كوالالمبور، إندونيسيا اليوم – تعيش ماليزيا ومنذ عدة أيام جهوداً ومشاورات واجتماعات متواصلة بين الأحزاب والقوى السياسية الحاكمة والمعارِضة، مما يشي بقرب تغييرات محتملة في المشهد السياسي الماليزي.
يأتي ذلك بعد الإعلان المفاجئ وغير المتوقع لدى الكثيرين، والمتمثل في استقالة رئيس الوزراء الدكتور مهاتير محمد من جميع مناصبه الحكومية والسياسية.
حيث قدم مهاتير استقالته من منصب رئيس الوزراء، في بيان مقتضب لم يتضمن أية تفاصيل إضافية، ثم تلاه الإعلان عن استقالته من رئاسة حزبه السياسي، حزب سكان ماليزيا الأصليين المتحدين “بيرساتو”.
حيث تم تأسيس حزب “بيرساتو” الذي تزعمه مهاتير لينضم إلى كتلة المعارضة خلال الانتخابات العامة 2018 المعروفة بـ “تحالف الأمل” المكون من ثلاثة أحزاب سياسية أخرى وهي حزب العدالة الشعبية (PKR)، وحزب الحركة الديمقراطية (DAP) وحزب الاستئمان الوطني (AMANAH)، لينافس الائتلاف الوطني (Barisan Nasional) بقيادة رئيس الوزراء السابق السيد محمد نجيب عبد الرزاق الذي كان متهماً بارتكاب مخالفات مالية تبلغ قيمتها مليارات الدولار .
وكان رئيس الوزراء البالغ من العمر 94 عاماً، قد وصل إلى السلطة عام 2018، بعد أن فاز تحالف الأمل بأغلبية في الانتخابات العامة الرابعة عشرة التي جرت في 9 مايو 2018 ، حيث حصل على 113 من أصل 222 مقعداً برلمانياً، مما أهلع لتشكيل حكومة جديدة.
ومع فوز تحالف الأمل، شهدت ماليزيا والعالم بأكمله إعادة تعيين الدكتور مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي للمرة الثانية، ليصبح بذلك رئيس الوزراء السابع في تاريخ ماليزيا والأكبر سناً في العالم، غير أن التعيين قد جاء بوعد وهو أن يسلم السلطة لأنور إبراهيم، رئيس حزب العدالة الشعبية (PKR) بعد سنتين.
وعلى ما يبدو فإن الوعد قد اتضح أنه غير مريح لمنافسي مهاتير، وذلك مع اقتراب الموعد النهائي المحدد لمدة عامين.
ففي 21 فبراير، اجتمع المجلس الرئاسي لتحالف الأمل لمناقشة مسألة انتقال السلطة، لكن كشف الدكتور مهاتير في مؤتمر صحفي بعد الاجتماع، أن انتقال السلطة سيتم بعد مؤتمر التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ (آبيك)، ومع ذلك لم يتم تحديد موعد جديد لتاريخ تسليم زمام الحكومة لخلفه.
بعد ذلك بيومين، عقدت عدة أحزاب سياسية، بما في ذلك أحزاب المعارضة؛ حزب منظمة الملايو الوطنية المتحدة (UMNO) والحزب الإسلامي لعموم ماليزيا (PAS)، اجتماعات منفصلة وسط إشاعات حول ارتباطهما جميعاً باستعدادات محتملة لتشكيل ائتلاف جديد ليشكلوا بها حكومة جديدة.
تصاعدت حدة المفاجأة عندما أعلن حزب “بيرساتو” عن انسحابه من ائتلاف تحالف الأمل، والذي تلاه بسرعة، نبأ استقالة الدكتور مهاتير من منصب رئيس للوزراء وزعامة بيرساتو.
وصار الوضع أكثر تعقيداً بعد فترة وجيزة عندما استقال 11 عضواً من أعضاء البرلمان من حزب الـ PKR، بمن فيهم العديد من وزراء الحكومة ليصبحوا أعضاء برلمانيين مستقلين.
وعلى الرغم من استقالة الدكتور مهاتير محمد، إلا أن هذا السياسي البارز البالغ من العمر 94 عاماً، لا يزال يحظى بدعم قوي من حلفائه في تحالف الأمل، حيث أبدوا دعمهم العلني لقيادته ومكانته كرئيس للوزراء، بما فيهم أعضاء من حزبي أمنو وباس عدا عن حزبه الداعم له بيرساتو.
كما حرص جلالة الملك الماليزي السلطان عبدالله رعاية الدين المصطفى بالله شاه على تعيين الدكتور محاضير رئيس الوزراء المؤقت، تماشياً مع ما تنص عليه مادة رقم 43 (2)(a) من الدستور الماليزي.
ومع تغير المشهد السياسي في ماليزيا، فقد تغيرت أيضاً تشكيلة مجلس النواب في البرلمان، لا سيما وضع المقاعد التي تنتمي إلى تحالف الأمل الحاكم.
حيث تبقى حتى الآن لتحالف الأمل 92 مقعداً برلمانياً، بعد أن استقال 11 من أصل 50 عضواً من حزب الـ PKR كما أعلن حزب بيرساتو الذي يمثل منه 26 نائباً برلمانياً، عن انسحابه من التحالف.
أما المقاعد المتبقية الـ 83 الأخرى في البرلمان، فهي تنتمي إلى ائتلاف الجبهة الوطنية المعارضة (42 مقعداً) الذي يضم أحزاب UMNO (39) و MCA (اثنين) وMIC (واحد)، والحزب الإسلامي (18 مقعداً)، والأحزاب السياسية في ولايتي صباح وسراواك (23 مقعداً).
وقد باشر منذ الأمس الدكتور مهاتير عمله كرئيس وزراء مؤقت، وسيستمر في حكم البلاد حتى يتم تعيين رئيس الوزراء الجديد وتشكيل حكومة جديدة، كما صرح في لقاء متلفز أن يطمح بتشكيل حكومة كفاءات وليس حكومة على أساس محاصصة سياسية مما يعني رغبته بالعودة مجدداً لرئاسة الوزراء في الفترة المقبلة.
أما مالك ماليزيا فقد أبدى رضاه عن اجتماعاته التي ضمت 222 عضواً برلمانياً، للحصول على وجهات نظرهم حول الوضع السياسي الحالي في البلاد.
وتبقى الساعة القادمة حاسمة لما ستفضي إليه صورة الوضع في ماليزيا، وما سيقرره الملك سواء كان بقاء مهاتير أو تعيين شخص آخر أو حل البرلمان والذهاب لانتخابات مبكرة.
أسواق | إندونيسيا اليوم