سارعت الحكومة الإندونيسية في الترويج لوجود الجماعة الإسلامية علي أراضيها لتكسب معركتها مع الكوادر القديمة للزعيم كارتوسو ويرجو بعداً عالميا لهذا المصطلح المستخدم في أرجاء المعمورة بما له من دلالة قاسية ، وسرعان ما تبنته له وسائل الإعلام الغربية ونشرته عالميا . وقد بدء استخدام هذا المصطلح من قبل الحكومة الإندونيسية خلال محاكماتها في الثمانينيات لمن اتهموا بالانطواء في ظل تنظيم كوماندوز الجهاد ، والمتابع للشأن هنا في إندونيسيا يميل إلي أن الحكومة ضخمت من حجم هذا التنظيم ، وأطلقت عليه هذا الاسم الذي اقتبسته من أدبيات حركة دار الإسلام في إطار حديثهم عن مفهوم “الجماعة الإسلامية” التي تقيم الدولة الإسلامية.
ويمكن أن يلاحظ أيضا استخدام هذا المصطلح في سجلات محاكمات الثمانينيات تلك، مع أن المتهمين هم أعضاء سابقون في حركة دار الإسلام لم يطرحوا جديدًا ، لذا لم تستطيع الحكومة ومدعوها تقديم أي دليل على وجود تنظيم أو حركة جديدة بقيادة وفكر مغاير وأهداف معروفة باسم “الجماعة الإسلامية”.
الجدير بالذكر أن هذه العدوى انتقلت بعد ذلك بسنوات عدة إلي حكومة سنغافورة المجاورة التي اعتقلت منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 المئات من مواطنيها المسلمين بتهمة الانضمام إلى هذه المنظمة المجهولة.
ثم توقفت لسنوات الحكومة الإندونيسية عن استخدام المصطلح ، لكن سرعان ما عادت لاستخدامه مرة أخرى خلال محاكمات الزعيم الإسلامي غوث توفيق في مدينة ميدان في شمال جزيرة سومطرا، الذي اتهم بأنه زعيم جناح تنظيم كوماندوز الجهاد في ميدان.
وكان غوث توفيق أحد مقاتلي حركة دار الإسلام بجاوا الغربية، وقد انتقل مع آخرين من الحركة بعد انهزامها في جاوا الوسطى في بداية الستينيات إلى إحدى قرى سومطرا الشمالية. وبحسب التهمة القضائية المرفوعة ضده، فإنه عاد ليتحرك ، واستدلت علي تحركه بدعوته أستاذا شرعيا من جزر الفلوريس بأقصى الشرق الإندونيسي اسمه عبد الله عمر لحضور اجتماع في منزل قيادي بارز في ميدان ! . وحسب التهمة المقدمة من قبل المدعي ضد غوث توفيق، فقد تناول الاجتماع انتهاكات حكم سوهارتو للشريعة الإسلامية وسياساته العلمانية. وتم اقتراح انضمام الحاضرين لما سمي بالجماعة الإسلامية، يلتزم أعضاؤها كليا بأحكام الشرع، وأن يقسموا على ذلك.
وقد علمت السلطات الإندونيسية عبر جواسيسها بالاجتماع، واعتقل توفيق في عام 1977 هو وصاحب المنزل الذي عقد فيه الاجتماع.
أما عالم الشريعة عبد الله عمر فإن خلفيته أيضا مشابهة لسابقيه. فقد قضى عامين في جاوا الوسطى بإحدى القرى العلمية الشرعية التابعة للتيار العصري (واسمها غونتور) بين عامي 1967 و 1968، ثم تابع دراسته في الجامعة الإسلامية بميدان، وتوجه للتدريس بمدرسة دينية بعد ذلك في بينانغ لامبونغ بمنطقة لابوهان باتو بشمال سومطرا (1973-1975) . وعاد إلى موطنه الأصلي بجزر الفلوريس قبيل انتخابات عام 1977، وقد حوكم في النهاية بتهم متعددة مرتبطة بتنظيم كوماندوز الجهاد وأفراد مجموعة مدرسة نغروكي التي كان يديرها عبد الله سنغكر ورفيقه أبو بكر باعشير.
وحسب المحاكمات فقد اعترف عبد الله عمر بأنه توجه إلى مدرسة نغروكي ليحتمي مع من يلتقي بهم من خريجي مدرسة غونتور السابقين (باعشير وسنغكر منهم أيضا)، وذلك بعد أن قرأ في الصحف نبأ اعتقال مجموعات من الشباب بتهمة الانضمام إلى تنظيم الجماعة الإسلامية، وخلال بقائه هناك تتمحور التهم الموجهة إليه باشتراكه مع مجموعة نغروكي في أعمال عنف، ثم سرعان ما أُعدم مع غيره في عام 1989.
وفي نفس الوقت ظهر زعيم إسلامي جديد من تلاميذ غوث هو تمثار زوبيل – الذي كان ناشطًا في منظمة طلابية محلية. – وقد قام الأخير ببناء علاقات خاصة مباشرة له مع رجال حركة دار الإسلام في سولاويزي الجنوبية وآتشيه، ثم اعتُقل هو وآخرون في عام 1977. وحكم على تمثار زوبيل بالإعدام في عام 1978 (خفف بعد ذلك) بتهمة تفجير كنيسة ميثودية؛ وهو ما اعتبر شابا مدفوعا بتاريخ رجالات حركة دار الإسلام. أطلق سراحه فيما بعد سقوط سوهارتو كغيره من السجناء السياسيين، إلي أن ظهر مرة أخرى في أغسطس 2000 ضمن المجموعة التي أعلنت تأسيس “مجلس مجاهدي إنونيسيا”.
وللحديث بقية بمشيئة الله تعالي
المصدر: صوت الأمة