أزمة جزر “ناتونا”.. الصين واندونيسيا تحتكمان للحوار

بعد أن شارفت الصين وإندونيسيا على دخول صراع خطير، لاحت آفاقه إثر إرسال كل منهما سفنا حربية وطائرات إلى جزر "ناتونا" جنوب بحر الصين الجنوبي التي يدّعي كل منهما ملكيته لها، اختار البلدان تغليب الحوار ودعيا إلى الحفاظ على سلام واستقرار المنطقة.

750
– يعتقد بأن المياه المحيطة بجزر “ناتونا” غنية باحتياطيات نفط وغاز غير مكتشفة، كما تطل الجزر على ممر للشحن التجاري
– التوتر تصاعد في المنطقة عندما شوهدت قوارب صيد وسفن تابعة لخفر السواحل الصينية، في المياه المحيطة بجزر “ناتونا”
– الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، يزور الجزر للإدلاء ببيان سياسي مفاده أن بلاده لن تتراجع عن فرض سيادتها عليها
– متحدث الخارجية الصينية غينغ شوانغ، قال إن بكين لها الحق في السيادة على المياه الإقليمية ذات الصلة ببحر الصين الجنوبي
– بكين تطالب بالميزات البحرية والبرية الواقعة في بحر الصين الجنوبي، الذي يحيط بنحو 90 بالمئة من المياه المتنازع عليها
– الخارجية الإندونيسية ترى أن مياه “ناتونا” جزء من “منطقتها الاقتصادية الخاصة”، وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار 1982
– خبراء يرون أن المناورات الأخيرة للصين، “لم تكن بشكل عارض ولكنها خطة مدروسة جيدا”
– إندونيسيا لا تعترف بمطالبة الصين من جانب واحد بخط الخطوط التسعة

بعد أن شارفت الصين وإندونيسيا على دخول صراع خطير، لاحت آفاقه إثر إرسال كل منهما سفنا حربية وطائرات إلى جزر “ناتونا” جنوب بحر الصين الجنوبي التي يدّعي كل منهما ملكيته لها، اختار البلدان تغليب الحوار ودعيا إلى الحفاظ على سلام واستقرار المنطقة.

وتصاعد التوتر في المنطقة عندما شوهدت قوارب صيد وسفن تابعة لخفر السواحل الصينية، في المياه المحيطة بالجزر الغنية بمصادر الطاقة والثروة السمكية، الأسبوع الماضي، ما دفع إندونيسيا لإرسال سفن حربية ومقاتلات نفاثة لطرد السفن الصينية.

وتقع جزر “ناتونا” على حدود بحر الصين الجنوبي، الذي تدعي بكين أحقيتها الإقليمية في السيادة على معظمه، كما أن هناك دول أخرى تتنافس معها عليه، ومنها فيتنام والفلبين وماليزيا.

ويُعتقد أن المياه المحيطة بالجزر غنية باحتياطيات من النفط والغاز غير المكتشفة، كما تطل الجزر على ممر مهم للشحن التجاري.

وبهذا الخصوص، قال المتحدث باسم البحرية الإندونيسية، فجر تري رهادي، إنهم رصدوا سفينة خفر سواحل صينية بالقرب من الجزر، مشيرا أنهم “اتخذوا الاحتياطات اللازمة”.

وأفادت صحيفة “ريبوبليكا” الإندونيسية، في تقرير لها، أن جاكرتا أرسلت سفينتين حربيتين حماية لمصالحها في المنطقة، كما أشار التقرير إلى وجود 5 سفن تابعة للبحرية الإندونيسية، بعد وصول السفينتين الأخيرتين، مبينا أن إندونيسيا وسعت نطاق تدابيرها الأمنية هناك.

في السياق ذاته، زار الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، الأربعاء، جزر ناتونا، للإدلاء ببيان سياسي مفاده أن بلاده لن تتراجع عن فرض سيادتها على الجزر.

وصرح ويدودو للصحفيين، هناك، بأن المياه المتنازع عليها تخص إندونيسيا وحدها، مؤكدا أن “لهذه المنطقة حاكما ووصيا عليها، ولا نقاش في ذلك”.

وقدمت إندونيسيا مذكرة اعتراض إلى حكومة بكين، بعد انتهاك الأخيرة المنطقة الاقتصادية الخاصة للبلاد في مياه “ناتونا”، كما نشرت الأولى طائرات مقاتلة وسفنا حربية في المنطقة.

من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية غينغ شوانغ، في بيانه بشأن المذكرة، إن بكين لها الحق في السيادة على المياه الإقليمية ذات الصلة ببحر الصين الجنوبي.

وذكر شوانغ أن الصيادين الصينيين يمارسون منذ فترة طويلة أنشطة صيد الأسماك في المياه القريبة من “جزر نانشا” (الاسم الصيني للجزر)، “وهو ما كان قانونيا وشرعيا طيلة الوقت”.

ومع ذلك، أكد شوانغ أن بكين ترغب في العمل مع إندونيسيا، لمواصلة إدارة النزاعات من خلال الحوار الثنائي، للحفاظ على العلاقات الودية وضمان السلام والاستقرار في بحر الصين الجنوبي.

ومنتصف يوليو/ تموز 2017، أعادت إندونيسيا بشكل علني، تسمية المياه الواقعة أقصى شمال منطقتها الاقتصادية في بحر الصين الجنوبي، باسم “بحر نورث ناتونا”، فسارعت بكين التي تزعم أحقيتها في المنطقة، إلى رفض الخطوة، واعتبرتها “دون معنى”.

** إندونيسيا لا تريد الحرب

بدوره أوضح رئيس وكالة الأمن البحري الإندونيسي، نائب الأميرال أحمد توفيق الرحمن، أن بلاده لا تريد حربا مع الصين.

وبالإشارة إلى تعليمات الرئيس ويدودو، أفاد أن جاكرتا لن تتنازل عن السيادة، لكن في الوقت نفسه ستتخذ إجراءات قابلة للتقييم والقياس، مضيفا أنه كانت هناك 3 سفن صينية في مياه “ناتونا” حتى صباح الثلاثاء.

وتطالب الصين بالميزات البحرية والبرية الواقعة في “خط الخطوط التسعة” في بحر الصين الجنوبي، الذي يحيط بما يصل إلى 90 بالمئة من المياه المتنازع عليها.

ويمتد الخط حتى 2000 كيلومتر (1242 ميلا) من “بر الصين الرئيسي” إلى المياه القريبة من سواحل الفلبين وماليزيا وفيتنام.

ووفقا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، تتمتع الدول بسيادة على المياه، تصل إلى 12 ميلا بحريا (22 كم أو 13 ميل) من أراضيها، وبتحكم حصري في الأنشطة الاقتصادية على بعد 200 ميل بحري (370 كم أو 229 ميل).

وبينما تؤكد بكين أن لديها “أدلة تاريخية تثبت سيطرتها على تلك الأراضي”، ترفض إندونيسيا هذه “الادعاءات”، إذ ترى وزارة الخارجية الإندونيسية أن مياه ناتونا جزء من “منطقتها الاقتصادية الخاصة”، وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982.

وذكرت الوزارة في بيان صحفي، الأسبوع الماضي، أن “إندونيسيا لن تعترف أبدا بخط الخطوط التسعة لجمهورية الصين الشعبية”، مشيرة أن “تخفيض عدد القوات يتعارض مع حكم محكمة الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 2016”.

** مناورات جزء من خطة أكبر

ويرى خبراء أن المناورات الأخيرة للصين، “لم تكن بشكل عارض ولكنها خطة مدروسة جيدا”، حيث ترى الخبيرة في العلاقات الدولية، دينا وينسو، أن “بكين أرادت التحقق من اليقظة الحالية لإندونيسيا بشأن ناتونا”.

ومضت قائلة إن “هذا جزء من سيناريو كبير يتعلق بمبادرة الحزام والطرق (BRI)، وهي حرب تجارية في ظل التطلعات العالمية للولايات المتحدة وبكين”.

و”الحزام والطريق”، أو “حزام واحد ـ طريق واحد”، هي مبادرة صينية، تعرف أيضا بـ “طريق الحرير” للقرن الحادي والعشرين، وتهدف إلى ضخ استثمارات ضخمة لتطوير البنى التحتية للممرات الاقتصادية العالمية، لربط أكثر من 70 بلدا.

من جانبها، دعت فيتري بينتانج تيمور، محللة بمجال العلاقات الدولية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إندونيسيا إلى حل التوترات في مياه ناتونا من خلال الوسائل الدبلوماسية.

وقالت تيمور للأناضول، أن “إندونيسيا لا تعترف بمطالبة الصين من جانب واحد بخط الخطوط التسعة”.

وفي السياق ذاته، قال أستاذ القانون الدولي بجامعة إندونيسيا، هيكماهانتو جوانا، إن “اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار” قد رفضت بالفعل المزاعم التاريخية الصينية.

وأضاف جوانا في بيان صحفي: “تشير الصين إلى مياه المناطق الاقتصادية الخاصة باسم أراضي الصيد التقليدي”.

وتابع بالقول إنه “بينما تقبل المادة 51 من – اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار- مفهوم حقوق الصيد التقليدي، فإنها لا تعترف بأراضي للصيد التقليدي.

وتخضع جزر ناتونا لإدارة مقاطعة “جزيرة رياو” في إندونيسيا، وتحدها فيتنام وكمبوديا من الشمال وسنغافورة وماليزيا من الغرب، وللعلم فإن المياه المحيطة بها غنية بأسماك الصبار وسرطان البحر والكركند، إذ يتم صيد مئات آلاف الأطنان منها كل عام.

//إندونيسيا اليوم/متابعات//

تعليقات
Loading...