رسالة مفتوحة من رئيس جمهورية إندونيسيا إلى قادة العالم حول الأزمة الإنسانية في غزة

0 837

جاكرتا-إندونيسيا اليوم

وجه الرئيس الاندونيسي سوسيلو بمبانج يودويونو رسالة مفتوحة نشرها على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي، “فيس بوك” له يوم الخميس الماضي (29 يوليو 2014) إلى قادة العالم حول الأزمة الإنسانية في غزة, دعاهم فيها إلى اتخاذ اجراءات مشتركة لوقف القصف العسكري الاسرائيلي على غزة.

وأبدى الرئيس أسفه لما يجري في غزة من العنف العسكري الاسرائيلي الذي أسفر إلى وقوع الضحايا من المدنيين ومن النساء والاطفال وكبار السن قائلا “كالرئيس لأكبر دولة مسلمة في العالم فلا أتحمل من هذا الحزن والغضب، فلم أزل الآن أقوم بجهود دبلوماسية مع الوزراء والدبلومسيين الاندونيسيين و مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وتمنى الرئيس سوسيلو أن يضغط قادة الدول على إسرائيل لوفق عملياتها العسكرية العشوائية مضيفا دعمه للعشب الفلسطيني
ويلي نص رسالته المفتوحة إلى قادة العالم حول الأزمة الإنسانية في غزة التي نشرتها وكالة مينا للأنباء :

رسالة مفتوحة من الرئيس سوسيلو

إلى قادة العالم حول الأزمة الإنسانية في غزة

اسمي سوسيلو بمبانج يودويونو، أنا مسلم أحب العدالة والسلام والإنسانية والديموقراطية، ترأست إندونيسيا ما يقرب من عشر سنوات وسوف تتنهي فترة رئاستي كرئيس الجمهورية الاندونيسية في الشهور القليلة المقبلة.

والأمس بعد أدائي للاحتفال بعيد الفطر بالهدوء والسلام وهو يوم كريم للأمة الاسلامية لا أستطيع أن أغمض عينيا طول الليل حيث شاهدت عبر القنوات المحلية والعالمية دقيقة بعد دقيقة وقوع الضحايا بغزة إثر العمليات العسكرية العنيفة الجارية، وأكثر الضحايا والمصابين بالجرح من المدنيين المستضعفين الذين كانوا لا يستطيعون على إنقاذ أنفسهم من الرصاص والقنابل القاتلة.

وصراخات الأمهات اللاتي فقدن أبنائهن، والأطفال الأبرياء الذين فقدوا والديهم فجأة، قد طعنت عميق قلبي وإنني على يقين أن أي شخص وأي شعب الذين شهدوا هذه المأساة الشنيعة سوف يشعرون بنفس الألم والحزن.

وكالرئيس في دولة أكبر عدد السكان المسلمين في العالم فلا أتحمل من هذا الحزن والغضب، فلم أزل الآن أقوم بجهود دبلوماسية مع الوزراء والدبلومسيين الاندونيسيين و مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والرئيس الفلسطيني محمود عباس ولكن تدهورت الأوضاوع في غزة.

ولذا من جاكرتا أجد نفسي مضطرا لإجراء دعوة أخلاقية إلى جميع الأمم وإلى قادة العالم، وعلى وجه خاص إلى كل من قادة حماس وإسرائيل، لوقف أعمال العنف والمأساة في المنطقة فوريا.

وبهذه الدعوة أرجو من قادة العالم أن لتحمل المسؤولية المشتركة والقيام بفرض إطلاق النار حقا وإنهاء العمليات العسكرية التي تبدو عشوائية على شكل متزايد.

ولا بد من القيام بوقف إطلاق النار الان وليس الغد أو بعد الغد، فهذا يعنى أن العدوان الإسرائيلي جويا أو بحريا أو بريا سوف يضطر إلى التوقف بما في ذلك أن الصواريخ التي أطلقتها حماس يجب أن ينتهي من أجل تجنب إجراءات انتقامية أو حلقة مفرغة من العنف.
وتصرفات القادة السياسيين والعسكريين لمواصلة العمليات العسكرية اليوم سوف تسفر إلى مزيد من الضحايا، بمن فيهم الأطفال والنساء والفئات المسنة وهذا انتهاك للقانون والقيم وآداب القتال التي يجب التمسك بها في العالم المتخضر.

وعلى الرغم من أنني مسلم، وأنا أدرك جيدا أن هذا الصراع ليس صراعا دينيا، لا أربط دعوتي وأفكاير بالإسلام أواليهودية أوالكاثوليكية أوالمسيحية أوالأديان الأخرى أو أي معتقدات.

والمشاكل التي نواجهها الآن تتعلق بالقضايا الإنسانية والأخلاق، والقانون، والآداب الحرب، فضلا عن تصرفات أي جانب التي تتجواز الحد كما أن تتعلق هذه المأساة الإنسانية والبؤس البشري الذي لا يطاق بالشعور بالمسؤولية من القادة الذين جعلوا بشكل مباشر أو غير مباشر هذه المأساة الإنسانية مشكلة متواصلة.

حيقيقة أن اندونيسيا باستمرار وبقوة تدعم حق الفلسطينيين للاستقلال ولاقامة دولة فلسطينية فيجب على المجتمع الدولي العمل معا لتأمين إقامة فلسطين كدولة مستقلة وذات سيادة ومعترف بها من قبل المجتمع الدولي كما يجب أن تعيش الدولة الفلسطينية المستقلة بسلام جنبا إلى جنب مع إسرائيل ومع الدول الأخرى المجاورة فأنا مقتنع بأن “حل الدولتين” في الإقليم السلمي هو مفهوم واقعي يمكن تحقيقه.

وجميع الصور المروعة من الصراع والحرب، والعنف التي شهدناها في هذه الأيام، وأيضا في كل هذه السنوات، ترسل رسالة خاطئة إلى أطفالنا أن هذا هو حال العالم، في حين أنني في العقد الماضي، دعوت بأخلاص وبلا كلل الشعب الاندونيسي و جميع الأديان لتكريم دائما السلام والأخوة والتسامح والوئام و لقد حاربت باستمرار الراديكالية والتطرف والإرهاب في إندونيسيا كما قمت وشاركت بنشاط بتنظيم الحوار بين الأديان وبين الحضارات محليا ودوليا.

وأيضا لقد بذلت جهدي لبدء حل ديمقراطي وسلمي من الصراعات في إندونيسيا، بما في ذلك الصراع في أتشيه وبابوا والصراعات الطائفية أو الدينية، فضلا عن النزاعات مع الدول الأخرى، بما في ذلك النزاعات الحدودية مع دول الجوار ولقد فعلت بكل وسعي للدفاع والحفاظ على وجه معتدل متسامح ومتناغم للإسلام على خلفيات عالمية من ارتفاع الراديكالية والتطرف والإرهاب وأنا أدرك أن نتخذ أيا من ما حققناه من المسلمات، بل ويجب علينا أن نواصل نضالنا للحفاظ عليه.

وما يحدث في غزة وأماكن أخرى في الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا في هذه الأيام يذكرني في إندونيسيا بأهمية الهائلة التي يجب تحقيق تلك الأهداف النبيلة، فماذا يمكنني أن أقول إلى مئات الملايين من الإندونيسيين؟ يمكن أن يؤدي هذا الوضع إلى نمو الجماعات المتطرفة – في بلدي وربما في بلدان أخرى أيضا – الذين يشعرون بمكتئب وإذلال،حتى يضطرون لمتابعة مسارهم الخاص من أجل نصب العدالة.

وأنا واثق أن ما أواجهه من هذا الوضع الثقيل، يواجهه القادة السياسيون وقادة الحكومة وقادة المنظمات الإنسانية والزعماء الدينيون وانا أشعر بقلق من ان تفشي اللامبالاة وانعدام المسؤولية المشتركة ستؤدي إلى ظهور جيل متشدد متميز بالحقد والانتقام حتى إلى جيل يحب سفك للدماء والحرب.

وإذا كان هذا هو ما يحدث في القرن الواحد والعشرين فتحقيق السلام العالمي والأمن الدولي الذي يشكل حماسة وروح الأمم المتحدة سيصبح بعيد المنال أكثر من أي وقت مضى.

ومع كل هذا، كرئيس اندونيسيا، أقترح أن في الأيام المقبلة، أو الساعات المقبلة، أن يجلس معا صانعوا القرار على السلم والأمن الدولي، بمن فيهم مجلس الأمن الدولي، أو بوجه خاص من يمتلك حق النقض، والبلدان الرئيسية في الشرق الشرق، وأن يوجد سبلا لفرض وقف إطلاق النار، وينبغي لهم متابعة هذا بأنه “صنع السلام”، و بعد فترة وجيزة ويمكن إنشاء وقف إطلاق النار، يجب علينا تكثيف الجهود لتقديم المساعدات الإنسانية ودفع عجلة العملية السياسية بطريقة أكثر شمولا وقاطعة.

وعلينا أن نضمن أنه بعد الجهود الدؤوبة لوقف الحرب، والعملية السياسية لا نكرر أخطاء سابقة. ويجب الاستماع إلى صرخات الشعب الفلسطيني، وخاصة أولئك الذين يعيشون في قطاع غزة، الذين عانوا طويلا بالحصار القائم، فضلا عن وجهات نظر فتح وحماس التي يمكن أن تكون أكثر توحدا واقعية وبناءة.

وأيضا يجب الاستماع إلى آمال الشعب الاسرائيلي لأن لا يعيش خائفا بشكل دائم بعد أن أصبحت دولته المجاورة فلسطين بإذن الله دولة مستقلة وذات سيادة.

وأرى أن الصراع بين البلدين سينتهي بعد أن أصبح استقلال فلسطين واقعيا ولن تشعراسرائيل بأنها مهددة به.
بطبيعة الحال، سوف يتحقق ذلك بعد أن أصبحت إسرائيل أكثر وعيا ومشربة حسن الجوار، وليست إسرائيل التي تشعر متفوقة على غيرها لكونها أقوى عسكريا.

ولابد أن تكون بلدان أخرى جدا لرعاية، والعمل والمساهمة في هذه القضية النبيلة، واندونيسيا مستعدة للمشاركة في عملية إنهاء هذه المأساة الإنسانية الحرجة.

دعونا لا نضيع هذه الفرصة حتى لا يلومنا ولا يديننا أجيالنا القادمة.

أهنئكم إخواننا المسلمين في فلسطين بعيد الفطر المبارك وعسى أن يحفظكم ونيصركم وسلامي لجميع الأمة المتدينة والشعوب العالمية.

جاكرتا، 29 يوليو 2014

الرئيس الاندونيسي

د/ سوسيلو بمبانج يودويونو

تعليقات
Loading...