اهتمام إعلامي كبير بوفاة الداعية الحضرمي الأصل علي جابر

0 923

جاكرتا، إندونيسيا اليوم – متأثرا بمضاعفات كورونا، توفي صباح الخميس (14/1) في مستشفى يارسي وسط جاكرتا الشيخ علي بن صالح بن محمد بن علي جابر الحضرمي الأصل، وهو القارئ والداعية المعروف الذي اعتبر من أشهر دعاة البلاد في العقد الأخير.

ورغم انشغال وسائل الإعلام الإندونيسية بتغطية أعمال استخراج حطام طائرة سريويجايا (Sriwijaya) وانتشال بقايا جثث الضحايا ممن كانوا على متنها بعد أيام من سقوطها قبالة سواحل جاكرتا، وكذلك بتغطية انطلاق حملة التطعيم بلقاح فيروس كورونا، فإن حدث وفاة الشيخ علي جابر لفت انتباه وسائل الإعلام الإندونيسية، وصار الخبر الرئيسي في وسائل التواصل الاجتماعي بين الإندونيسيين لهذا اليوم.

وتأتي وفاته بعد 19 يوما من دخوله مستشفى يارسي حيث أثبت الفحص إصابته بفيروس كورونا، وفي الأيام الأولى تدهورت حالته واحتاج لاستخدام أجهزة التنفس الصناعي، لكن الفحص الأخير له خلال وجوده في المستشفى أظهر أن حالته صارت سلبية، وتحسّن وضعه الصحي في الأيام الأخيرة قبل أن يتدهور منذ الليلة الماضية حتى كانت وفاته صباح اليوم في تمام الساعة 8:30 صباحا بالتوقيت المحلي.

وقد استعاد كثيرون تسجيلا له في إحدى مسيرات الحراك الشعبي الإسلامي عام 2016 حيث قال حينها إنه ولد في بلاد الحرمين لكنه مستعد لأن يموت في إندونيسيا، التي أحب البقاء فيها وقضاء حياته في أريافها منذ أن هاجر إليها. ومع حدوث انقسام مجتمعي سياسي خلال السنوات الأربع الماضية، سعى لأن يقدم خطابا وسطيا مهدئا للساحة المتأزمة سياسيا بين المعارضة الوطنية الإسلامية والتحالف الحاكم.

من المدينة المنورة إلى إندونيسيا

ولد الشيخ علي جابر في المدينة المنورة في الثالث من فبراير/شباط 1976، وأتم حفظ القرآن الكريم في سن العاشرة من عمره، وبدأ بإمامة التراويح في سن الثالثة عشر، وتتلمذ على يد عدد من المشايخ القراء، من أبرزهم الشيخ خليل عبد الرحمن أستاذ الأئمة والشيخ محمد رمضان الدهلوي رحمه الله والشيخ أبو الزناد عبد التواب وغيرهم، كما حصل على إجازة برواية حفص عن عاصم، والتحق بكثير من الدورات العملية في التوحيد والفقه والحديث والتفسير لدى علماء مكة المكرمة والمدينة المنورة والرياض والقصيم والمنطقة الشرقية.

تميز خطابه بين الإندونيسيين، بعد أن أتقن لغتهم، بالوسطية والخطاب الهادئ المتفهم للواقع في بلد متعدد الأعراق واللغات كإندونيسيا، مما جعله يكسب قلوب الناس، وقد كانت أول زيارة له لإندونيسيا عام 2008، بادئا طريقه في بلاد الأرخبيل بإمامة صلاة التراويح في مسجد سوندا كلابا وسط جاكرتا، ثم بتقديم بعض البرامج الأخرى.

ثم ما لبث أن اشتهر بين الإندونيسيين خلال العقد الأخير، حيث صار وجها مألوفا في معظم القنوات التلفزيونية عبر برامج وعظية متميزة تبث مسجلة أو عبر بث مباشر، إلى جانب برامج سنوية موسمية لمسابقات القرآن الكريم للأطفال التي كانت تتم بشكل متميز وإعداد يمتد فترة طويلة قبل شهر رمضان لتبث في كل عام خلال الشهر الفضيل، بل امتد حضوره إلى دول مجاورة حيث كان يتجول بين سلطنة بروناي دار السلام وسنغافورة وماليزيا وتايلند وهونغ كونغ وتايوان.

من أشهر 5 دعاة

وتقديرا لجهوده التعليمية والدعوية تم منحه الجنسية الإندونيسية بموافقة من الرئيس الإندونيسي الأسبق سوسيلو بامبانغ يوديونو في أواخر عام 2011، بل يمكن تصنيفه إعلاميا وجماهيريا ضمن الدعاة الخمسة الأشهر في البلاد اليوم إلى جانب عبد الصمد باتوبارا وعبد الله غمنستيار والحبيب رزق شهاب ويوسف منصور وبختيار ناصر وغيرهم، وظهر بعض هؤلاء على قنوات تلفزيونية عديدة بعد وفاته معزين في وفاة من رافقهم خلال عقد مضى في برامج مختلفة، ومتحدثين عن ذكرياتهم معه في جولات عديدة بجزر البلاد.

وما أكسبه حضورا في البلاد بشكل واضح تجواله في مختلف المحافظات والأرياف البعيدة والنائية، ليلتقي بجمهور واسع عرفه ابتداء من خلال قنوات تلفزيونية محلية عديدة، وغيرها القنوات عبر برامج ما زالت مؤسسته “مؤسسة الشيخ علي جابر” تقدمها، وأبرزها ما هو مختص بالقرآن الكريم حفظا وتلاوة ورواية، حيث ظل القرآن الكريم محور نشاطاته.

كما كان له اهتمام بخاصة بتعليم المكفوفين ورعايتهم، وأطلق حملة واسعة لتوزيع القرآن الكريم بلغة برايل الخاص بالمكفوفين، إلى جانب أعمال خيرية أخرى، وقد توفي وهو يعمل وإخوانه في مؤسسته على إنشاء معهد متخصص في القرآن الكريم وعلومه ومقرأة يكون لها حضور إقليمي ودولي بإشراف نخبة من العلماء والقرآء في إندونيسيا.

التعرض لمحاولة اغتيال

ولعل من الأحداث التي لفتت الانتباه العام الماضي إلى القارئ علي جابر تعرضه لمحاولة اغتيال في إقليم لامبونغ، حيث هوجم من قبل شخص حاول طعنه وهو على منصة يتحدث إلى جمهور من المواطنين يوم 13 سبتمبر/أيلول 2020، وقال الشيخ علي جابر حينها في تسجيل بعد إصابته بجراح بأن الله نجّاه من محاولة الطعن في رقبته أو صدره، وقد تم إلقاء القبض على الجاني مباشرة.

ودفن الشيخ علي جابر في معهد دار القرآن في محافظة تانغرانغ جنوب غرب جاكرتا، والذي يشرف عليه صديقه الداعية يوسف منصور، والذي كان لعلي جابر دور في إنشائه ونجاحه.

وقد دعا أخوه الشيخ القارئ محمد جابر محبي الشيخ علي جابر إلى عدم الاحتشاد في المقبرة وعدم المجيء إلى منزل الشيخ الواقع في جاكرتا الشرقية، وذلك بسبب الخشية من تزايد الإصابات بفيروس كورونا في ظل صعود ملحوظ في الإصابات خلال الأسابيع الماضية في جاكرتا وبعض محافظات جزيرة جاوا.

وقد انتشرت الشرطة الإندونيسية أمام مستشفى يارسي وسط جاكرتا وقرب منزل الشيخ علي جابر وبالقرب من معهد دار القرآن حيث مكان الدفن، منعا لاحتشاد محبيه.

المصدر: الجزيرة/صحيب حاسم

تعليقات
Loading...