاركة وإعطاء أفضل الشيء لشخص آخر. ثالثا، الاجتماع والدعوة إلى الله للأسلاف هما كرمز الانسجام والتآزر. ورابعا، ميجنغان هي العادة الجاوية الإسلامية التي فيها الفرح والسعادة وتغرس الإيمان والتقوى للترحيب بشهر رمضان. وهكذا تكون الحكامة المحلية والتراث الثقافي لإندونيسيا التي سيتم الحفاظ عليها على مر العصور.