indonesiaalyoum.com
إندونيسيا اليوم

في ذكرى عامه الثالث والثمانين.. محمد يوسف كالا: رجل الدولة وصانع السلام

0 151

جاكرتا، إندونيسيا اليوم – أقام نائب رئيس الجمهورية الإندونيسية السابق، السيد محمد يوسف كالا، مجلس تشَكُّر يوم الخميس (١٥/٥) في مقر إقامته في جاكرتا الجنوبية، مساء الأربعاء، وذلك بمناسبة بلوغه سن ٨٣ عامًا، في أجواء يسودها الامتنان والدعاء.

حضر المجلس عدد من الأهل والأقارب والأصدقاء المقربين، إلى جانب عدد من الشخصيات الوطنية والدولية. وكان من بين الحضور السفير البريطاني وسفير أفغانستان لدى إندونيسيا، إلى جانب عدد من الشخصيات البارزة مثل القائد السابق للقوات المسلحة الإندونيسية، الجنرال غاتوت نورمانتيو، ورجل الأعمال المعروف خيرول تانجونغ، وعدد من النخب الثقافية والسياسية، من بينهم رئيس تحرير صحيفة إندونيسيا اليوم، محمد أنس.

إقرأ أيضا: سكان شمال غزة يعربون عن شكرهم ليوسف كالا لدعمه في إعادة بناء المساجد

وفي لفتة أخوية تعبّر عن عمق الروابط الإنسانية، لم ينس أهل غزة أن يبعثوا بتهنئة خاصة لصاحب الكرم والمواقف النبيلة، مشيدين بكرمه ومواقفه المشرفة في دعم القضايا العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

شاهد أيضا: تهنئة خاصة من أهل غزة لصانع السلام، يوسف كالا

وقد عبَّر السيد يوسف كالا، عن شكره لكل من حضر أو أرسل تهنئة، داعيًا أن يظل هذا البلد وكل الأمة الإسلامية في خير ووحدة وأمن وسلام.

إقرأ أيضا: حماس تُشِيد بإنسانية يوسف كالا وجهوده لدعم الشعب الفلسطيني

رجل الدولة وصانع السلام من بوقس إلى غزة

من أرض بوقس، وُلد محمد يوسف كالا، رجلٌ قُدر له أن يكون مهندسًا للسلام. انحدر من عائلة معروفة بالتجارة، وتعلم منها معنى الصبر والثبات، لكن قلبه ظل دائمًا مشدودًا نحو رسالة أسمى: خدمة الإنسانية وتحقيق السلام.

قادته رحلته من عوالم التجارة إلى أروقة السلطة، حيث تقلّد منصب نائب الرئيس في أوقاتٍ عصيبة من تاريخ إندونيسيا. لم يكن منصبًا للتفاخر، بل مسؤولية حملها بقلب رجلٍ يعرف أن السلام لا يُفرض بالقوة، بل يُبنى بالحوار، ويُصان بالعدالة.

شغل منصب نائب رئيس الجمهورية الإندونيسية مرتين، لكن مسيرته لم تتوقف عند أسوار القصر، إذ ظل يحمل روحه كوسيط حقيقي في حل النزاعات. لطالما ردّد مقولته الشهيرة: “لنجلس إلى طاولة الحوار، فالصراع لا يورث إلا الخسارة. أما السلام، فهو الرابح الوحيد.”

في أوائل الألفينات، كانت مدينة بوسو في منطقة سولاويسي تحترق في أتون صراع طائفي مرير، مليء بالجراح والانتقام. وفي خضم نيران المنازعات، تقدم يوسف كالا، لا بصفته الرسمية، بل بصفته صوتًا للثقة والتفاهم. قاد حوار مالينو الأول، فبدأت بوسو في استعادة الأمان.

وما أن هدأت بوسو، حتى عادت جراح منطقة آمبون في مالوكو للنزف. فحضر يوسف كالا مرة أخرى كأخ يصغي ويواسي، ليقود حوار “مالينو” الثاني كنقطة تحول لإعادة الاستقرار إلى المناطق المتأثرة، وأصبحت هذه الاتفاقيات نموذجًا يحتذى به في جهود السلام في إندونيسيا.

إقرأ أيضا: زيارة مؤسسة الصداقة لليسد يوسف كالا لمناقشة أثار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة

شُهد ليوسف كالا شجاعته الاستثنائية، وعدم خوفه من المواجهة أو التهديد. ففي آتشيه، حيث اجتمعت مآسي النزاع الطويل مع كارثة تسونامي، استطاع يوسف كالا أن يحوّل الرماد إلى فرصة للسلام، وقاد جهود المصالحة حتى اتفاق هلسنكي التاريخي، ليُسطّر صفحة جديدة من الأمن والاستقرار، وينال إشادة عالمية.

امتدت رسالته خارج حدود الوطن، ففي أفغانستان، زار يوسف كالا البلد الجريح بصفته وسيطًا، لا متحدثًا باسم السلطة. التقى علماء الدين وقادة السياسة، ودعا إلى حوار إسلامي جامع يعيد بناء الثقة في أرض أنهكتها الحروب. وكانت رسالته من إندونيسيا بمثابة بصيص أمل في واقع مضطرب.

إقرأ أيضا: يوسف كالا: فرصة إحلال السلام بين فلسطين وإسرائيل لا تزال قائمة

وفي فلسطين، حين انقطع التواصل بين “فتح” و”حماس”، تولّى يوسف كالا مهمة التقريب، حاملاً روح الأخوة الإسلامية والدبلوماسية الهادئة. وبفضل الثقة التي بناها، تحققت لقاءات كانت تُعد مستحيلة.

وعبر الهلال الأحمر الإندونيسي، الذي يرأسه، ظل يرسل رسائل المحبة والدعم إلى غزة، بدءاً من المساعدات الطبية والإنسانية إلى فرق الإغاثة. وكان أيضًا، من خلال رئاسته لمجلس المساجد الإندونيسي، محرّكًا لقوافل التضامن وبناء المساجد نحو غزة، مؤمنًا بأن الأخوّة الإسلامية لا تعترف بالحدود.

ثلاثة وثمانون عامًا ليست مجرد رقم، بل فصول من حياةٍ كُرّست للسلام. من بوسو إلى غزة، من مالينو إلى هلسنكي، ومن المساجد إلى ساحات التفاوض الدولية، يبقى محمد يوسف كالا نموذجًا نادرًا لرجل دولة، ورجل أعمال، وصانع سلام.

في ذكرى ميلاده الثالثة والثمانين، يتقدّم الملايين في إندونيسيا والعالم بالتهاني الخالصة، وعلى رأسهم أهل غزة الذين عبّروا عن امتنانهم لرجلٍ لم ينسهم يومًا، وظل صوته صوتًا للسلام في زمنٍ قلّ فيه صانعوه.

بارك الله في عمرك يا محمد يوسف كالا… وكل عام وأنت بخير يا من اخترت أن تكون صوت العقل حين يصمت الآخرون، وجسرًا بين المتخاصمين حين تُهدم الجسور.

امتنان سلطان | إندونيسيا اليوم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.