تتميز جاكرتا العاصمة بحصيلة التعدد الثقافي والعرقي من الأف السلالات المنتشرة على حولي 17,000 جزيرة في إندونيسيا. ويمكن للمرء مشاهدة تلك الثقافات في كثير من المناسبات طوال السنة, مثل أيام ذكرى الإستقلال الإندونيسي أو عيد ميلاد جاكرتا التي يحتفل به كل شهر مايو سنويا. وهكذا مما يشير إلى حياة ديناميكية في العاصمة. أضف إلى ذلك أن موقع جاكرتا في الطريق البحري الدولي. من دون إغفال أيضا الطريق الجوي الدولي, يساعد على دخول تأثيرات ثقافية وفنية دولية من هولندا والبرتغال والعرب والهند والصين مما ساهم في عملية الإنصهار الثقافي في مجتمع جاكرتا المعروف بالبتاوي Betawi كسكان أصليين في هذه المنطقة. وفي هذه الصدد نركز فقط على أثر فن الموسيقي العربية في الموسيقى التقلدية البتاوية.
ولا بد من الإثارة إلى أن الثقافات العربية من أكثر الثقافات التي أثرت في الثقافة البتاوية. وتتمثل تلك التأثيرات في فنون الأصوات والعروض الشعبية والإحتفالات والمهرجانات الفنية. على سبيل المثال: بالفنون العربية هي موسيقى “سمرة” Samroh. لهذا النوع الموسيقي علاقة وثيقة بموسيقى هارمونيوم Harmonium. مع العلم أن موسيقى هارمونيوم تنتشر كثيرا في الشرق الأوسط والهند وباكستان, كما تنتشر أيضا في كثير من المناطق الإندونيسية التي تسكن فيها سلالة العرب مثل كالمنتان وسومطرة وجاوي الغربية.
وأما من الفرق الموسيقية البيتاوية التقليدية الأخرى التي تأثرت بالفنون العربية فهي فرقة موسيقى جامبوس Gambus تعرض برامجها في مناسبات وولائم العرس, ويقوم بأداء هذه الموسيقى الرجال فقط. تصحب موسيقى جامبوس أي العود, الأغاني والرقصات التي تشبه الرقص العربي, وأحيانا يقوم الحضور بالمشاركة في الرقصات. أضف إلى ذلك, أن موسيقى جامبوس أيضا تعرض في الليالي الخاصة في كثير من فنادق ومقاهي جاكرتا, خاصة في أيام عيد الميلاد جاكرتا.
سوى ذلك, هناك فرقة ربانا Rebana باستخدام الدفوف. التي تقدم برامجها في مناسبات الاحتفالات باستقبال المولود الجديد والختان وذكرى المولد النبوي وولائم العرس. عادة تقرأ أمام الملأ قصيدة البردة للإمام البصيري المصري وغيرها من المدائح النبوية, حيث اشتهرت فيما بعد باسم “ربانا بردة”. ولكن, بعد ما لقيت واندمجت هذه الفرقة بالفنون الموسيقية الأخرى تطورت فرقة “ربانا بردة” بإدخال التعديلات والإضافات سواء في كلمات القصيدة أو في آلاتها, وأصبحت تتعدد أسماؤها وفقا لآلاتها الموسيقية وأغنيتها, مثل ربانا بردة كاتيمبرينج, وربانا بردة جاراك, وربانا بردة دور, وربانا بردة بيانج. علما أن الأغاني المقدمة للمستمعين أغلبها أصلها من الأغاني العربية ودخل عليها بعض التعييرات من العرب. ولقد لعبت “ربانا بردة” دورا هاما في نشر الدعوة الإسلامية في إندونيسيا.
ولهذا السبب, ليس من الغريب إن وجدت عددا من الاحتفالات الشعبية البتاوية التي تصاحبها أغاني ورقصات عربية باستخدام دفوف تشبه دفوف الشعب العربي, أضف إلى ذلك تكثر العروض الثقافية أيضا في كثير من مسلسلات التلفزيون الإندونيسي. خاصة في المسلسلات الرمضانية أو الدينية؟ بجانب ذلك, تقدم الفنادق بجاكرتا ما يسمى بليالي العرب من أجل تقديم أفضل الخدمات للسياح المحليين أوالأجانب الذين يحبون الثقافات والفنون العربية.