إندونيسيا اليوم-نُشرت هذه المدوّنة وهي بقلم روبرت بليك وإريك بوستيل لأول مرة يوم 6 أكتوبر على مدونة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. روبرت بليك هو السفير الأميركي لدى إندونيسيا. أما إريك بوستيل فيشغل منصب المدير المساعد لشؤون الاقتصاد والبيئة في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
وعد جديد بمستقبل أكثر اخضرارا وإنتاجية في إندونيسيا
بقلم روبرت بليك وإريك بوستيل
يمثل تدمير الغابات الاستوائية تحديا كبيرا للتنمية في العالم، إذ إنه يهدد سبل العيش وكسب الرزق، وتنوع فصائل الكائنات الحية، والغلاف الجوي للأرض. وبالمجمل، فإن إزالة الغابات الاستوائية تسهم بحوالي 12 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم وهو ما تسبب في تغير المناخ.
وتعد إندونيسيا واحدة من أكبر المتسببين في انبعاثات الكربون، ذلك مرده أساسا أن الشركات تزيل مساحات شاسعة من الغابات والمستنقعات من أجل زراعة نخيل الزيت ولب الخشب لصناعة الورق.
وهذا هو السبب في أن إعلانا رئيسيا هاما صادر عن قمة الأمم المتحدة الأخيرة حول المناخ قد حظي بالكثير من الاهتمام العالمي؛ حيث وافقت أربع من أكبر شركات زيت النخيل في العالم على وقف إزالة وحرق الغابات ذات المخزونات العالية من الكربون والمستنقعات في إندونيسيا. إن تطهير وإزالة أراضي المستنقعات خاصة يتسبب في إطلاق كميات خطيرة من الكربون. وتشير إحدى الدراسات الصادرة حديثا، حول الفترة من 2000 إلى 2012، إلى أن إندونيسيا فقدت حوالي 6 مليون هكتار من غاباتها الرئيسية، وهي مساحة تعادل نصف مساحة إنجلترا.
وقد اضطلعت غرفة التجارة والصناعة في إندونيسيا، المعروفة اختصارا باسم كادين، بدور ريادي في صنع هذا الالتزام التاريخي تحت شعار “” إزالة صفر من الغابات”. والشركات الأربع التي وقعت على الاتفاق هي – فيلمار الدولية، وغولدن للموارد الزراعية، والشركة الآسيوية الزراعية وشركة كارغيل – وهي مجتمعة تشكل حوالي 60 في المئة من شركات زيت النخيل المتداولة على الصعيد العالمي، وهو الزيت الصالح للاستخدام في زيت الطعام الأكثر انتشارا في العالم.
وعلى الصعيد العالمي، يستهلك العالم أكثر من 50 مليون طن من زيت النخيل في السنة – أي ما يعادل وزن 500 سفينة سياحية ممتدة على 100 ميل باتجاه البحر. نستخدم زيت النخيل لأغراض الطهو وفي منتجات تتراوح من البسكويت إلى مستحضرات التجميل.
ورغم أن نخيل الزيت ينتج من الدونم الواحد مقدارا أكبر من الزيت مقارنة بالمحاصيل الأخرى، إلا أن إزالة الغابات الأصلية لزراعتها بمحاصيل أخرى، لا يتسبب فقط في انبعاث ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، إنما هو يدمر أيضًا مصدرًا ثمينا لملايين الإندونيسيين، الذين يعتمدون على الغابات للحصول على مزيد من التغذية، وكسب الرزق. وهذا يجعل المحافظة على الغابات عملية مربحة للجميع في الوقت الذي يشعر فيه العالم بشكل متزايد بآثار تغير المناخ.
يمثل الالتزام من جانب شركات زيت النخيل الروح الموجودة في “تحالف الغابات الاستوائية للعام 2020″، والذي هو عبارة عن شراكة بين القطاعين العام والخاص بمبادرة من الحكومة الأميركية ومنتدى السلع الاستهلاكية، وهو شبكة عالمية من الشركات تضم كلا من شركة يونيليفر، نستله، كارغيل، كوكا كولا، بروكتور آند غامبل وغيرها، والتي يبلغ إجمالي مبيعاتها أكثر من 3 تريليون دولار سنويا.
ويعمل تحالف الغابات الاستوائية للعام 2020، على كبح جماح فقدان الغابات الذي تسببه السلع الرئيسية، بدءا من زيت النخيل، والورق، وفول الصويا ولحم البقر، والتي تتسبب في نحو 40 في المئة من إزالة الغابات الاستوائية. ويشمل الشركاء حكومات وشركات ومنظمات مجتمع مدني من مختلف أنحاء العالم.
وبوصفها أكبر منتج لزيت النخيل في العالم، فقد أصبحت إندونيسيا محل تركيز اهتمام بالنسبة للحكومة الأميركية وتحالف الغابات الاستوائية للعام 2020، وقد تعهد الرئيس سوسيلو بامبانغ يودهويونو بخفض التلوث الكربوني بمقدار يترواح بين 26 و 41 في المئة بحلول العام 2020، ونحن وغيرنا من المسؤولين الأميركيين نعمل عن كثب لدعم المسؤولين الإندونيسيين في الوفاء بهذا التعهد. وقالت نائبة الرئيس الشينتا كامداني إن كادين انخرطت في المشاركة لأن الشركات الإندونيسية بمفردها لن تحقق الأهداف الوطنية المرسومة لخفض الانبعاثات إن هي عملت وحدها. وقالت “إننا عندما نضع رؤية ما، فإننا لا نستطيع التوقف عند منتصف الطريق”.
وبفضل المساعدة المقدمة من الحكومة الأميركية، باتت الآن كادين والموقعون الآخرون يعملون على تحديد السياسات والإصلاحات التنظيمية التي سوف تخلق الحوافز الكفيلة بتشجيع المحافظة على الغابات ذات المخزونات العالية من الكربون بدلا من إزالتها وحرقها. أما على الصعيد المحلي، فلا يزال لدى الشركات حوافز قوية تدفعها لإزالة الغابات. إذ إن بمقدورها بيع الأخشاب، سواء تم حصدها بصورة مشروعة أو غير مشروعة، ومن الممكن أن تصادر الحكومة الأراضي غير المستخدمة من بعد فترة معينة من الوقت. كما أن القوانين تلُزم الشركات بتصنيع أية ثمار للنخيل بمجرد وصولها إلى مصانعها، وهو ما يصعب التمييز بين ثمار نخيل الزيت المستدام وثمار نخيل الزيت الناتج عن إزالة الغابات.
ويعد إعلان الأسبوع الماضي علامة فارقة مشجعة على طريق مسيرة إندونيسيا نحو تحقيق نمو أنظف وأكثر استدامة. والولايات المتحدة من جانبها ستقف إلى جانب إندونيسيا في هذه المسيرة الهامة.