كيف غير الحج من حياة مالكولم إكس ومحمد علي كلاي

0 171

مكة المكرمة، إندونيسيا اليوم – تداعب خيالات من لم يقم برحلة حج في السابق الكثير من التصورات الرومانسية التي تحفل بها طقوس ركن الإسلام الخامس، وفي هذا التصور الكثير من الحقيقة. فأغلبنا استمع إلى قصص من أهله وأصدقائه حول اللحظة الأولى التي رأوا فيها بيت الله الحرام والكعبة المشرفة، حتى أن أحدهم حدثنا عن إحساسه باهتزاز جسده وبرودة انتابت كل أطرافه عندما رأى الكعبة للمرة الأولى ثم أجهش في بكاء غسل نفسه وعقله وقلبه من كل ضغينة وغضب وأزال منه كل انهماكاته في هموم الدنيا وأحس بثقل جسمه يتطاير حتى أصبح خفيفاً كريشة تلف حول الحرم وتنظر إليه ولا تود أن تفارقه أبداً.

ولعلنا نسمع هذه القصص ويتخايل لنا أن ثقافتنا العربية والإسلامية هي التي غرست فينا هذا الحب العارم لبيت الله الحرام ولمسجد رسوله الكريم. ستجانب الحقيقة إن ظننت ذلك. فالكعبة مقصد لكل إنسان مهما كانت ثقافته الأساسية، فهناك من المسلمين ممن أدوا فريضة الحج وهم مسلمون جدد لم يمضوا في الدين الحنيف سوى أشهر أو سنوات قليلة. ولكن قصص الحج وتأثيره في حياة الأفراد لا تنتهي، بل تتجدد عاماً بعد آخر.

من قصص الحج التي نستذكرها هو ما حدث مع شخصيتين شكلت حياتهما ملامح حركة الحقوق المدنية للسود في أمريكا.

محمد علي كلاي الملاكم الأسطوري الذي هز العالم بقراراته وتصريحاته الجريئة ومواقفه الصارمة التي جاءت لتضع تياراً معاكساً لما هو سائد في مجملها. امتاز هذا الرجل بصلابة وثبات على الرأي وجرأة كبيرة في الإفصاح عما يظنه حقاً.

أما مالكولم إكس، فقد عاصر كلاي وأثّر فيه وفي تكوينه الفكري بشكل كبير حتى توطدت صلتهم الروحية إلى الدرجة التي جعلت المفاصل التاريخية ومفترقات الطرق في حياتهما تتشابه.

وإحدى العلامات الدالة في حياتي هذين الرجلين كانت أثناء رحلة حج قام بها كل منهما لوحده ليستكشف خلالها ما بين سطور تعالم الدين الإسلامي التي لم يكتشفوها في كتبه وتراثه.

ووصف مالكولم إكس ما رآه أثناء تأديته لمناسك الحج أنها كانت المرة الأولى التي يتعرف فيها على روابط الإيمان التي كانت بين المسلمين والتي أزالت كل الفروقات في لون البشرة والثقافة وغيرها وجعلت أي حاج مهما كان مكانه في الحياة المادية ينام ويأكل ويشرب ويجلس في ذات المكان مع أقوى الملوك والرؤساء والمسؤولين وكبار العلماء ورجال الدين”.

أما محمد علي كلاي فوصف الحج بأنه أجمل لحظات حياته وخصوصاً عندما وقف على جبل عرفات في يوم الحج الأكبر. وقال: “الروحانية التي سادت بين أكثر من مليون ونصف حاج لا توصف، جميعهم كان متضرعاً لله عز وجل أن يغفر لهم خطاياهم ويرحمهم برحمته الواسعة”.

فقد تعرّف كل منها في الحج على القيم الإسلامية السامية وهي تتمثل أمامهم عينيهما في التعامل مع الحجاج الذي قدموا من كل حدب وصوب، وفي التسامح والأخوة والتآزر والمحبة غير المشروطة بين المسلمين على اختلاف ألوانهم وأعراقهم وثقافاتهم.

ومثل كلاي ومالكولم إكس، للحجاج قصص لا حصر لها يحملونها معهم إلى حياتهم في بلدانهم كل عام، فللحج أثر لا ينمحي من حياة وسلوك وذكريات الإنسان.

مصدر المركز الإعلامي الإفتراضي
تعليقات
Loading...