إندونيسيا تطلق أكبر ساتل اتصالات في جنوب شرق آسيا

جاكرتا، إندونيسيا اليوم – في الساعة ٠٨:٥٦ من صباح ١٢ أيلول/سبتمبر ٢٠٢٥ بتوقيت جاكرتا، دوّنت إندونيسيا صفحة جديدة في سجلها الفضائي مع الإطلاق الناجح لساتل “نوسانتارا ليما” (SNL) من قاعدة “كيب كانافيرال” بولاية فلوريدا الأميركية، وذلك بعد ثلاث محاولات مؤجّلة بسبب سوء الأحوال الجوية.

الساتل ملك لشركة “باسيفيك ساتليت نوسانتارا” (PSN) الإندونيسية الخاصة، وقد جرى تطويره بالشراكة مع شركة “بوينغ” الأميركية المصنعة، وإطلاقه عبر صاروخ تابع لشركة “سبيس إكس”. ويمثل هذا الإنجاز نقطة تحول تؤكد دخول إندونيسيا مضمار اللاعبين الدوليين في مجال الاتصالات الفضائية.

وقال المدير العام للشركة، أدي رحمان أديووسو، في بيان رسمي يوم السبت ١٣ أيلول/سبتمبر ٢٠٢٥: “هذا النجاح يُجسّد قدرة إندونيسيا على بناء بنية تحتية متقدمة للإنترنت. ومع اقتراب الذكرى الـ٨٠ للاستقلال، نأمل أن يُحدث ساتل (SNL) أثراً واسعاً في المجتمع، وأن يدعم سيادة الفضاء الوطني”.

أكبر سعة في جنوب شرق آسيا

جُهّز الساتل في الموقع المداري ١١٣ درجة شرقاً، بما يتيح تغطية شاملة لكامل أراضي إندونيسيا. ويتميز بطاقة استيعابية تبلغ ١٦٠ غيغابت في الثانية، وهي الأكبر في منطقة جنوب شرق آسيا.

ومع دمج هذه القدرة بالسعة الوطنية الحالية، سيرتفع إجمالي طاقة الإرسال إلى ٤٠٠ غيغابت في الثانية، بما يمنح الأقاليم النائية فرصة متكافئة للاستفادة من خدمات الإنترنت السريع. وتعتزم الشركة إعطاء الأولوية لقطاعات التعليم والصحة والاقتصاد الشعبي.

ففي أعماق غابات بابوا ستصل خدمات التعلم الإلكتروني إلى المدارس، كما ستمتلك المراكز الطبية في الجزر الصغيرة إمكانية التشخيص عن بُعد مع مستشفيات كبرى عبر الطب الاتصالي. في حين سيتمكّن صغار رواد الأعمال في الشرق الإندونيسي من تسويق منتجاتهم عبر المنصات الرقمية. كما أن حيز تغطية الساتل يمتد ليشمل مناطق في الفلبين وماليزيا.

ويُنظر إلى المشروع بوصفه دعامة للتنمية العادلة رقمياً داخل إندونيسيا، إذ قال ساتريو أديويكاسونو، مدير المشروع والمدير التقني للشركة: “الإنترنت الجيد حق أساسي لكل فرد. ونأمل أن يمثّل (SNL) رافعة للتحوّل الرقمي، وتحسين مستوى حياة الناس، وتعزيز نهضة الوطن”.

تكنولوجيا متطورة

“نوسانتارا ليما” مجهّز بتقنية “السعة الفائقة جداً” (VHTS)، وهو جيل حديث من السواتل قادر على نقل بيانات مضاعفة عشرات المرات مقارنة بالسواتل التقليدية. وتسمح هذه البنية بخدمة عدد أكبر من المستخدمين دون التضحية بجودة الاتصال.

كما يعتمد الساتل نظام دفع هجين يجمع بين محركات كيميائية للحركة الأولية ونظام أيوني يعتمد غاز الزينون (XIPS) للحفاظ على موقعه المداري بكلفة وقود أقل، وفعالية تُقدّر بنحو ١٠ أضعاف مقارنة بالأنظمة التقليدية، ما يطيل عمره التشغيلي ويخفض كلفة الصيانة.

ويعمل الساتل أيضاً عبر ١٠١ حزمة موجية بتردد “كا باند” تعمل مثل كشافات ضوئية مركزة، ما يتيح توزيع النطاق الترددي حسب الحاجة خاصة في المناطق الأكثر كثافة سكانية.

ولتأمين ربط فعّال بالأرض، تعاونت (PSN) مع شركة “هيوز نتوورك سيستمز” لإنشاء ٨ محطات أرضية في مواقع استراتيجية تشمل: باندا آتشيه، بنجكولو، شيكارانغ، غريسيك، بانجرماسين، طاراكان، كوبانغ، وماكاسار، بحيث تغطي البلاد من الغرب إلى الشرق.

لن يكون الساتل قابلاً للاستخدام مباشرة بعد الإطلاق. فبعد انفصاله عن الصاروخ في المدار الانتقالي، سيستغرق نحو ٤ – ٥ أشهر ليبلغ مداره النهائي عند ١١٣ درجة شرقاً. وخلال هذه الفترة، سيستخدم نظام الدفع الهجين لضبط ارتفاعه ومساره إلى أن يستقر في الموقع الجغرافي المداري المطلوب، حيث يبدو ثابتاً فوق السماء الإندونيسية.

عند الوصول، تبدأ مرحلة “الاختبارات المدارية” التي تدوم نحو ٣ أسابيع، وتشمل فحص الألواح الشمسية والهوائيات ودقة الحزم الترددية وجودة الإشارة. تُعقبها مراجعة قبول تشغيلية بمشاركة الشركة والجهات التنظيمية وشركائها الدوليين لضمان أداء جميع الأنظمة وفق المعايير المتفق عليها.

وبإتمام هذه المراحل، يدخل الساتل الخدمة الفعلية لتقديم اتصالات موثوقة لعقد ونصف على الأقل، ما يجعل منه استثماراً بمليارات الدولارات يرسخ مكانة إندونيسيا الرقمية.

إندونيسيا اليوم | جي إن في إي