جامعة سونن أمبيل تنظم ندوة افتراضية عن اللغة العربية في إندونيسيا

اللغة العربية في إندونيسيا: رؤية من الخارج

0 738

سورابايا، إندونيسيا اليوم – نظمت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة سونن أمبيل الإسلامية الحكومية بالتعاون مع اتحاد مدرسي اللغة العربية بإندونيسيا ندوة افتراضية عالمية بعنوان “اللغة العربية في إندونيسيا: رؤية من الخارج”، الخميس (10/12) بحضور مدير الجامعة الأستاذ الدكتور مصدر حلمي والرئيس العام لاتحاد مدرسي اللغة العربية بإندونيسيا الدكتور تولوس مصطفي والمحاضرين الدكتور محمد عبد الرحمن آل الشيخ من جامعة ملك سعود بالرياض والدكتور وائل على محمد السيد من جامعة عين شمس بالقاهرة.

وأشار مدير الجامعة، الدكتور مصدر حلمي في كلمته إلى أهمية اللغة العربية في العالم الأكاديمي وضرورة وضع خطة إجرائية حاسمة لتمكين الأساتذة والطلاب من الاتصال باللغة العربية في شتى أشكال الاتصال وخاصة مهارة الكلام والكتابة.

وأوضح أن تمكين الأساتذة والطلاب في مجال الاتصال الشفهي يهدف لتحقيق رفع مستوى أدائهم في العمليات التعليمية و في المناسبات العلمية مثل الندوات والمؤتمرات. أما تمكينهم في مجال الكتابة الأكاديمية فيهدف إلى دعم إنتاجاتهم العلمية الأكاديمية  مثل البحوث والتقارير والمقالات  العلمية في الدراسة الجامعية وتشجيعهم على المشاركة وتقديم الأوراق البحثية في المناسبات العلمية مثل الندوات والمؤتمرات.

ويأمل المدير أن تنتهي الندوة بما ستبدأ به كل الجهود الحاسمة في رفع مستوى تعليم اللغة العربية وتعلمها ليس فقط في إندونيسيا وإنما أيضا في كل أنحاء العالم.

ومن جانبه أشار الدكتور تولوس مصطفي، رئيس اتحاد مدرسي اللغة العربية بإندونيسيا إلى وقائع انتشار واعد ومتزايد للغة العربية في إندونيسيا الذي ينعكس في  ظهور متزايد للمؤسسات التربوية المعنية بتعليم اللغة العربية على جميع المستويات واسثمار المناهج الحديثة في تعليمها وتأهيل معلميها والدعم السياسي اللغوي لها من قبل الحكومة.

وأكد دور الاتحاد في ذلك بحيث أنه قدم دعما كبيرا ومستمرا في رفع مستوى تعليم اللغة العربية في إندونيسيا من خلال تطوير مناهج تعليميها وتأهيل معليميها وإشارك الحكومة والمؤسسات الخارجية في سياسة نشرها وتعزيز مكانتها.

أما ما يتعلق ببعض المشكلات التي لا تزال يعاني منها تعليم اللغة العربية ونشرها في إندونيسيا خاصة في جانب الإدارة والموارد البشرية فأوضح الدكتور تولوس بأن الاتحاد قد وضع خطة مستقبلية ويدعو كل الأطراف إلى دعمها والسير عليها وهي الحفاظ على الثوابت ويعني به مراعاة كون اللغة العربية لغة الدين الإسلامي في المعاملة معها، والتنسيق على التجارب والخبرات وهو الاستفادة من تجارب العالم الناجحة واستثمارها في السياق الإندونيسي، والتغلب على المشكلات وهو تحديدها وتذليل ما وقف وراءها من أسباب، ووضع الخطة الاستراتيجية وهو تحديد الخطة الإجرائية الحاسمة لتحسين مستوى تعليم اللغة العربية والانطلاق بها نحو الأفضل.

وفي المحور الأول من الندوة تحدث الدكتور محمد بن عبد الرحمن آل الشيح عن “مشكلات تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها على السياق الإندونيسي: وجهة نظر المعلم.”

وأضح الدكتور محمد إن ثمة صعوبات يتعرض لها تعليم اللغة العربية في إندونيسيا منها الصعوبات المتعلقة بالبيئة التعليمية التي تتمثل في ضغط الدروس في الجامعة، وعدم وجود بيئة عربية للتطبيق، ومحدودية عدد ساعات تدريس العربية في التعليم العام والتعليم الجامعي، ومحدودية الموارد المالية، وعدم الاهتمام بالعربية من قبل الحكومات المحلية والحكومة الرئيسية وغياب القرار السياسي، وكثرة عدد الطلاب في الفصل الواحد، غياب الفرص الوظيفية لخريجي اللغة العربية، وغياب الاحتكاك بالناطقين بالعربية.

وأضاف ومن هذه الصعوبات منها المتعلقة بالمنهج التعليمي التي تتمثل في غياب الوسائل التعليمية، وغياب الكتب المناسبة، وغياب المعاجم، وغياب الملحقات الصوتية لكتب تعليم اللغة، وغياب المعمل الحاسوبي، وضعف الكتب المستخدمة من حيث المحتوى والتصميم، والتركيز على القواعد وإغفال المهارات اللغوية، وغياب الكتب التعليمية المساعدة كالقصص وغيرها، غياب الترفيه في التعليم، والرتابة في المناهج، وكثافة المحتوى مع ضيق الوقت المخصص للعربية، التركيز على الحفظ والترديد وترك مهارات التفكير.

كما شرح الصعوبات المتتعلقة بالمتعلمين التي تنعكس في ضعف الدافعية، الخجل من الحديث بالعربية، تأثر الطلاب باللغة الأم، والفقر أو ضعف في المهارات الشفوية (الاستماع والكلام)، وتعلم العربية في مراحل التعليم المتأخرة –التعليم الجامعي وليس في التعليم العام-، تفاوت مستوى الدارسين في الفصل الواحد، والاتجاهات السلبية نحو تعلم العربية، وتفضيل اللغات الأجنبية على العربية، النقل من اللغة الأم، وغياب الدوافع النفعية، والتحرج من الأخطاء.

ومنها الصعوبات المتعلقة بالمعلمين التي تنعكس في قلة المدرسين المتخصصين، وضعف المعرفة بطرائق تعليم اللغات وطرق التدريس، وقلة المصادر المتخصصة، وعدم ممارسة العربية، وقلة الدورات والفرص التدريبية للمعلم، وضعف الطلاقة اللغوية لدى المعلمين، والتركيز على القواعد، تدريس العربية بالمالاوية، التدريس بطريقة رتيبة مملة.

وفي المحور الثاني من الندوة قدم الدكتور وائل على محمد السيد طرحه الموسوم بـ “اللغة العربية في إندونيسيا بين الواقع والمأمول” وقال فيه إن اللغة العربية تجد نفسها في إندونيسيا لأن هذا البلد الذي يعد أكبر كثافة سكانية للمسلمين في العالم  هو أكثر البلاد حبا للغة العربية وإقبالا لها. ولعل خير ما يأكد ذلك الاحتكاك اللغوي بين اللغة العربية واللغة الإندونيسية حيث أن اللغة الإندونيسية كانت تكتب بالحروف العربية وأن عددا غير قليل من الكلمات والعبارات الإندونيسية مقترضة من اللغة العربية.

إلى جانب ذلك فهناك مؤشرات أخرى تأكد حضور اللغة العربية في حياة الشعب الإندونيسي منها وجود الصحافة العربية (مجلة ألو إندونيسيا وموقع صحافي إندونيسيا اليوم نموذجا) والإذاعة العربية والبرامج التلفيزيونية التي تقدم دروس اللغة العربية. وأيضا المؤتمرات والندوات والاحتفالات والمسابقات المتعلقة باللغة العربية التي نسقتها المعاهد والمدارس والجامعات وشارك فيها متعلمو اللغة العربية ومعلموها وكل من يعتني بتعليمها وتعلمها ونشرها ودراستها.  وذلك إلى جانب الطلاب العائدين من الدراسة في الشرق الأوسط الذين لعبوا دورا كبيرا في نقل اللغة العربية من بيئتها الأصلية وبصورتها التي يعتاد عليها أبناؤها لغويا وثقافيا إلى البيئة الإندونيسية ليحاكيها متعلموها الإندونيسيون في التواصل بينهم.

ولكن رغم هذا الواقع الداعم لتعليم اللغة العربية وانتشارها في إندونيسيا إلا أن هناك بعض المشكلات التي لا تزال يتعرض لها الإندونيسيون في سعيهم إلى تعزيز مكانة اللغة العربية في بلدهم. من هذه المشكلات أن عملية تعليم اللغة العربية كثيرا ما يتم باللغة الإندونيسية واللغات المحلية وذلك يرجع إلى ضعف كفاءة المعلمين في الاتصال باللغة العربية وتدني مستواهم خاصة في التكلم والكتابة بها. ومنها أن الطلاب الذين يتخصصون في اللغة العربية يكتبون بحوثهم ودراساتهم عن اللغة العربية باللغة الإندونيسية. إلى جانب أنهم يميلون في إجراء دراستهم إلى الاستفادة من المراجع الإندونيسية أكثر من المراجع العربية مما يقلل احتكاكهم باللغة العربية الأمر الذي يؤدي بهم في نهاية المطاف إلى ضعف إجادتهم لها وجفافة تذوقهم بها.

في نهاية الندوة ناقش المشاركون ما طرحه المحاضران وتقدموا بأسئلة وتعليقات واستفسارات تدور حول المشكلات التي تعرضوا لها كمتعلمي اللغة العربية ومعلميها وباحثيها، منهم الذين كانوا يدرسون في الشرق الأوسط ويعلمون حاليا اللغة العربية، ومنهم العرب الذين يحضرون الماجسبير والدكتوراة حاليا في الجامعات الإندونيسية.

الجدير بالذكر أن هذه الندوة هي السادسة من سلسلة 12 ندوة بالموضوع ذاته (اللغة العربية في إندونيسيا: رؤية من الخارج) التي نسقتها الجامعات المختلفة في إندونيسيا بالتعاون مع اتحاد مدرسي اللغة العربية وذلك من ضمن البرامج الوطنية للاتحاد للاحتفاء لليوم العالمي للغة العربية هذا العام. والهدف الرئيسي من عقد الندوات بهذا الموضوع المشترك تحديد مشكلات تعليم اللغة العربية ودراستها في إندونيسيا من وجهة نظر الخبراء غير الإندونيسيين الذين كانت لديهم خبرات الاحتكاك بعالم اللغة العربية بإندونيسيا تعليميا ودراسيا وإداريا بشتى جوانبها ووضع خطة مستقبلية للتغلب عليها بإذن الله تعالى.

تعليقات
Loading...