كورونا إندونيسيا.. وفاة 22 طبيبا و4 سيناريوهات أسوؤها إصابة 2.5 مليون

1٬253

جاكرتا، إندونيسيا اليوم – تبدو معركة السلطات الإندونيسية مختلفة في مواجهة فيروس كورونا المستجد بعد أن أدى لوفاة 22 طبيبا من أصل 198 وفاة سجلت حتى مساء أمس الأحد، وسط مخاوف من أن يدفع القطاع الطبي ثمنا باهظا في مواجهة الجائحة، فيما تتحضر السلطات هناك لأربعة سيناريوهات، أسوؤها قد يؤدي لإصابة 2.5 مليون قد يتوفى نحو 240 ألفا منهم.

وشملت قائمة الأطباء الذين تعلن نقابة الأطباء الإندونيسيين بشكل شبه يومي وفاتهم بفيروس حتى الآن 22 طبيبا، منهم أستاذ علم الأوبئة في جامعة إندونيسيا البروفيسور ناصرين قادم، وأستاذ علم صحة المجتمع والتمريض في جامعة غاجة مادا العريقة البروفيسور إيوان دوي براهاستو، كما تضم القائمة أيضا 5 أطباء أسنان و6 ممرضين.

وبينما لم تحرك الحكومة المركزية ساكنا لتحصين الفرق الطبية التي تقف في خط المواجهة الأول مع الفيروس بدأت ولايات -من بينها جاكرتا- باتخاذ إجراءات لتوفير ظروف عمل تسمح للأطباء والفرق الصحية بالعمل على مواجهة كورونا، دون أن تتحول لأول ضحاياه.

وتعزو دراسات وأرقام أعلنتها جهات رسمية وشبه رسمية سبب هذا الارتفاع الكبير في أعداد الأطباء إلى تأخر الحكومة الإندونيسية في الإعلان عن الإصابات بالفيروس، حيث أعلنت الإصابة الأولى بكورونا في إندونيسيا في 2 مارس/آذار الماضي.

السلطات الإندونيسية لم تتخذ إجراءات صارمة ودراسة تحدثت عن احتمال إصابة 2.5 مليون في حال استمر الوضع الحالي في البلاد (رويترز)

أطباء بلا ملابس واقية

وواجهت الفرق الطبية في الأيام الأولى في معركتها مع الفيروس نقصا حادا في الملابس الواقية للأطباء، بل إن بعضهم تعاملوا مع مصابين بالكورونا دون أن يأخذوا احتياطاتهم، وهو ما دفع الأطباء للحديث عن خطورة هذا الوباء على رابع أكبر دولة في العالم سكانا (268 مليون نسمة)، حيث وضعوا العديد من التوصيات أمام الساسة.

ودفعت الوفيات والإصابات في صفوف الأطباء والممرضين حاكم جاكرتا أنيس باسويدان إلى تخصيص عدد من الفنادق في جاكرتا لمبيت الفرق الطبية نتيجة عدم التفات أي جهة أخرى إلى مشكلة مكان إقامة الفرق الطبية، حيث واجهت هذه الفرق مشكلة ضرورة ابتعادها عن عائلاتها خشية نقل الفيروس لها، كما أن بعض المساكن صارت ترفض عودة الممرض أو الطبيب إليها من قبل الجيران أو أصحاب تلك المساكن، كما جرى توفير مواصلات للفرق الطبية من وإلى المستشفيات التي يعملون فيها في جاكرتا، وهي الخطوة التي نفذها أيضا حاكم إقليم سولاويسي الجنوبية نور الدين عبد الله.

السلطات الإندونيسية اتخذت سلسلة إجراءات لحماية كوادرها الطبية بعد أن عملت في الأيام الأولى وسط ظروف صعبة (رويترز)

نصف المصابين في جاكرتا

يحدث هذا في وقت تشير فيه الإحصاءات الرسمية إلى أن نصف الإصابات المسجلة بفيروس كورونا (وعددهم حتى مساء أمس الأحد 2273) هم في جاكرتا، توفي منهم 198 شخصا، كما ظلت نسب الوفيات تتفاوت خلال الأسابيع الأربعة الماضية بين 7 و9%، وهي من أعلى نسب الوفيات في العالم بين المصابين بالفيروس، وهي التي وصفها حاكم جاكرتا بـ”المقلقة جدا”.

لكن الأرقام الرسمية للمصابين والتي تعلن عنها الحكومة المركزية باتت محل جدل، وأظهرت اختلافا واضحا مع أرقام تحدث عنها حاكم جاكرتا عندما أشار قبل ثلاثة أيام في حديثه مع معروف أمين نائب الرئيس إلى أن نحو 400 شخص دفنوا في مقابر جاكرتا وفق إجراءات كورونا الاحترازية، بينما كانت الحكومة تتحدث عن تسجيل 90 وفاة بالفيروس في العاصمة حتى ذلك اليوم (2 أبريل/نيسان الجاري).

والأمر ذاته تحدث عنه حاكم إقليم جاوا الغربية رضوان كامل، إذ إن هناك تخوفا من أن يصبح هذا الإقليم بؤرة أخرى للفيروس خلال الأسابيع المقبلة بعد جاكرتا، حيث توقع كامل أن تكون الأرقام الحقيقية للمصابين بكورونا أضعاف الأرقام المكتشفة حاليا بالفحص السريع والتعامل مع المرضى في المستشفيات.

وكان فريق من خبراء وأطباء قسم صحة المجتمع وعلم الأوبئة في جامعة إندونيسيا قد تقدموا بدراسة قبل أيام إلى هيئة التخطيط الإندونيسية حذروا فيها من أن يترك المجتمع الإندونيسي يواجه مصيره في مواجهة فيروس كورونا دون تدخل الدولة.

أربعة سيناريوهات

وتحدثت الدراسة عن أربعة سيناريوهات لتفشي الفيروس في البلاد، أسوؤها إصابة 2.5 مليون إندونيسي بالفيروس ما لم تتدخل الدولة سريعا، وهو السيناريو الذي قد يؤدي لوفاة 240 ألف شخص.

أما السيناريو الثاني فهو الذي سيحدث في حال تدخلت الدولة بشكل محدود بمجرد نصح الناس بالتباعد الاجتماعي وتقليل التجمعات، وهو ما سيؤدي لإصابة نحو 1.7 مليون إندونيسي بالفيروس، قد يتوفى منهم 144 ألفا.

ويشير السيناريو الثالث -الذي يبدو أن الحكومات المحلية في بعض الأقاليم والمحافظات قد بدأت تنفيذه- إلى تدخل متوسط للدولة عبر إجراء فحوص سريعة في نطاقات معينة وفرض التباعد الاجتماعي بإغلاق مؤسسات التعليم والتجارية والترفيه، وهو ما سيؤدي لتراجع الإصابات إلى نحو 1.25 مليون، قد يتوفى منهم 47 ألفا.

أما السيناريو الرابع فهو الذي يقضي بتدخل الحكومة بشكل كبير، وذلك عبر توسعة دائرة الفحوص السريعة، وفرض التباعد الاجتماعي على الناس، وهذا قد يخفض عدد الإصابات إلى نحو نصف مليون شخص.

ومع ذلك، فإن السيناريو الرابع -الذي يبدو الأقل إيلاما- يصعب التعامل معه صحيا، فالوفيات قد تكون حتى عند هذا الخيار نحو 11 ألفا، لأن المستشفيات في إندونيسيا -كما تقول الدراسة ذاتها- لن تكفي لاستقبال هذا العدد الهائل من المصابين خلال الأسابيع والأشهر المقبلة.

الحكومة تتحدث عن وفاة 198 مصابا بكورونا بينما تشير أرقام إقليم جاكرتا إلى أن الوفيات بالعاصمة فقط بلغت 400 (رويترز)

المخابرات: ذروة الفيروس في مايو

من جهتها، نشرت المخابرات الإندونيسية تقديرا آخر ينطلق من الأرقام الحالية للمصابين، ويلفت إلى أن ذروة الوباء أو فترة انتشاره في إندونيسيا ستكون في مايو/أيار المقبل، مقدرة عدد المصابين أواخر أبريل/نيسان الجاري بـ27 ألف مصاب، وفي نهاية مايو/أيار المقبل بنحو 95 ألف مصاب.

ومع تقديرها أن ينحسر خطر الوباء تدريجيا خلال يونيو/حزيران ويوليو/تموز يكون عدد المصابين في نهاية يونيو/حزيران 105 آلاف مصاب، و106 آلاف في نهاية يوليو/تموز، ولا تنفي المخابرات الإندونيسية في دراستها هذه أن نحو 10 أقاليم إندونيسية على الأقل ستواجه نقصا في الاستعدادات الطبية لمواجهة الفيروس.

//إندونيسيا اليوم/متابعات/الجزيرة//

تعليقات
Loading...