الإسلام والسياسة.. أزمة الهوية الإندونيسية

0 1٬561

[highlight color=”red”]الحزيرة الإنجليزية – التقرير – إندونيسيا اليوم[/highlight]

[highlight color=”red”]بقلم/ دينا أبريانتي*[/highlight]

إن الاتهامات بالتجديف الموجهة ضد حاكم جاكرتا ستضع الديمقراطية والهوية الوطنية في إندونيسيا في موضع اختبار.

وتعد إندونيسيا الحديثة دليلا على قدرة الديمقراطيات الانتقالية على بناء الإطار الدستوري الذي يمكنه ضمان المساواة والأمن والتحرر من التمييز لجميع المواطنين.

يشار إلى أنه منذ عام 1998 الإصلاحي (الفترة الانتقالية بعد سقوط الديكتاتور الإندونيسي، سوهارتو)، رأى الإندونيسيين كيف يمكن للإصلاحات السياسية أن تولد حرية التعبير، وتعزز دور الأحزاب السياسية، بما في ذلك الأحزاب الإسلامية، وتمكن الإندونيسيون من ممارسة حقهم في التصويت في انتخابات مفتوحة وشفافة.

وبعد ما يقرب من عقدين من الزمن في وقت لاحق، شهدنا أزمة سياسية كبيرة توحي بأن هناك اتساعا في الهوة بين أولئك الذين يدعمون الحكومة الدستورية، وأولئك الذين يستخدمون الإسلام كأساس لاعتراض الافتراضات التعددية وراء السياسة الديمقراطية المعاصرة.

والواقع أن المطالب الدائمة والحالية للإندونيسيين من أجل تعزيز هويتهم كأعضاء في الأمة كأولوية على أنهم أعضاء في جمهور الناخبين، تعني أن الهوية الدينية تهدد بفصل المواطنة كمبدأ تنظيمي أساسي.

ورفع تهمة التجديف ضد حاكم جاكرتا الصيني المسيحي، باسوكي تجاهاجا بورناما، والمعروف باسم أهوك، يقدم تحديا كبيرا للرئيس جوكو ودودو (المعروف أيضا باسم جوكوي).

[highlight color=”red”]تهمة التجديف[/highlight]

كان اسم أهوك مشتبها به بشكل رسمي في 16 نوفمبر من قبل الشرطة الوطنية الإندونيسية، بعد أسبوعين من الضغوط المتزايدة، مدفوعة من قبل المتشددين والمسلمين المحافظين الذين حشدوا عشرات الآلاف في مسيرة انطلقت 4 نوفمبر، في وسط جاكرتا.

وكانت المجموعة الرئيسية وراء المسيرة هي جبهة المدافعين عن الإسلام الشهيرة، واتهمت الجبهة أهوك بإهانة القرآن عندما قام خلال زيارة عمل خاصة به، بتشجيع مجموعة من الجماهير بألا ينخدعوا بأولئك الذين يسعون لاستخدام الآية القرآنية رقم 51 بسورة المائدة لمنع الناخبين من اختيار زعيم غير مسلم.

وتم التأكد من صحة هذه المزاعم ضد أهوك عن طريق الفتوى التي أصدرها مجلس العلماء الوطني، وأُنشئت هذه المؤسسة شبه الحكومية في ظل حكومة سوهارتو الاستبدادية في وقت مبكر من السبعينات، وهو يسعى بشكل منتظم للتعبير عن الأحكام الموثوقة المتعلقة بقضايا المصلحة العامة.

وكانت الآية رقم 51 من سورة المائدة عرضت للنقاش في الأسابيع التي سبقت المسيرة، وكان الرأي بين الجميع، من علماء المسلمين المشهورين إلى الأعضاء العاديين من أفراد الجمهور، وتناول النقاش الأسئلة الأساسية، وأهمية القرآن والعلماء بالنسبة للهوية الإسلامية والمواطنة، ومعنى الآية نفسها، ومناهج التفسير القرآني.

يشار إلى أن إندونيسيا التي توصف دائما بالأمة المسلمة المعتدلة والتعددية، تقوم بشكل منتظم بحل النقاشات السياسية المتعلقة بالدين والدولة بوضع آليات دستورية وديمقراطية.

وعلى الرغم من هذه المناقشة المفتوحة والعامة، فإن الذين هاجموا أهوك كانوا مصرين على أنه تم إهانة الدين. وحتى العلماء المحترمين بما فيهم الأستاذ سيافي معارف، الرئيس السابق لحركة المحمدية الإسلامية، لم يتم إعفائهم من الهجوم والانتقادات.

[highlight color=”red”]سياسة الهوية[/highlight]

ومع ذلك، بالنسبة للمسلمين المعتدلين، كانت القضية سياسية بالدرجة الأولى، وتمثل الدراما السياسية الكلاسيكية متعددة الطبقات في جاكرتا. ويعرف أن زعيم الجبهة الشعبية، حبين رزيق، العضو بالمجتمع الإندونيسي العربي الصغير، له صلة قوية مع سكان جاكرتا الأصليين، وهم شعب بتاوي.

والأمر الأكثر إثارة للجدل، هو الاشتباه في أن يكون الرئيس السابق سوسيلو بامبانج يودوينو هو من يكون وراء المسيرة، منذ أن كان يساعد ابنه، أجوس يودويونو، في سعيه للحكم.

كان يودويونو يفضل الدوافع الدينية المحافظة خلال فترة توليه منصب الرئيس، ويعد ترشيح ابنه، الذي تقاعد من الجيش من أجل الترشح، مقامرة سياسية للحفاظ على الثروات السياسية الخاصة بالعائلة على قيد الحياة.

وتعمل الازمة على مشاركة القضايا المهمة وراء تلك الأبعاد السياسية بكل بساطة، وفي الواقع، من الصعب ألا نستنتج أنها قد تساعد في تحديد مستقبل الهوية الوطنية في إندونيسيا.

ويعتبر التحدي الحالي دراميا بشكل كبير، حيث يشارك فيه النخب السياسية والمحافظين المتشددين، إنه مثير للقلق أيضا، نظرا لالتقاء الموضوعات العنصرية والدينية، والتي يتم استغلالها من أجل تحقيق مكاسب انتخابية.

[highlight color=”red”]اختبار للديمقراطية الإندونيسية[/highlight]

وحتى خيار السماح للعملية القانونية أن تأخذ مجراها لا يحقق راحة كبيرة. والأحكام القانونية الواردة في نظام التجديف (الكفر) غامضة، وفي أفضل الأحوال، يمكن للمؤسسات القانونية المختلفة بما في ذلك المحاكم تخضع للنفوذ السياسي. وعلاوة على ذلك، سواء بالإدانة أو التبرئة فمن المرجح أن تجتذب ردا سلبيا من قبل فصائل مختلفة.

وستكون قضية أهوك في نهاية المطاف اختبارا رائعا وحاسما للديمقراطية في إندونيسيا. وعلى افتراض أنه لا يزال قادرة على خوض الانتخابات، فالجمهور وبشكل مناسب سيكون له المساهمة الأكثر أهمية من خلال الإدلاء بأصواتهم.

ومن المرجح أن يتم فهم نجاح أهوك على أنه تبريرا من قبل القلة الذين يسعون للدفاع عن الحكم الدستوري من خلال الاحتجاجات الشعبية القائمة على أساس الدين.

وقد يكون الفشل صعب التفسير. ويمكن أن ينظر له إما كمكافأة على الدعاية الراديكالية، كنقد شرعي للمرشحين، أو كإدانة على أساس الأخلاق.

يذكر أن هناك شيئا واحدا يبدو واضحا، وهو كما يزعم البعض، أن كثافة وحجم الأعمال التي يقوم بها الائتلاف المناهض لأهوك، تم الانتقال بها إلى مستوى جديد لنشر الإسلام كأداة مستخدمة في السياسة الإندونيسية.

 المصدر

[author title=”دكتورة دينا أبريانتي” image=”http://www.aljazeera.com/mritems/imagecache/profile/mritems/Images/2016/11/21/2182095dc48d4a8cb5956f6ba55e6ce6_6.jpg”]باحثة في معهد الدين والسياسة والمجتمع بالجامعة الكاثوليكية الأسترالية. وهي أيضا باحثة عن الجنس والدين والقانون في المجتمعات مسلم في مركز الاختلافات الاجتماعية، جامعة كولومبيا.[/author]

تعليقات
Loading...