عفو برابوو عن خصومه: هل هي مصالحة وطنية أم صفقة سياسية؟

جاكرتا، إندونيسيا اليوم – في خطوة أثارت جدلاً واسعاً حول تقاطع القانون والسياسة في إندونيسيا، منح الرئيس برابوو سوبيانتو عفواً رئاسياً لشخصيتين سياسيتين بارزتين، كانتا في السابق من أشد داعمي المرشحين الرئاسيين المنافسين له.

فقد أُطلق سراح وزير التجارة السابق توماس تريكا سيه ليمبونغ، والأمين العام لحزب النضال الديمقراطي الإندونيسي، هاستو كريستيانتو، مساء يوم الجمعة، بعد موافقة مجلس النواب على إجراءات العفو. 

ويأتي هذا القرار قبل أسابيع قليلة من احتفالات يوم استقلال إندونيسيا في السابع عشر من أغسطس، حيث يُنظر إليه على نطاق واسع كبادرة للمصالحة الوطنية.

وكان هاستو قد حُكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف بتهمة رشوة مسؤول انتخابي كبير لتأمين مقعد برلماني لزميله في الحزب، هارون ماسيكو. 

أما ليمبونغ، الذي شغل منصب وزير التجارة بين عامي ٢٠١٥ و٢٠١٦، فقد حُكم عليه الشهر الماضي بالسجن لمدة أربع سنوات ونصف في قضية فساد تتعلق باستيراد السكر.

وفور الإفراج عنه من مركز احتجاز لجنة القضاء على الفساد في جنوب جاكرتا، أعرب هاستو عن امتنانه للرئيس برابوو ولزعيمة حزبه، ميغاواتي سوكارنو بوتري.

وقال هاستو: “نستقبل هذا القرار بامتنان عميق. وأود أولاً وقبل كل شيء أن أتوجه بالشكر للسيدة ميغاواتي، التي قدمت دعماً وتوجيهات ثابتة، بما في ذلك ترسيخ قيم مكافحة الفساد”.

من جهته، شكر توم ليمبونغ، في حديث له من سجن سيبينانغ في شرق جاكرتا، كلاً من الرئيس وأعضاء البرلمان، قائلاً إن العفو “لا يمنحني حريتي الجسدية فحسب، بل يستعيد أيضاً كرامتي كمواطن”.

وقد تباينت ردود أفعال الخبراء القانونيين. فقد وصف تريسنو رحارجو، الخبير القانوني في جامعة المحمدية بيوجياكارتا، هذا العفو بأنه جزء من مصالحة سياسية أوسع نطاقاً، مشيراً إلى أن كلاً من هاستو وليمبونغ دعما مرشحين منافسين لبرابوو في انتخابات عام ٢٠٢٤، وهما غانجار برانوو وأنيس باسويدان.

وقال تريسنو: “يبدو أن ما حدث هو مقايضة سياسية. يتم التنازل في قضايا قانونية من أجل تحقيق الاستقرار السياسي، وهو ما قد يقوض جهود مكافحة الفساد ويزعزع ثقة الجمهور في سيادة القانون”.

وعلى النقيض من ذلك، دافع خبير القانون الدستوري فهري باخميد عن القرار، واصفاً إياه بأنه استخدام مشروع لصلاحيات الرئيس الدستورية. 

وأوضح فهري: “هذا جزء من التقليد الدستوري طويل الأمد في إندونيسيا، منذ عهد سوكارنو وحتى الإدارة الحالية. إنها أداة قانونية وسياسية لإدارة النزاعات الوطنية”.

ونفى القصر الرئاسي، على لسان نائب وزير أمانة الدولة جوري أريانتورو، وجود أي تدخل أو مساومة سياسية وراء هذا العفو. 

وقال جوري: “قرار الرئيس يهدف إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية. الشعب الإندونيسي يقدّر الوئام، وعندما تعزز سياسة الحكومة هذه الوحدة، فإن الجمهور سيدعمها”.

إندونيسيا اليوم | جاكرتا غلوب