جاكرتا تعود إلى الخضرة: إعادة ترتيب الحدائق وطلاء الأرصفة بعد الشغب

جاكرتا، إندونيسيا اليوم – لا يزال عبق البقايا المحترقة يخيم على محطة حافلات ترانس جاكرتا سنين في وسط جاكرتا صباح يوم الاثنين من أوائل أيلول/سبتمبر ٢٠٢٥. بعض الكتابات التخريبية لا تزال واضحة للعيان، ويحاول عمّال النظافة تغطيتها بالطلاء. أجزاء من أرضية المحطة اسودّت، وتراكم فوقها حطام مبانٍ مدمرة.

هذه إحدى الشهادات الصامتة على احتجاجات شارك فيها مواطنون من شرائح متعددة في نقاط عدة من جاكرتا، احتجاجاً على زيادة رواتب أعضاء مجلس النواب الإندونيسي، وقد تسللت إليها أعمال شغب نفذها بعض الأفراد غير المسؤولين.

أقدم هؤلاء على تخريب وإحراق مرافق عامة مثل محطات الحافلات وإشارات المرور وكاميرات المراقبة. وسجّلت حكومة مقاطعة جاكرتا العاصمة تضرر ١٨ إشارة مرور في ١٨ موقعاً.

وتعرض مدخل محطة مترو جاكرتا «إستورا مانديري» أيضاً للتخريب، كما طاول التخريب تسع محطات للحافلات السريعة في شبكة ترانس جاكرتا.

بل إن سبع محطات للحافلات السريعة أُحرقت، من بينها محطة «بولدا مترو جايا»، و«سنين سنترال»، و«سنايانغ بنك جاكرتا العاصمة»، و«بوابة بيمود».

وعن حجم الخسائر، فقد تجاوزت ٥٠ مليار روبية. بلغت خسائر أضرار بنية مترو جاكرتا نحو ٣٫٣ مليارات روبية، وخسائر ترانس جاكرتا حوالي ٤١٫٦ مليار روبية، فيما قُدرت خسائر كاميرات المراقبة والبنى التحتية الأخرى بنحو ٥٫٥ مليارات روبية.

ويذكّر حجم الخسائر والأضرار في المرافق العامة بأعمال الشغب التي رافقت احتجاجات قانون خلق فرص العمل في تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٢٠. آنذاك، سجّلت حكومة مقاطعة جاكرتا الكبرى أضراراً بقيمة ٦٥ مليار روبية شملت محطات ترانسجاكرتا ونقاط الشرطة وإشارات المرور وغيرها.

إلى جانب تدمير المرافق العامة، برزت قضية النفايات كأولوية. فقد أفادت إدارة البيئة في جاكرتا الكبرى بأنه خلال يومين فقط، في ٢٨–٢٩ آب/أغسطس ٢٠٢٥، جُمِع ١٣٠ متراً مكعباً من النفايات غير العضوية، أي ما يعادل ٢٨٫٦٣ طناً.

وعلى ضوء تأثير التظاهرات، انطلقت حركة تعاون شعبية تحت وسم #حماية_جاكرتا بمشاركة أجهزة المنطقة كافة، من العمدة إلى رئيس الحي ورئيس القرية، الذين انخرطوا في أعمال تطوعية ضمن مناطقهم.

وشارك في حملة التنظيف أيضاً «فريق قوس قزح» من مختلف الهيئات الإدارية المحلية.

كما شاركت «القوات الزرقاء» التابعة لإدارة الموارد المائية في تنظيف قنوات المياه، بينما تابعت فرقٌ ميدانية أخرى مهام الإسناد الميداني.

وتولت «القوات البرتقالية» و«القوات الخضراء» في إدارة البيئة، إلى جانب «القوات الخضراء» في إدارة الحدائق والغابات الحضرية، جمع النفايات وترتيب الحدائق.

أما وحدة شرطة «بامونغ براغا» فتكفلت بحفظ النظام، وقدمت دائرة مكافحة الحرائق والإنقاذ الدعم برشّ المواقع، وكذلك جهاتٌ داعمة أخرى.

وتم تنظيف جميع المناطق التي تضررت بفعل أعمال الجماهير من أكوام القمامة وبقايا اللافتات، وحتى الأنقاض الناتجة عن تخريب المرافق العامة.

وأُعيد ترتيب وتنظيم الحدائق العامة التي تضررت أو تلوثت لتستعيد جمالها وخضرتها.

كما أُعيد طلاء الأرصفة المتسخة أو الباهتة الألوان لاستعادة جمالية المشهد الحضري.

ثم رُشَّت المواقع التي احتوت على بقايا الفحم والرماد المتخلف عن أعمال الحرق.

وفي الأثناء، يُنظَّف مركز الشرطة ومحطة الحافلات المتضرران بسبب الحريق على الفور ويُجهّزان لمزيد من الإصلاحات.

جهود تحسين المرافق العامة متواصلة، مع استهداف الانتهاء منها في موعد أقصاه ٩ أيلول/سبتمبر ٢٠٢٥، بحسب ما قاله حاكم جاكرتا برامونو.

وقام نائب حاكم جاكرتا رانو كارنو بزيارة إلى محطة الحافلات المحترقة في سنين بوسط جاكرتا وساهم في طلاء مرافقها.

وكان الرجل الذي يُعرف بلقب «بانغ دول» يرتدي قميصاً برتقالياً كُتب عليه «احمِ جاكرتا». وبين الحين والآخر كان يحيّي السكان المشاركين في حملة التنظيف ويتحدث معهم.

ويثمّن رانو جميع فئات المجتمع التي شاركت، بما في ذلك سائقي الدراجات النارية عبر التطبيقات وطلاب الثانوية العامة وتجار التجزئة.

وبحسب قوله، فإن هذا التضامن المجتمعي هو جهدٌ مشترك لإعادة بناء الوضع.

وتركّزت أنشطة العمل الجماعي حينها في محطة «سنين سنترال»، ومحطة «سنين تويوتا رانغا»، وأسفل جسور المشاة.

وشارك ٢١٥ شخصاً من مختلف فئات المجتمع في برنامج العمل التطوعي واستعادة المساحات المشتركة، في ما يشبه علاجاً اجتماعياً جماعياً.

وتكوّن المشاركون من ٧٥ موظفاً في «بي-بي-إس-يو»، و٥٠ سائقاً للدراجات النارية عبر التطبيقات، و٥٠ بائعاً من «بيرومدا باسار جايا»، و٢٥ طالباً، و١٥ خريجاً من «إس-تي-إم».

وفي خضم الأنشطة، ذكر رانو أن حكومة مقاطعة العاصمة جاكرتا تدعم جميع تطلعات المجتمع وتتيح لكل فئةٍ إيصال صوتها قائلا: «إذا كان هناك من يريد أن يعبّر عن مشاعره أو يقدّم احتجاجه، فليتفضل. فقط آمل، وآمل أيضاً ألّا تُدمَّر مرافقنا. الخاسرون نحن، وأكثر ما نخسره هو الوقت، وليس فقط التكاليف».

ومن جهة أخرى، تحرّكت أجهزة إنفاذ القانون أيضاً، فطاردت مرتكبي الفوضى خلال التظاهرة في الأسبوع الماضي. وقال قائد شرطة مترو جايا، الجنرال إيدي سوهيري، إن إجمالي الموقوفين بلغ ١٢٤٠ شخصاً.

وبعد إجراء الفحص، تبيّن أن ٢٢ شخصاً منهم جاءت نتائجهم إيجابية لاستخدام المخدرات، بينهم ١٤ للميثامفيتامين، و٣ للحشيش، و٥ إيجابيون.

وقال قائد الشرطة الإقليمي إنه مستعد لاتخاذ إجراءات صارمة بحق أي أعمال شغب، بما في ذلك تدمير المرافق العامة، مع الترحيب بالمواطنين الراغبين في التعبير السلمي عن آرائهم.

وليس المتظاهرون الفوضويون وحدهم؛ فقد أُلقي القبض أيضاً على ٧ عناصر من وحدة «ساتبريموب بولدا مترو جايا» شاركوا في حادث دهس سائق التطبيقات «أوجول» أثناء الاحتجاج في منطقة «بيغامبونغ».

واعتُبر هؤلاء مخالفين لمدوّنة السلوك المهني للشرطة، وسيخضعون لإجراء نقلٍ خاص في قسم «بروبام بولري» لمدة ٢٠ يوماً اعتباراً من ٢٩ آب/أغسطس.

الاحتجاجات التي تخللتها أعمال شغب وأفضت إلى تدمير مرافق عامة وسقوط ضحايا أثرت سلباً على راحة المجتمع وأمنه وأنشطته اليومية. 

وانسجاماً مع دعوة نائب الحاكم رانو، يُسمح بالتعبير عن الرأي في الأماكن العامة مع الحفاظ على النظام العام والمرافق. ونأمل أن تُسمَع الأصوات السلمية وأن تُحترم من قبل الحكومة الرشيدة.

إندونيسيا اليوم | أنتارا