indonesiaalyoum.com
إندونيسيا اليوم

ألف روبية كل يوم وأربعون عاماً من الحلم.. تذهب بـ ليجيمان إلى الحج أخيراً

Impian Haji yang Dikumpulkan Sehari Seribu: Perjalanan 40 Tahun Legiman dan Istri

0 367

بعد أربعة عقود من الصبر والادخار المتواصل، استطاع عامل نظافة أندونيسي مسنٌّ وزوجته -أخيراً- تحقيق حلمهما بأداء فريضة الحج، حيث انطلقا من مطار مدينة سولو الإندونيسية متوجهيْن إلى الديار المقدسة، مستفيدين من مبادرة “طريق مكة” التي تنظمها السلطات السعودية لتسهيل إجراءات الحجاج، وذلك في رحلة طال انتظارها، مجسّدين بذلك نموذجاً حيّاً للصبر والإيمان.

العمل الشاق

في قرية صغيرة بمنطقة نجامبين وسط جزيرة جاوا الإندونيسية، يعيش اعتماد ليجيمان، عامل النظافة البسيط، الذي يبلغ من العمر 66 عاماً، يكنس الشوارع ويجمع القمامة من منازل سكان قريته الصغيرة كل يوم منذ عام 1976، وذلك باستخدام دراجة نارية أو عربة في بعض الأحيان، بينما في قلبه يقيم رجاء لا يخبو؛ أن يزور هو وزوجته أرض الحرمين الشريفين، ولو بعد عمر طويل، بالرغم من أن الظروف المعيشة لم تكن في صالحه، ولكنه تسلّح بالدعاء والأمل.

الحلم يبدأ من عام 1986

يقول ليجيمان وهو يمسك بجواز سفره والدموع تنساب من عينيه: “بدأتُ أنا وزوجتي ادّخار ألف روبية يومياً منذ عام 1986… مبلغ زهيد، لكنه كان كل ما نملك بعد تأمين لقمة العيش”، مضيفاً أنه طوال أربعين عاماً، لم يتخلّ الزوجان عن الأمل، رغم المشقة والظروف المعيشة الصعبة، حيث كانا يجمعان الورق والبلاستيك من الشوارع، ثم يبيعانه بالكاد لتوفير لقمة العيش… وحلم الحج.

يضحك ليجيمان بخجل وهو يصرح: “كنا نضع المال في حافظة، ونعدُّ الأيام كما يعد الحاج خطواته في الطواف… لم يكن الأمر سهلاً، لكنه كان يستحق”، مضيفاً: “رغم التحديات، لم نفقد الأمل، وواصلت أنا وزوجتي ادخارنا بثبات حتى تمكنّا أخيراً من تسجيل اسمينا ضمن قوائم الحجاج لهذا العام”.

في عام 2012، قرر ليجيمان وزوجته التسجيل كحجاج محتملين، “المهم هو التسجيل أولاً… سنفكر في الدفع والمصروف لاحقاً”، قال ليجيمان مقلداً أبناءه الصغار حينها. بعدها أصبح ليجيمان أكثر نشاطاً في الادخار، فإلى جانب اعتماده على دخله من جمع القمامة، أصبح يقوم أيضاً بأعمال جانبية، مثل جمع وبيع الخردة، مضيفاً: “قلت لنفسي إذا ادخرت، فهذا يعني أن كل احتياجات المنزل كافية، لأن من واجب الرجل تلبية احتياجات زوجته وأولاده أولاً”.

مبادرة “طريق مكة”

تهدف مبادرة “طريق مكة” -التي تنفذها وزارة الداخلية السعودية ضمن مبادرات برنامج “خدمة ضيوف الرحمن”- إلى تقديم خدمات سريعة للحجاج من بعض الدول، وذلك من خلال إنهاء إجراءاتهم في أرض الوطن بسلاسة، بدءاً من أخذ البيانات الحيوية وإصدار تأشيرات الحج إلكترونياً، مروراً باستكمال إجراءات جوازات السفر، بعد التأكّد من استيفاء جميع الاشتراطات الصحية.

وتعد إندونيسيا من أبرز الدول المستفيدة من المبادرة، حيث تحظى بعناية خاصة لضمان راحة حجاجها، وقد لقيت تجربة ليجيمان وزوجته صدى واسعاً، لكونها تجسّد رسالة المبادرة في تمكين الحجاج كبار السن من أداء مناسكهم بكل يُسر وطمأنينة، حيث تواصل المملكة، من خلال هذه المبادرات النوعية، تقديم نموذج ريادي في خدمة الحجاج، يعكس مكانتها العالمية كمركز لرعاية ضيوف الرحمن بكل فئاتهم وظروفهم.

من القرية إلى الحرم المكي

وفي مشهد مؤثر، غادر ليجيمان وزوجته -في رحلة العمر إلى بلاد الحرمين- مدينة سولو في جمهورية إندونيسيا ضمن وفود مبادرة “طريق مكة”، التي سهّلت إجراءات الحجاج قبل مغادرتهم، لتكون رحلتهم ميسّرة كما لم يحلما.

قال ليجيمان وهو يغالب دموعه: “الفرحة لا تسعني، لم أصدق أنني سأرى الكعبة بعينَيّ”، مضيفاً “أحمد الله أولاً، ثم أشكر كل من ساعدنا، وأخص بالشكر القائمين على مبادرة طريق مكة التي جعلت الأمر أسهل مما كنت أتخيله”.

ولم ينس الزوجان أن يعربا عن عميق شكرهما للمملكة العربية السعودية، التي وصفاها بـ”البلد المضياف”، مشيدين بحفاوة الاستقبال، ودقة التنظيم، والخدمات الرفيعة المقدمة لحجاج إندونيسيا.

قصة ليجيمان وزوجته ليست مجرد حكاية عن رحلة إلى مكة، بل عن الصبر، والإيمان، والإصرار على الحلم… حلم يبدأ بألف روبية، وينتهي بالصلاة أمام الكعبة.

تابع الأخبار والمقالات الأخرى على قناة واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.