توترات داخلية في «نهضة العلماء» واتهامات بالارتباط بالدوائر الصهيونية
جدول المحتويات
- تشهد «نهضة العلماء» توترات داخلية حادة نتيجة جدل حول مشاركة محاضر مرتبط بالصهيونية وشكوك حول الحوكمة المالية، وهو ما يحرك نقاشات سياسية واجتماعية واسعة.
- المجلس التنفيذي لـ«نهضة العلماء» يتعرض لضغوطات بعزل رئيسه يحيى خليل ستاقوف بعد مطالبات من مجلس الشورى، لكنه يرفض الاستقالة ويعد بمواصلة المهام.
- الأزمة تسلط الضوء على التحديات الكبرى التي تواجه المؤسسات الإسلامية الكبرى في التوازن بين القضايا السياسية الدولية مثل فلسطين وإدارة منظومة الحوكمة الداخلية.
جاكرتا، إندونيسيا اليوم – تشهد «نهضة العلماء»، أكبر منظمة إسلامية في إندونيسيا والعالم، توترات داخلية متصاعدة خلال الفترة الأخيرة، على خلفية ارتباطات نُسبت إلى بعض القيادات والكوادر مع دوائر صهيونية دولية. يُقدّر عدد أعضاء المنظمة بما بين ٨٠ إلى أكثر من ١٠٠ مليون خلال فترة ٢٠٢٣–٢٠٢٥، ما يجعل ارتدادات الأزمة ذات أثر اجتماعي وسياسي واسع. ويتقاطع الجدل مع حساسية الموقف الشعبي الإندونيسي من القضية الفلسطينية ومقتضيات الحوكمة المؤسسية.
بلغ الاحتقان ذروته يوم الخميس، ٢٠ نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠٢٥، خلال اجتماع «مجلس الشورى» لـ«نهضة العلماء» في فندق «أستون سيتي» بالعاصمة جاكرتا. وحضر ٣٧ من أصل ٥٣ عضواً اجتماعاً مغلقاً استمر نحو ٣ ساعات، وانتهى بمحضر يطلب من رئيس المجلس التنفيذي لـ«نهضة العلماء» يحيى خليل ستاقوف تقديم استقالته خلال ٣ أيام من استلام القرار؛ وفي حال عدم الاستجابة، لوّح «الشورى» بإجراءات العزل.
أسباب المطالبة بالعزل

تعود شرارة الجدل إلى تنظيم «أكاديمية القيادة الوطنية لنهضة العلماء» في أغسطس/آب ٢٠٢٥، حيث سجّل الأكاديمي بيتر بيركوفيتز، المعروف بطرحه المؤيد لسياسات إسرائيل ضمن سياقات القانون الدولي والنزاعات المسلحة، مشاركة بصفته محاضِراً خلال ١٥–١٦ أغسطس/آب ٢٠٢٥. وعقب تصاعد الاعتراضات، قدّم رئيس المجلس التنفيذي اعتذاراً علنياً، مؤكّداً ثبات موقف «نهضة العلماء» الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني. وقال في بيان: «أعتذر عن سوء التقدير في دعوة بيتر بيركوفيتز دون الانتباه إلى خلفيته المرتبطة بالصهيونية».
وبعد ذلك، وبموجب رسالة مؤرخة في ٢٥ أغسطس/آب ٢٠٢٥، طلب رئيس «مجلس الشورى» مِفتاح الأخيار إيقاف «أكاديمية القيادة الوطنية» أو تعليقها مؤقتاً لإجراء مراجعة شاملة، إلى جانب إعادة تقييم، وربما إنهاء، مذكرة التفاهم مع «مركز القيم الحضارية المشتركة» في ما يخص تصميم البرامج وآليات انتقاء المحاضرين.
ثم خلص «مجلس الشورى» في اجتماعه بفندق «أستون سيتي» إلى محضر يتضمن إنذاراً مدته ٣ أيام موجهاً إلى رئيس المجلس التنفيذي. ووفق ما تضمنه المحضر المتداول، يستند «الشورى» إلى مخالفات مزعومة في ملف المحاضِر المذكور وملف الحوكمة المالية بوصفهما سببين رئيسيين لطلب الاستقالة.
-
دعوة بيتر بيركوفيتز المثيرة للجدل
تؤكد أطراف داخل الحركة أن دعوة بيركوفيتز كمحاضر في «أكاديمية القيادة الوطنية» اصطدمت بموقف «نهضة العلماء» التاريخي الداعم لفلسطين. ويرى منتقدون أن الحدث أخفق في مراعاة الحساسية الأخلاقية والمؤسسية، فيما يعتبر مؤيدون أن الحوار لا يعني تبنّي الأطروحات، بل مقاربتها نقدياً. وأشعلت المشاركة موجة نقاش واسعة بين القيادات والقاعدة الحركية.
-
مسألة الحوكمة المالية
يشير المحضر المتداول إلى شبهات تتعلق بضوابط الحوكمة المالية ومواءمتها مع أحكام الشريعة والأنظمة الداخلية والقوانين النافذة. وتحذر بعض الآراء المؤسسية من أن أي خلل إداري قد يهدد سلامة الوضع القانوني للكيان الاعتباري للمنظمة، ما يستوجب مراجعات وتدقيقاً وتوضيحات على أعلى المستويات.
ويستند المحضر الموقع من رئيس «مجلس الشورى» مِفتاح الأخيار إلى مواد تنظيمية تتيح «العزل غير المشرف» للمسؤولين الذين يسيئون إلى سمعة الكيان. ويعتبر «الشورى» أن ما وقع أضرّ بسمعة «نهضة العلماء»، بما يقتضي إجراءات تصحيحية وفق اللوائح.
ردود فعل ومساعي التلاقي

أبدى رئيس المجلس التنفيذي يحيى خليل ستاقوف انفتاحاً على «إعادة التماسك الوطني» واستقبال ملاحظات مجالس الفروع في المحافظات لإطفاء التوتر الناجم عن جدل «أكاديمية القيادة الوطنية». وخلال اجتماع عبر الاتصال المرئي بتاريخ ٢١ نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠٢٥، شددت فروع المحافظات على أولوية الشرعية والإجراءات التشاورية، والتنبه إلى آثار الاستقطاب على القاعدة.
وبعد اجتماع موسّع لمجالس الفروع في ٢٢ نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠٢٥ بمدينة سورابايا، أكد يحيى خليل ستاقوف، أنه لا يعتزم الاستقالة من منصبه رغم ما يشهده الداخل من تطورات. وأوضح أن مدة التكليف التي نالها من المؤتمر الرابع والثلاثين ستُنفَّذ كاملة على مدى خمس سنوات، ورفض مزاعم وجود خطاب رسمي يطلب استقالته، مشككاً في صحة الوثائق المتداولة ومؤكداً أهمية التحقق من التواقيع الرقمية. كما شدد غوس يحيى على أن مجلس الشورى في نهضة العلماء لا يملك صلاحية إقالة الرئيس العام أو أيٍّ من أعضاء الهيكل التنظيمي الآخرين. كما نفى نفياً قاطعاً اتهامات الفساد وتدفّق أموال بمئات المليارات، ورفض الإقدام على أي إجراء من دون أدلة واضحة، وسيُجري مشاورات مع العلماء للحفاظ على وحدة نهضة العلماء.
وفي سياق متصل، دعا الأمين العام سيف الله يوسف إلى إدارة الأزمة بروية وبما يتسق مع الإجراءات النظامية، وحثّ قواعد «نهضة العلماء» على التماسك واحترام المسار المؤسسي، منعاً لتوسّع الشرخ الداخلي.
جدل «قُرب» ستاقوف من دوائر صهيونية

يتعرض يحيى خليل ستاقوف لانتقادات متكررة بسبب مشاركات سابقة في فعاليات ضمّت شخصيات مؤيدة لإسرائيل وزيارات هدفت، وفق روايته، إلى فتح قنوات حوار وتخفيف الصور النمطية عن اليهود، بعيداً عن دعم أي سياسات عسكرية أو سياسية. لكن معارضين داخل «نهضة العلماء» وناشطين متعاطفين مع فلسطين رأوا في ذلك تعارضاً مع خط الحركة السياسي المعلن، ما عمّق أزمة الثقة.
ويعتبر أنصار هذا النهج أنه «دبلوماسية بين الأديان» تسعى لتقليل التوترات، فيما يرى منتقدوه أنها تُربك القاعدة وتعرّض الخطاب المؤسسي للاشتباه، وتفتح الباب أمام لبس حول حدود الحوار ومقتضيات الموقف المبدئي من الاحتلال.
زيارة «خماسية» مثيرة لجدل إلى إسرائيل
تفاقم الجدل إثر زيارة غير رسمية قام بها ٥ من الكوادر الشابة إلى إسرائيل ولقائهم الرئيس إسحاق هرتسوغ، بالتزامن مع تصاعد الحرب على غزة. وأكدت «نهضة العلماء» أن الزيارة «شخصية» ولم تحظَ بتفويض، وبالتالي لا تمثل موقف المنظمة. من جانبه، أدان ستاقوف الخطوة ولوّح بإجراءات تنظيمية بحق الكوادر المخالفة، محذراً من محاولات جماعات ضغط مؤيدة لإسرائيل لاختراق القنوات المجتمعية الإندونيسية عبر بوابات دينية وثقافية.
عرفت «نهضة العلماء» تاريخياً بتضامن راسخ مع فلسطين عبر الدعم المالي والدعاء والتحرك الدبلوماسي. وتكشف الأزمة الحالية صعوبة الموازنة بين صون هذا الإرث وبين الحفاظ على التماسك الداخلي عند تباين القراءات حول إسرائيل وفلسطين. وتؤكد القيادة أن أي مساعٍ دبلوماسية أو لقاءات تحمل صفة رسمية في هذا الملف يجب أن تمر عبر تفويض مؤسسي واضح، لا بصفة شخصية.
خلاصة
تعكس المطالبة بعزل يحيى خليل ستاقوف توتراً بين منظومة القيم المؤسسة لـ«نهضة العلماء» وبين تعقيدات الواقع السياسي العالمي. وقد شكّل ملف «بيركوفيتز» وشبهات الحوكمة المالية وقود الأزمة.
كما تلقي التحولات الجيوسياسية، والحرب الإبادة الجماعية على غزة، بظلالها على المشهد الإندونيسي ذي الغالبية المسلمة، في ظل محاولات لجرّ جاكرتا إلى مسارات «الاتفاقات الإبراهيمية» عبر قنوات ثقافية واجتماعية ودينية. (إندونيسيا اليوم/محمد أنس)
| العربية | الإندونيسية | الإنجليزية |
|---|---|---|
| الأدوار التنظيمية والمفاهيم الإدارية | ||
| مجلس الشورى | Dewan Syuro | Advisory Council |
| المجلس التنفيذي | Dewan Eksekutif | Executive Board |
| رئيس | Ketua | Chairperson |
| الاستقالة | Pengunduran Diri | Resignation |
| العزل | Pemberhentian | Dismissal |
| المحاسبة | Akuntabilitas | Accountability |
| الشفافية | Transparansi | Transparency |
| الحوكمة المالية | Tatakelola Keuangan | Financial Governance |
| النزاع | Konflik | Conflict |
| التنظيم | Organisasi | Organization |
| احتجاج | Protes | Protest |
| رفض | Menolak | Reject |
| رفض الاستقالة | Menolak Mengundurkan Diri | Reject Resignation |
| إدارة الأزمة | Manajemen Krisis | Crisis Management |