الحلقة الأولى: استهلالة البداية
يرويها: صلاح عبدالشكور
بسم الله أبدأ وبه أستعين في كتابة هذه الحلقات التي أروي فيها مشاهداتي الخاصة وبعضاً من مرئياتي وشيئاً من تأملاتي وذكرياتي في زيارة خاصة لإندونيسيا استغرقت قرابة الأسبوعين إلا قليلاً شاركت خلالها في المؤتمر العالمي الإسلامي الثالث للإعلام, وذلك بدعوة كريمة من رابطة العالم الإسلامي (الهيئة الإسلامية العالمية للإعلام) التي نظمت هذا المؤتمر بالتعاون مع وزارة الشؤون الدينية في إندونيسيا, وكانت مشاركتي تمثيلاً للمركز الروهنجي العالمي GRC برفقة ممثل اتحاد الروهنجيا أراكان ARU الدكتور طاهر محمد الأركاني، وبعد انتهاء المؤتمر وفقني الله لزيارة عدد من الملاجئ ومراكز احتجاز اللاجئين الروهنجيين في عدد من جزر إندونيسيا كما شرفت في هذه الزيارة بلقاء عدد من القيادات السياسية والإعلامية والحقوقية في إندونيسيا، وأجريت عدداً من اللقاءات الصحفية المسجلة مع بعض المسؤولين واللاجئين هناك، ولعلي أورد بعضاً من تلك اللقاءات والمواقف خلال هذه المشاهدات.
وأحسب أن هذه الأيام على قلتها كانت محطة للكثير من المشاهدات ومستودعاً للعديد من المواقف ذات العبر، وخاصة زيارات اللاجئين الروهنجيين الذين ركبوا الأهوال بعد أن أُجبروا قسراً على ترك وطنهم أراكان بورما، واضطروا للهجرة عبر قوارب متهالكة بسبب الاضطهاد الديني والعرقي إلى المجهول، وأبحروا إلى حيث الهلاك فغرق من غرق ونجا من نجا، حتى استقر بهم الحال في بعض الدول الآسيوية المجاورة كبنغلاديش وتايلند وماليزيا وإندونيسيا، وأصبحوا يعيشون أنواعاً أخرى من المعاناة سأوردها بتفاصيلها بإذن الله في ثنايا هذه الحلقات.
ومن باب تقييد هذه اللحظات والمشاهدات، ورواية أخبار هذه الرحلة، وتذكير العالم بقضية هؤلاء اللاجئين، وتيمناً بما كان عليه الأدباء والرحالة في سفرهم، شرعت في تقييد ما يرد على الخاطر من فيوضات تلك الأيام ونفثات تلك المشاهدات، ودفعني على تفنيدها ورصدها ثلة من الزملاء الأخيار ممن يهمهم أمر قضية الروهنجيين في بلاد الشتات، ومعرفة ما يلاقونه من صعاب وتحديات للعيش في عالم تكاثرت فيه السهام على أمة الإسلام، وتفاقمت جراحها هنا وهناك، فاقترحوا وشجعوا وساعدوا، فتحرك القلم وسال مداده بما في الخاطر، وكلي أمل أن تكون هذه الأحرف مترجمة عن هذه الرحلة وأبعادها مفصحة عما شاهدت ورأيت وسمعت، سائلاً الله أن ينفع بما أروي وأكتب، وسأختصر في ذكر مشاهداتي على ما أشعر أنه هام بالنسبة لي ولو لم يكن كذلك بالنسبة للقارئ، ولن أقيد نفسي وقلمي بأي إطار أو قيد طالما أكتب عن رحلة خاصة ومشاهدات خاصة، وسأعنون لكل حلقة بعنوان مناسب يعبر عن مضمونها .. أملي أن يجد قارئ هذه المذكرات بغيته فيها، وأن تكون خفيفة الظل نافعة محققة للمراد .. والله الموفق.