حذروا من إضعاف أيديولوجية الدولة.. علماء إندونيسيا يدعون للالتحام مع الجيش بمواجهة الشيوعية

0 1٬080

جاكرتا، إندونيسيا اليوم – تشهد إندونيسيا نذر مواجهة سياسية جديدة على خلفية تقديم سياسيين من التحالف الحاكم مشروع قانون للبرلمان، يتعرض للمبادئ الخمسة التي تؤسس أيديولوجية الدولة.

فقد أصدر مجلس العلماء الإندونيسي بيانا قوي اللهجة وقع عليه ممثلوه في 34 إقليما، قالوا فيه إنهم تدارسوا مشروع قانون تعاليم أو أهداف البانتشاسيلا، وهي المبادئ المؤسسة لأيديولوجية الدولة.

وأشار العلماء إلى توصيات، أولاها أن مشروع القانون البرلماني لم ينطلق من القرار 25 للمجلس الشعب الاستشاري لعام 1966 الذي يقضي بحل الحزب الشيوعي واعتباره منظمة محظورة.

واعتبروا أن عدم الإشارة إلى “حظر نشر وتعزيز تعاليم الشيوعية” هو تغافل من قبل المتقدمين بمشروع القانون عن “حقائق تاريخية قاسية ولا أخلاقية ومفجعة ارتكبها الحزب الشيوعي الإندونيسي في إندونيسيا، وهو ما يعني القبول بالخيانة تلك بحق الأمة”.

إندونيسيا موحِدة ومتحضرة
يشار إلى أن المبادئ الخمسة المؤسسة لأيدلوجية الدولة اعتمدت في دستور الدولة إبان الاستقلال في أربعينيات القرن الماضي.

وهي تؤكد أن إندونيسيا دولة “موحِدة” وإن لم تكن دينية، فمبدأها الأول الإيمان “بإله واحد”، ثم “الإنسانية العادلة والمتحضرة”، و”وحدة إندونيسيا”، وسيادة الشعب وقيادته بحكمة ورشد من خلال الشورى والتمثيل النيابي، وأخيرا “العدالة الاجتماعية لكل شعب إندونيسيا”.

وقد شدد قرار مجلس الشعب رقم 1 لعام 2003 في شرحه لتلك المبادئ الخمسة على “تأكيد شعب إندونيسيا على الإيمان وتقوى الله سبحانه”، مفصلا في شأن الاحترام المتبادل بين أصحاب الديانات في إيمانها.

تشويه المبادئ
وقد أكد الموقعون من علماء إندونيسيا على أن مشروع القانون المقدم حاليا للبرلمان قد “شوّه معاني ومغزى المبادئ الخمسة”، معتبرين أن تقديم تفسير مختلف في مشروع قانون تعاليم المبادئ الخمسة يقلل من مكانة تلك المبادئ نفسها.

والتفسير المقصود هنا -في مسودة القانون- هو اجتزاء المبادئ الخمسة في ثلاثة مبادئ، ثم في مبدأ واحد فقط هو “التعاون”، وهو ما اعتبره علماء إندونيسيا ابتعادا عن المبادئ الخمسة كلها.

وأكد المجلس أن ذلك المسعى يتجه إلى إنهاء وجود المبدأ الأول المتعلق بالإيمان بإله واحد، ومن ثم السعي إلى “تهميش دور الدين في حياة الأمة والوطن”، وإنهاء وجود دولة إندونيسيا الموحدة التي تأسست على تلك المبادئ الخمسة.

وقد طالب مجلس علماء إندونيسيا الكتل الحزبية في البرلمان بالنظر في التاريخ “المفجع والمستنكر” الذي ارتكبه الحزب الشيوعي الإندونيسي بحق الشعب، مشيرين إلى محاولة المتعاطفين مع الحزب الشيوعي تغيير “الوجه المظلم لتاريخه بتزييف الحقائق”.

العلماء دعوا الجيش الإندونيسي للوقوف في وجه مشروع القانون (رويترز)

دعوة للرفض
وقد أشار مجلس العلماء الإندونيسي إلى أن واضعي مسودة القانون يريدون إحياء المفاهيم الشيوعية وحزبها، ولهذا يجب ملاحقتهم من قبل الجهات المختصة.

ودعا المجلس الأمة إلى “اليقظة والاستعداد لمواجهة ظهور الأفكار الشيوعية”، محذرا من أنه إذا لم تول الحكومة اهتماما لبيانهم، فإنه سيعمل بشتى الطرق الدستورية لمواجهة أي أفكار شيوعية وما يهدد وحدة البلاد وسيادتها.

واللافت في هذا الشأن أن البيان أشار على وجه الخصوص إلى مؤسسة الجيش، معتبرا إياها الحامي والمنافح عن المبادئ الخمسة ووحدة إندونيسيا.

وقد دعا العلماء إلى رفع التقارير بشأن أي محاولات لنشر الأفكار الشيوعية إلى مراكز وقواعد الجيش المنتشرة في البلاد، ليظهر هذا الموقف متجانسا مع بيان لمنتدى الجنرالات والضباط المتقاعدين من الجيش والشرطة دعوا فيه البرلمان إلى سحب مشروع القانون المذكور.

تحذير من اضطراب
من جانبه حذر الأمين العام لمجلس العلماء الإندونيسي أنور عباس في تصريحات صحفية من أن مشروع القانون الجديد يحمل “نفسا إلحاديا”.

وحذر من أن مثل هذا القانون سيؤدي إلى وقوع اضطرابات في البلاد، مؤكدا أن الأمة الإسلامية وهي التي تشكل الأغلبية من السكان قد اتفقت مع غيرها على المبادئ الخمسة المؤسسة للدولة.

كما حذر عباس الحكومة والبرلمان من مغبة عدم الالتفات إلى النداءات المطالبة بعدم إقرار القانون، “لأن الأمور قد تخرج عن السيطرة، وهو ما ينذر بكارثة لهذا الوطن”.

واعتبر أنور عباس السعي لإقرار القانون بالتوجه الإلحادي المخالف لما وضعه القادة المؤسسون أيام الكفاح من أجل الاستقلال قبل 75 عاما، معتبرا أن المبادئ الخمسة هي التي اتفق عليها الإندونيسيون جميعا.

كما حذر من أن إقرار هذا القانون قد يؤدي إلى خروج الكثيرين عن العهد في العيش في هذه الدولة وطاعة قوانينها، منبها البرلمان والحكومة إلى خطورة إقرار قانون قد يؤدي إلى الخراب.

تأييد ومعارضة
من جانبها، أعلنت جمعية المحمدية -المنظمة الاجتماعية ذات أكبر عدد من المؤسسات التعليمية العليا في إندونيسيا- في بيان لها مساء الجمعة عن تشكيل فريق “جهاد دستوري” من كبار أساتذة جامعاتها لدراسة ومراقبة سير مناقشات مشروع مسودة قانون تعاليم البانتشاسيلا في لجان وأروقة البرلمان.

وكان حزبا “العدالة والرفاه” و”الأمانة الوطني” المعارضان قد أكدا رفضهما لما جاء في مسودة القانون لعدم رجوعه إلى قرار مجلس الشعب لعام 1966 الخاص بحظر الأفكار الشيوعية.

كما اعتبرت كتلة الحزب الديمقراطي أن ظروف جائحة كورونا غير مناسبة لمناقشة القانون، في حين أيدت الأحزاب الأخرى الستة المشاركة في التحالف الحاكم مسودة القانون.

المصدر: الجزيرة

تعليقات
Loading...