إندونيسيا تبرز في المهرجان الثقافي بالمدينة المنورة: أزهر كريم يتوج بالمركز الأول في مسابقة الحكم والأمثال
تقرير: د. نصر الدين إدريس جوهر
في قلب المهرجان الثقافي الكبير الذي أُقيم في المدينة المنورة، استطاع الطالب الإندونيسي أزهر كريم أمر الله أن يحقق إنجازًا مميزًا، بعدما فاز بالمركز الأول في مسابقة “الحكم والأمثال” باللغة العربية الفصحى ضمن مهرجان الثقافات والشعوب الذي نظمته الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وهو الحدث الثقافي الذي جمع طلابًا من مختلف أنحاء العالم ليتبادلوا الثقافات ويحتفلوا بتنوعهم.
أُقيم المهرجان في دورته الثالثة عشرة بين الرابع عشر والتاسع عشر من أبريل لعام 2025، تحت شعارٍ ملهم: “من المدينة إلى العالم – From Madinah to the World”، وهو يعكس رسالة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة التي تسعى لأن تكون منارة للعلم والثقافة والتواصل بين الأمم. يشهد المهرجان مشاركة واسعة من الطلاب من مختلف الجنسيات، حيث يُعد فرصة رائعة للتعرف على ثقافات متعددة والاحتفاء بالتراث الإنساني المشترك.
كانت الأجواء في المهرجان مفعمة بالحيوية، مع تنظيم رائع وتفاعل من جميع المشاركين والزوار. وقد شهد المهرجان حضور العديد من الشخصيات البارزة في المملكة، من بينهم سمو الأمير سلمان بن سلطان بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة، ومعالي وكيل وزارة الحج والعمرة الشيخ د. حسن المناخرة، بالإضافة إلى وفود دبلوماسية من مختلف الدول، بما فيهم سفارة إندونيسيا.
تميز المهرجان هذا العام ببرامج متنوعة، مثل مسابقات الشعر، والعروض المسرحية، ومعارض المأكولات التقليدية، إلى جانب مسابقة “الحكم والأمثال” التي كان أزهر كريم أحد المشاركين فيها. ورغم أن إندونيسيا ليست من الدول الناطقة بالعربية، استطاع أزهر أن يتفوق على أكثر من 90 متسابقًا من دول متعددة، بما في ذلك دول عربية. هذا الإنجاز لم يكن مجرد فوز في مسابقة، بل كان شهادة على قوة العزيمة والإصرار، وأنه لا حدود للتميز عندما يكون الشخص مؤمنًا بقدراته.
في المسابقة، قدم أزهر مثلًا إندونيسيًا شهيرًا يقول: “Bersakit-sakit dahulu, bersenang-senang kemudian”، ويعني: “تحمل المشقة أولًا، ثم تنعم بالراحة لاحقًا”. وقارنه بالمثل العربي: “من الشوكة تخرج الوردة”. من خلال ذلك، أراد أزهر أن يبرز أن القيم الثقافية في إندونيسيا تتناغم مع الحكمة التي تنقلها شعوب العالم المختلفة، وأن هذه الحكمة يمكن التعبير عنها بلغة واحدة تجمع الجميع: اللغة العربية.
نجاح أزهر كان ليس فقط في الفوز بالمركز الأول، بل في إظهار كيف يمكن للإرادة والتفاني أن يتغلبا على التحديات. وتُعتبر هذه المشاركة نقطة تحوّل في مسيرته الأكاديمية والثقافية، مما يعكس الإصرار والمثابرة التي تتمتع بها الشخصية الإندونيسية. وبعد هذا الإنجاز، لم يقتصر التألق على أزهر فقط، بل شهد فريق “جنة إندونيسيا” العديد من الإنجازات، حيث فازوا أيضًا في مسابقة “اليوم العالمي للقهوة” و”أفضل جناح”، ليحصدوا لقب “الوفد الأكثر تميزًا” في المهرجان.

أزهر كريم اليوم لا يُعتبر مجرد طالب متميز، بل هو أيضًا رمز للإرادة القوية، ويدعو الجميع لتجاوز الحدود الثقافية واللغوية من أجل تعزيز التواصل بين الأمم. ما حققه هو دليل حي على أن الإيمان بالذات والتفاني في العمل يمكن أن يصنع المستحيل، وأن الشخص، مهما كانت خلفيته الثقافية أو اللغوية، قادر على التأثير إيجابيًا في الساحة الدولية.