بلوكومبا…. إبداع وأصالة

0 2٬050

كل بلد في العالم يمتاز بميزة جمالية معينة تكون مصدر جذاب للسياح، وهذه الميزة قد تكون في روعة المناظر السياحية الخلابة أو الأثار القديمة أو الطرز الشعبي الذي قد يتمثل بالملبس أو الحرف أو العادات والتقاليد.

وفي إندونيسيا تتعدد الحرف والمواهب الصناعية بمختلف الأشكال والأنواع ومن بينها ما تزدهر به مدينة بلوكومبا – محافظة سولاويسي الجنوبية – تشتهر بلوكومبا بحرفة صنع القوارب التقليدية المتوارثة عن الأجيال والتي تسمى مراكب فينيسي FINISI.

وقد تشتهر بلوكومبا التي تسمى أيضا بـــButta Panrita Lopi مهارة أهلها في صناعة قارب فينيسي لكون الملاحة وصيد الأسماك تعد مصدر رزق لسكان تلك البلدة. لذلك ينتشر حرفي هذه المهنة على سواحل وشواطئ بلوكومبا. وأنهم يعملون بتقنية فائقة وما إن ينتهي من صنع قارب واحد حتى تقام مراسيم إحتفالية تقليدية للإحتفال بهذا الإنجاز الفريد.

ونظرا لأهمية هذه الحرفة فقد بدأت بالإنتشار في بعض المناطق والجزر الإندونيسية مثل (جيرسيك، وباتوليشين، كوديا، بنجرا، سابيت، بابوا ..)

وقد طور حرفي فينيسي هذه القوارب لتصبح من المتانة والجودة بحيث تمكنت من عبور المحيط الهادي وصولا أحد قوارب فينيسي إلى معرض بانكوفر بكندا من الأحداث العالمية ذات الصدى الواسع.

وفي بلوكومبا تجد هناك أسماء لمشاهير الملاحين الذين استطاعوا تحدي أهوال البحار ومخاطره، في رحلات طويلة. من بينهم “أمانا قابا” الذي جاب البحار حتى وصل إلى “مدغشقر” وكذلك “هاتي ماريقي ودامار ساقارا” اللذان أبحرا وصولا إلى “أستراليا واليبان” وإذا ابتعدنا إلى ما يقارب 56 كم من جهة الشرق عن بلوكومبا، نجد قرية أماتوا (Ammatoa) بمركز “كاجانغ” Kajang. وهذه القرية تمتاز بأهلها المحافظين على العادات والقاليد المتوارثة المسماه بـــPasangnga Ri Kajang التي ينقاد إليها أهالي القرية بالطاعة العمياء…

حيث يعيشون على نمط حياة بسيطة، ويرتدون ملابس سوداء اللون، وأن بناء منازلهم يكون على طراز موحد ويكون بإتجاه الشمال دائما… حتى إن الزائر لهذه القرية عليه ارتداء ملابس سوداء اللون أيضا وعليه أن رسير مشيا على الأقدام لقضاء مصالحه لأن هذه القرية بعيدة عن كل العناصر الحضارية.  وزعيم هذه القرية رجل يدعى “أماتوا” Ammatoa.

ولكون السكان يلتزمون في هذه المنطقة بالعادات والتقاليد الروحية والدينية فقد اختير لتكون قيادته مدى الحياة. ويهتمون بضرورة المحافظة على بقاء الغابات. وإذا تعدى أحدهم على هذا الحظر فسيوجه إليه عقاب يقرره الأهالي من خلال المشورة في إطار عادات تقليدية تدعى “ليما كارينغ تالو”.

تتكون هذه القرية من قبائل متعددة ومجتمعة وأكثرها من قبيلة “بوقيس” ومكاسر” ومن أشد القبائل تمسكا بالعادات والتقاليد هي قبيلة “كاجانغ” حتى إنهم ألزموا السكان الجدد بضرورة الالتزام بالعادات والتقاليد مما جعل هذه التقاليد مستمرة ومحافظة عليها حتى إلى الأن.

وتمتاز القرية بالعديد من الفنون التي يمارسها الاهالي مثل موسيقى “باسينغ” التى يرافقها إنشاد من شاعر يلقى توصيات متوارثة عن الحياة بإلقاء جميل. وهناك أيضا رقصة “باييتي باسابو”.

ويقال أن أصل اسم بلوكومبا مقتبس من لغة “بوقيس” (Mupa, Buluka) والتي تعني “مازال الجبل ملكا لي” وتعود هذه الأسطورة إلى القرن السابع عشر في فترة الحرب بين الإخوة بين مملكة جوا Gowa ومملكة بوني Bone. ومنذ ذلك الوقت وجد اسم “بلوكومبا” الذي هو اندماج بين اسم المملكتين.

وقد دخل الإِسلام إلى “بلوكومبا”على يد كبار العلماء الذين قدموا من جزيرة “سومطرة” من بينهم “داتو تيرو Dato Tiro” و”داتو ريباندانغ “Dato Ribandang” و”داتو باتيمانغ لووا” Dato Patimang Luwu” الذين نشروا معالم الدين الإسلام السامحة وبينوا أن سبب النجاة في الدنيا والأخرة بأتباعهم تعاليم الدين الإسلامي والتوحيد الصحيح.

تعليقات
Loading...